Site icon IMLebanon

نقاش عربي لإنزال “المنار” عن “نايل سات”

 

كتب ناصر شرارة في صحيفة “الجمهورية”:

بعد إنزال فضائيتي «المنار» و«الميادين» عن القمر العربي الاصطناعي «عرب سات»، تشهد كواليس دول عربية اتصالات مع مصر المالكة للقمر الصناعي «نايل سات» وتداخلات من أجل إقناعها بإنزال القناتين عن هذا القمر.يسود داخل هذه الكواليس حتى الآن وفق معلومات «الجمهورية» خياران لطريقة تعامل «نايل سات» مع قناة «المنار»، وقد دار في شأنهما نقاش لاعتماد أحدهما:

الخيار الاول، تؤيده دول عربية خليجية ويدعو إلى إنزال فضائية «المنار» عن القمر «نايل سات»، كونها وفي مرتين على الأقل ارتكبت فعلة الذم والقَدْح ضد زعماء عرب.

الخيار الثاني، تشجعه مصر وتحاول من خلاله «تلطيف» طلب إنزال «المنار» عن قمر «نايل سات» بالاكتفاء في هذه المرحلة بتوجيه تنبيه الى القناة يذكّرها بأنّ مؤسسة «نايل سات» ستكون مضطرة لإنزالها عن قمرها في حال لم تتقيّد بنظامها الداخلي حول عدم التعرض الشخصي لرؤساء وزعماء الدول العربية المشاركة في رأسمالها وإنشائها.

وتفضّل القاهرة أن تنتهج شركة «نايل سات» مع «المنار» نهجاً مغايراً لذلك الذي اتخذته «عرب سات»، يتسِم من ناحية بأنه يتعاطف ويتفهّم ويساند أسباب الطلب العربي بخصوص حجب «المنار» عن قمرها، ولكن من ناحية ثانية يتسِم بمنح «المنار» فرصة أخيرة لكي تُصحّح أداءها الإعلامي تلافياً لتعرّضها لحجب بثّها على القمر الصناعي المصري.

ويؤكد رأي القاهرة أنّ المقصود بتغيير سلوك «المنار» الإعلامي، ليس تقييد حريتها في التعبير عن موقفها السياسي التي هي حرة فيه، بل يتعلق حصراً بالابتعاد عن النيل قدحاً وذماً برؤساء الدول العربية وملوكها وأمرائها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ النقاش بين القاهرة والدول العربية المطالبة بإنزال «المنار» و»الميادين» عن قمر «نايل سات»، لم يصِل الى لحظة نجاح ايّ من الطرفين في إقناع الآخر بوجهة نظره. وتفيد هذه المصادر أنه كحلّ وسط بين الطرفين تمّ ترحيل حسم هذه القضية الى اجتماع وزراء الخارجية العرب للبتّ فيه.

وبحسب هذه المصادر، فإنه ينتظر أن يكون ملف اتخاذ قرار إنزال «المنار» عن قمر «نايل سايت» من عدمه، مطروحاً خلال اسبوعين او ثلاثة أسابيع من الآن على طاولة اجتماع وزراء الخارجية العرب. ويسود تقدير بأنّ القرار سيصبّ على الأرجح في مصلحة خيار إنزال «المنار» و«الميادين» عن «نايل سات».

والسؤال الذي يطرح نفسه على هذا الصعيد، هو ما اذا كان قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب ملزماً لـ«نايل سات»؟

من المعروف أنّه من حق مجلس جامعة الدول العربية طلب وقف بثّ أيّ قناة فضائية على القمر الصناعي «عرب سات» من الناحية القانونية، لكون الشركة تملكها جامعة الدول العربية منذ إنشائها عام 1976. أمّا «نايل سات» فهي خاضعة للقوانين المصرية.

