واجه الاقتصاد اللبناني تحدّيات أساسية في العام 2015 أدّت في المحصلة إلى انعدام النمو، وتكبّد العديد من المؤسسات في قطاعات السياحة، العقار، والتجارة والاستثمارات خسائر جسيمة.
هذا في العام 2015، فماذا عن العام 2016؟
«اللواء» التقت نائب رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمّد لمع وسألته رأيه في أداء الاقتصاد في 2015 وعن الأسباب التي أدت إلى تراجع الاقتصاد خلال العام المذكور، وتالياً عن توقعاته للاقتصاد في 2016 وكان الحوار الآتي:
عن أداء الاقتصاد في 2015 قال لمع: واجه الاقتصاد العام الماضي تحديات كبرى محلية وإقليمية، فقدّم أداءً متواضعاً في كل قطاعاته الحقيقية، وكانت محصلة العام سلبية إذ أن النمو بلغ صفر في المئة.
ويتابع لمع: إن حجم المشاكل السياسية المحلية وتعطيل عمل المؤسسات الدستورية، إضافة إلى صعوبة الأوضاع الإقليمية أدّت جميعها إلى تشكيل عامل ضغط سلبي على الاقتصاد الذي دخل مرحلة عدم اليقين في ظل غياب أي أفق للحلول السياسية المحلية والإقليمية على حد سواء.
ويتابع نائب رئيس اتحاد الغرف اللبنانية: السياحة خسرت روّادها العرب، لا سيما الخليجيين منهم، والأسواق التجارية افتقدتهم أيضاً، والقطاع العقاري دخل مرحلة الركود مع غياب المستثمرين الخليجيين وإحجام المغتربين اللبنانيين عن الشراء بفعل الغموض السياسي في البلد. الاستثمارات الخارجية شحّت أو انعدمت وهو أمر طبيعي في بلد يشهد عدم استقرار سياسي، ويتلقى سياسياً وأمنياً واجتماعياً تبعات الأزمة الإقليمية، لا سيما منها تلك الواردة من سوريا، وأن أزمة النزوح السوري إلى لبنان خير دليل على حجم وعمق الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي واجهها لبنان في العام 2015.
ويضيف لمع في السياق عينه: باختصار المحصلة الاقتصادية في العام الماضي لم تكن جيدة، إلا أن هذا لا يعني أن الاقتصاد خسر شهيته على النمو. إن الاقتصاد اللبناني مرّ بفترات صعبة خلال الأزمات السياسية والأمنية، ونجح في مواجهتها، والتكيّف معها، أضف إلى ذلك أن أزمة 2015 لم تنل من أسس وركائز الاقتصاد اللبناني القائم على المبادرة الفردية، والابتكار والإبداع وحتى التحدّي. لذلك نرى أنه من الضروري نسيان العام الماضي والتحضير منذ الساعة لولوج العام الجديد بثقة وقوة وأمل.
وعن توقعاته لما سيكون عليه أداء الاقتصاد في العام 2016 يقول نائب رئيس اتحاد الغرف اللبنانية: من الصعب، أو من غير الموضوعية أن نرسم خلال الأيام الأولى سيناريو جازم ومؤكد لما سيكون عليه مسار الاقتصاد خلال هذا العام، نحن بحاجة إلى بعض الوقت كي نرسم مثل هذا المسار.
ويتابع: اقتصاد 2016 في مرحلة الانتظار ومرحلة الترقّب، انتظار المسار السياسي في البلاد، أي الوقوف على مدى التزام الأفرقاء السياسيين بإنجاز ملف التسويات السياسية الذي ظهرت أولى ملامحه في الأسابيع الأخيرة من العام 2015، لا سيما لناحية ملء الشغور الرئاسي وإعادة الانتاجية للمؤسسات الدستورية، وتحديداً إلى مؤسستي المجلس النيابي ومجلس الوزراء. وبهذه المناسبة نتمنى أن يسرع أهل السياسة في إنجاز هذه الاستحقاقات، وبأقرب وقت ممكن، وذلك لإراحة البلاد على كل الأصعدة، وفي مقدمها الاقتصاد.
ويقول لمع: بعد مرحلة الانتظار تأتي مرحلة الترقّب. الترقّب لمفاعيل التسويات السياسية التي يصبوا إليها كل اللبنانيين، بمعنى إذا أنجزت الاستحقاقات الدستورية فإن الاقتصاد سيكون بحاجة إلى فسحة من الوقت لرصد نتائج ما تمّ تحقيقه، لا سيما على المستوى الخارجي، إذ أن المستثمرين الخارجيين سيتريثون لبعض الوقت في اختبار مفاعيل القرارات السياسية المحلية قبل اتخاذ القرار بالعودة إلى لبنان.
ويتابع لمع: على العموم نحن في القطاع الخاص لم نصل يوماً إلى مرحلة اليأس، نحن متفائلون على الدوام لأن ثقتنا كبيرة وراسخة بمقومات وأساسيات الاقتصاد، وبقدرة اللبناني على التمايز والمواجهة والتكيّف مع أسوأ الأوضاع. نحن ننظر بأمل وبإيجابية إلى العام 2016، ونعوّل على حكمة القيادات السياسية وفي مقدمها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي لتجاوز «القطوع» السياسي الذي يعيشه لبنان منذ نحو السنة ونصف السنة، ونأمل بنهاية سعيدة ومبكرة لأزمة المؤسسات الدستورية تُعيد للبنان موقعه الرائد في المنطقة وللاقتصاد قوّته وعافيته.

