Site icon IMLebanon

معهد باسل فليحان: البلديات في لبنان تعاني بمعظمها ضعفا في أدائها المالي

basselfleihan-institure

اصدر معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي التابع لوزارة المال العدد الجديد من مجلته “السادسة”، وتمحور حول موضوع الإدارة المالية للبلديات، من خلال مساهمات لمجموعة من الباحثين، من مسؤولين حكوميين وخبراء في المنظمات الدولية وأكاديميين من لبنان والعالم العربي وفرنسا.

وشددت افتتاحية العدد على “تأثيرالممارسة المالية السليمة في أداء العمل البلدي من خلال تحسين القدرة على تخصيص الموارد بكفاءة، واستشراف الحاجات السكانية المتزايدة وتقدير الموارد ووضع الخطط الملائمة للاستجابة”. وأبرزت أن “حسن التخطيط والإدارة المالية الشفافة يساهمان في تعزيز المشاركة المجتمعية والمساءلة الديمقراطية والحد من الفساد، فضلا عن إرساء قاعدة مالية متينة لضمان توفير الخدمات على نحو مستدام”.

وأشارت إلى أن “التحدي الأول يتلخص بالعمل على تحسين إدارة الموارد، وتحسين الجباية بما فيها إدارة أملاكها على نحو أفضل، والتفكير بمصادر تمويل جديدة، بالإضافة إلى البحث عن وسائل تُشرك القطاع الخاص في تمويل الخدمات العامة المحلية. أما التحدي الثاني فيتعلّق بقدرة البلديات على وضع السياسات الخدماتية وتأدية دور المنسق والمحاور بين مكونات المجتمع المحلي ومع المؤسسات الدولية للتوصل إلى تحديد الأولويات التنموية وترتيبها”.

وأشارت الإفتتاحية إلى “البلديات في لبنان تعاني بمعظمها ضعفا في أدائها المالي كما برز من خلال تجربة معهد باسل فليحان المالي، حيث تبين أن القدرات المؤسسية لا تزال محدودة في كل جوانب الإدارة المالية، يضاف إليها الضعف في الجباية وقلة التنوع في الإيرادات، وعدم وضوح الأنظمة الداخلية وتوزع الصلاحيات ومستوى الكفاءة المتوافر لدى الموظفين. وتشكل المقيّدات الإدارية والمالية لا سيما عدم انتظام دفعات الصندوق البلدي المستقل وسواه من المستحقات عاملا أساسيا في تراجع دور البلديات في خدمة المجتمع والتخطيط الإنمائي وقد تعاظم هذا التراجع مع تفاقم أزمة النزوح السوري. والمعروف أن لهذه الأزمة تداعيات غير مسبوقة على قدرة السلطات المحلية في تأمين الخدمة الأساسية للسكان المحليين والنازحين على السواء وعلى تعبئة نظم الإسناد القائمة لدعم الأفراد والأسر والمجموعات المهمشة، كما وتسوية النزاعات والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي”.

وتضمن العدد ستة أوراق بحثية عن لبنان وثلاثة تجارب من المنطقة والعالم إضافة إلى دراستين وعرضين لكتابين.

لو غوديس

وتناول البحث الأول تأثيرات النزوح السوري في لبنان وشعبه. وفي ورقتها البحثية المعنونة “بناء قدرات البلديات المتضرّرة على مجابهة مخاطر تأثيرات الأزمة السورية”، ورأت مارينا لوغوديس، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في لبنان، أن البلديات واتحاداتها تشكل نقطة تدخل أساسية من أجل توفير الخدمات ومساعدة المجتمعات المحلية على الإفادة من فرصة المساعدات الدولية على نحو أكثر فاعلية، وتحويلها نحو الأهداف الأشمل للتنمية المستدامة. وأشارت إلى أن “خطة لبنان للاستجابة للأزمة تظهر أن 140,8 مليون دولار أميركي قد جرى إنفاقها في مجال الاستقرار الاجتماعي من خلال دعم قدرات البلديات على الاستجابة للأزمة”، علما أن “مجموع التمويل المطلوب بموجب هذه الخطة هو 2,14 مليار دولار أميركي، منها مبلغ 724 مليون دولار أميركي مخصصة حصرا لبرامج تحقيق الاستقرار”. وأوضحت أن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي استثمر منذ عام 2013 نحو 55 مليون دولار أميركي على مستوى البلديات من خلال برنامج دعم المجتمعات المحلية المضيفة في لبنان وذلك بالاشتراك مع وزارة الشؤون الاجتماعية”.