وعليه، فهي قانونياً ليست ملزمة تنفيذ قرارات الجامعة العربية او اجتماعات وزراء الخارجية العرب، كونها خاضعة للقوانين المصرية التي تنظّم شركات الاتصالات والمناطق الحرة.

ولكن هناك سابقة حصلت قبل نحو عامين تظهر أنّ «نايل سات» يتعامل مع قرارات وزراء الخارجية العربية بصفتها قرارات ملزمة. فآنذاك اتخذت الجامعة العربية قراراً طلبت فيه من «عرب سات» و»نايل سات» إنزال الفضائيات الرسمية السورية عن قمرهما.

ولكنّ القمر المصري الصناعي تأخّر عن تنفيذ قرار الجامعة العربية لشهرين، وتزامن التزامه به وتنفيذه مع اجتماع لوزراء الخارجية العربية أكّد قرار مجلس الجامعة. وقال أحد مسؤولي شركة «نايل سات» آنذاك: «إنّ وقف بثّ القنوات الرسمية السورية جاء تنفيذاً لتوصية اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا».

وتؤكد مصادر قريبة من القاهرة أنّ قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب سيكون مُلزماً لـ»نايل سات» تجاه إبقاء «المنار» على مدارها أو إنزالها عنه. وفي حال التحقت «نايل سات» بـ»عرب سات» لجهة حجب بثّ «المنار»، فسيُعرّض هذا الامر «حزب الله» لمشكلة تتعلق بطريقة إيصال صورته الاعلامية الى نسبة عالية من مشاهديه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

ولن يعوّضه في هذا المجال الانتقال الى البثّ عبر أقمار بديلة مثل القمرين الصناعيين الروسي والايراني، لأنّ تغطيتهما لا تشمل إلّا نسبة قليلة من مشاهدي المنطقة التي يهمّ الحزب أن يتفاعل إعلامياً معها. وتقول مصادر مختصة إنّ إنزال قناة «المنار» عن «نايل سايت» سيُخسرها نسبة 90 في المئة تقريباً من مشاهديها في المنطقة.

وسيكون حزب الله في هذه الحال معنياً بالبثّ عبر شعاع ترددات «نايل سات»، وليس عبرها مباشرة. وهذه عملية تمارسها قناة «العالم» الفضائية التابعة لإيران والموجهة الى شعوب الشرق الاوسط. لكن نجاح هذه الطريقة، بحسب مصادر خبيرة، يحتاج الى جهود فنية عالية المستوى وأيضاً لفترة غير قصيرة من الوقت.

الى ذلك، يملك حزب الله خيارات اخرى لتجاوز حجب صورته وحصرها في نطاق مساحة صغيرة من لبنان، وهي كلها تنطبق عليها مقولة إنها حرب أنصار اعلامية، حيث سيكون معنياً بالتعامل مع تقنية البثّ عبر الانترنت او القيام بالبثّ في كل دولة بمفردها وانطلاقاً منها، وهو امر غير عملي بالاضافة الى كونه مُكلفاً.

وأبعد من ذلك، فإنّ حجب صورة «حزب الله» الاعلامية يتمّ في توقيت سياسي يؤشّر للحزب إلى مخاطر أعمق من مجرّد ممارسة عقاب إعلامي، حيث أنّ مسار كبت صوته الإعلامي يتزامن مع محاولات إدراجه على لائحة الارهاب في سوريا، اضافة الى محاولات حصاره مالياً، وثالثاً حصاره سياسياً من خلال تفتيت إطار «٨ آذار» المعتبر الحاضن السياسي الجامع لبنانياً له.

في الأمس، ردّ الحزب على اغتيال اسرائيل سمير القنطار. وربما في جزء إضافي على اسبابه المعروفة للقيام بهذا الرد، تندرج في خصوصية توقيته رغبته بلفت نظر الشارع العربي اليه بصفته صوتاً في المعركة ضد اسرائيل يجب التضامن معه، وليس فقط مجرّد حزب يقاتل على محاور الأزمات العربية البينية.