البتلوني
أما الخبير في الشؤون البلدية والمدير العام لشركة “أفكار مؤسسية مبتكرة” محمود البتلوني، فنشر ورقة بحثية بعنوان “تطوير القدرات الإدارية والمالية للبلديات: تجربة جامعة ولاية نيويورك – ألباني”، عرض فيها لبعض المشكلات التي لا تزال تعترض تطوير الإدارة المالية للبلديات مقدما اقتراحات في هذا الشأن، وذلك في إطار تقويم تجربة تحديث الإدارة المالية للبلديات في لبنان بين عامي 1998 و2010 التي استفادت منها 766 بلدية. وأوضح البتلوني الذي كان سابقا مدير مكتب جامعة ولاية نيويورك – ألباني في لبنان، أن “الرسوم على القيمة التأجيرية للسكن وغير السكن تشكل ما يقارب ال 60 في المئة من قيمة الرسوم المباشرة كافة التي تجبيها البلديات”. وشدد على أن “اقتراح إلغاء بعض الرسوم لضآلة وارداتها يتجاهل أهمية هذه الرسوم ويشرع الباب أمام الفوضى الإدارية والتنظيمية”.

دارة
وفي ورقة بحثية بعنوان “تمويل العمل البلدي في لبنان: بين تباطؤ الدولة ومحدودية قدرة البلديات ودور الجهات المانحة”، تناولت المستشارة في شؤون إدارة المالية العامة كوثر دارة موضوع تمويل البلديات، وخصوصا لناحية المصادر الحالية المتاحة. وشددت دارة على ضرورة “تعزيز الشفافية المالية للبلديات عبر جمع ونشر الموازنات وقطع حساب البلديات، إذ لا توجد موازنات أو قطع حساب منشور سواء على الصعيد البلدي الفردي أو على صعيد إجمالي بلديات لبنان”. ورأت أن “على الحكومة المركزية أن تجد حوافز للبلديات لتحسين الجباية على المستوى المحلي”، مقترحة “استحداث آلية للتنسيق بين الجهات المانحة التي تقوم بمشاريع مشتركة مع البلديات، ووضع تقارير حول المشاريع المنفذة كافة التي يمكن أن تؤثر في السياسات العامة للحكومة”. وإذ رأت أن “تنوع مصادر الدخل هو بلا شك ضروري جدا ليتيح للبلديات مرونة وتنوعا”، لاحظت أن “العدد الكبير للرسوم وصعوبة التحقق منها يخفف من فاعلية النظام الضريبي المحلي”.

وهبه
واستعرض معاون المدعي العام لدى ديوان المحاسبة بسام وهبه، في ورقة بحثية بعنوان “لمحة عامة حول إعداد الموازنة البلدية وآليات تنفيذها”، نصوص القوانين والأنظمة الراعية لعملية إعداد الموازنة وتنفيذها لناحية الواردات والنفقات والصلاحيات المالية للسلطتين التقريرية والتنفيذية في البلديات وبيان المراجع القابضة على زمام القرار المالي فيها وصولاً إلى الرقابة الإدارية والمالية. ورأى أن “البلديات تحتاج إلى اتخاذ تدابير جدية وقرارات جريئة، بغية تحسين إدارة شؤونها المالية، وذلك عن طريق رفع مستوى أداء الموظفين لديها، وملاحقة عمليات تحقق وتحصيل الضرائب والرسوم، وتفعيل العمل البلدي ووضعه في إطار تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.

معلوف
أما الدراسة الخامسة بعنوان “الشراء البلدي: فرصة لنمو المؤسسات المحلية” بقلم القاضي في ديوان المحاسبة إيلي معلوف، فتناولت واقع الشراء البلدي في لبنان ونظامه القانوني والممارسات المتبعة، وسعت لإظهار أهمية الشراء البلدي في تنمية المجتمع وفي حفز المؤسسات الصغيرة، وكوسيلة أساسية تتيح حسن استخدام الموارد، مسلطة الضوء على ما يشوب ممارسات الشراء البلدي، وعلى الثغر القانونية والمشكلات التي يتوجب تعديلها لتحسين إدارة عملية الشراء. ولاحظ معلوف في ورقته أن “البلديات لا تعطي أهمية لموضوع الشراء العام ولا تنظر إليه كأداة استراتيجية لتحقيق التنمية، بل هو في نظرها إنفاق عادي (…) فلا خطة تسبقه ولا ترتيب أو تقرير يلحقه، ولا قصد يتجاوز الحيّز الحصري للصفقة لتحقيق تنمية في مؤسسات صغيرة أو تحقيق نفع بيئي واجتماعي”. وأشار إلى أن “طريقة التعاقد بالفاتورة هي الطريقة الشائعة لدى البلديات لكنها تترافق في الواقع مع ممارسة مخالفة للقانون، إذ يتم عقد النفقة بطريقة تشبه سلفات الموازنة لكن من دون التقيد بأحكام وشروط سلفات الموازنة”.

معراوي
وفي ورقة بحثية بعنوان “الأملاك البلدية بين التحديات والفرص المتاحة”، عرض المدير العام للشؤون العقارية والمساحة في وزارة المال جورج معراوي، لأهمية الأملاك البلدية والصلاحيات التي يجيزها القانون للبلديات في التصرف بأملاكها. وقدمت الورقة بعض الإحصاءات المتوافرة حول حجم الأملاك البلدية الخاصة وأنواعها وحول المشاعات الواقعة في نطاقها، ثم تتوقف أمام أبرز الاستخدامات الحالية لأملاك البلدية والثغر. وأشار معراوي إلى أن “الأملاك البلدية تعد اليوم مصدرا مهما من مصادر إيرادات البلدية وأداة أساسية في تحقيق الغايات الاجتماعية والثقافية والتنموية على المستوى المحلي”. وأفاد بأن “مديرية الشؤون العقارية والمساحة في وزارة المال تؤدي دورا مهما في موضوع إدارة البلديات لأملاكها إذ إنها تشكل مصدرا رئيسيا لتوفير المعلومات حول الأملاك البلدية”. واشار إلى “وجود مبادرات عدة يمكن القيام بها على صعيد مديرية الشؤون العقارية والمساحة، ولا سيما لجهة تحسين المعلومات المتاحة لدى البلديات حول ممتلكاتها ولشرعنة وتحديد هذه الممتلكات”.

معاصري
وفي باب الدراسات، دراسة بعنوان “الدور الفني والمالي للبلديات في البنية التحتية المستدامة في قطاع النفايات المنزلية الصلبة” بقلم الخبير البيئي راجي معاصري، نصح فيها “بأن يكون الكنس والجمع والفرز من المصدر على نطاق البلديات أما المعالجة فعلى نطاق الاتحادات والمحافظات والأقضية، في حين يكون الطمر تحت رقابة الحكومة المركزية”، وشدد على ضرورة “بناء قدرات البلديات في إعداد المناقصات العامة وفي إدارة موازناتها ونظام المحاسبة من خلال برنامج تدريبي شامل ووضع عينات من دفاتر الشروط والعقود النموذجية كقاعدة استرشادية وإطار تنظيمي إداري ومالي عام”.

سماحة
أما الدراسة الثانية فهي بعنوان “السلطات العامة وتحديات العشوائيات الحضرية في لبنان – طرابلس نموذجا ” للباحث الاقتصادي والخبير في التنمية المدنية ميشال أ. سماحة، ورأى فيها أن “أي عملية إصلاح عميقة للدولة ولإدارتها لا بد لها من أن تتطرق إلى التنظيم المدني وإدارة الأراضي بالمعنى التنموي الاستراتيجي وبالمعنى المالي والضريبي كذلك”. وأشار إلى أن “النسبة الكبرى من الإنفاق البلدي تذهب إلى صيانة البنى التحتية والطرق وما شابهها. والحال هذه، فإذا ما وجدت هذه الاستثمارات فهي تأتي ضمن منطق الاستثمار في البنى التحتية الحضرية أو المدينية، ولا علاقة لها في الاستثمار في المناطق الحضرية والتنمية الحضرية”.

تجارب من العالم
في باب تجارب من العالم، تضمن العدد ثلاثة أوراق بحثية، الأولى لنائب مدير جامعة بوضياف الجزائرية للبحث العلمي علي دبي، بعنوان “أهمية تطوير استراتيجية مالية للبلديات لمواجهة عجز الموازنة: تصور وآفاق للحالة الجزائرية”، تناولت وضعية البلديات التي تنفذ أنشطة متعددة لخدمة المجتمع لكنها تعجز عن تسديد نفقاتها، وتشرح دور الاستراتيجية المالية في تجنب الوقوع في العجز المالي.

وفي ورقة عنوانها “الاستقلال المالي للجماعات الترابية في المغرب: بين المكتسبات وتحديات التدبير الحر”، عالجت عضو لجنة الخبراء في الإدارة العامة لدى الأمم المتحدة نجاة زروق مسألة تطور عملية نقل السلطات والمسؤوليات والصلاحيات للجماعات الترابية في المغرب.

أما الورقة البحثية الأخيرة فهي المدير العام للمركز الوطني الفرنسي لتدريب موظفي السلطات المحلية فنسان بوتيي، وعنوانها “اللامركزية وتأثيرها في أوضاع الوظيفة العامة المحلية في فرنسا”، وقد تناولت كيفية إعادة توزيع الوظائف العامة وآليات التوظيف والسياسات المتبعة في معدلات الرواتب والأجور، فضلا عن الموارد البشرية.

كتابان
أما الجزء الأخير من المجلة، فتضمن عرضا لكتابين، الأول عنوانه “هل تعني اللامركزية المزيد من الديمقراطية والحكم الرشيد حتما؟” لميريلي كرندل، أعده المستشار الإقليمي في الإسكوا الباحث أديب نعمه، والثاني بعنوان “تخطيط التنمية الاقتصادية المحلية: النظرية والممارسة” لنانسي غرين ليي وإدوارد ج بليكلي، راجعته الباحثة الإقتصادية يولاند بطل.

تجدر الإشارة إلى أن هذا العدد متوافر في المكتبة المالية التابعة للمعهد، وعلى موقعه الإلكتروني:www.institutdesfinances.gov.lb .