Site icon IMLebanon

إطلاق سماحة تفصيل في مشهد إذعان 14 آذار! (بقلم طوني أبي نجم)

 

كتب طوني أبي نجم: قرار محكمة التمييز العسكرية إطلاح سراح الإرهابي ميشال سماحة ليس قرارًا عابرًا على الإطلاق. فهذا القرار يشكل على الأقل بداية انقلاب شامل سياسيًا وقانونيًا توازي في مفاعليها غزوة 7 أيار على بيروت والجبل.

صحيح أن الحكم لم يصدر في قضية ميشال سماحة التي ستستمرّ الجلسات فيها، لكنّ حكم محكمة التمييز في طلب إطلاق سراحه بكفالة مالية جعل جريمة ميشال سماحة أشبه بجريمة شيك بلا رصيد في دولة مفلسة!

لسنا في وارد مناقشة التفاصيل القانونية للقرار الصادر عن محكمة التمييز العسكرية، لأن الاجتهادات القانونية لا تنتهي في هذا الإطار. لكن الجانب السياسي في خلفيات الحكم هو الأخطر من دون أدنى شك. فمنطق إخلاء السبيل يقوم على قاعدة أن المتهم المطلوب إخلاء سبيله لا يمكن أن يشكل خطرًا على المجتمع، ولا يمكنه أن يهرب من المحاكمة. وهذا الخطران في وضع ميشال سماحة قائمان بامتياز، فجريمة سماحة الإرهابية في التخطيط والتحضير والتجنيد لعمليات تفجير إرهابية يمكنها أن تتجدّد في أي لحظة، وخصوصًا أن سماحة أعلن بنفسه أنه عائد الى نشاطاته السياسية، وهو اعتبر أن فترة سجنه شكلت جزءًا من نشاطه السياسي، وطبعا إرضاءً لسيّده بشار الأسد حين كان يحضّر للتفجيرات في لبنان!

أما بالنسبة الى الهرب من لبنان، فيكفي التأكيد أن أي جهاز أمني لن يستطيع منع ميشال سماحة من عبور المصنع باتجاه دمشق ساعة يشاء، سواء بقي فيها أو انتقل منها الى بلاد الله الواسعة!

لا بل إن السؤال المطروح اليوم بقوة هو: ماذا إذا قرّرت المحكمة العكسرية او اي محكمة أخرى إعادة توقيف ميشال سماحة، وخصوصا في حال تمّ الحكم عليه؟ أي جهاز أمني سيجرؤ بعد اليوم على إعادة توقيف سماحة؟

هذا على الصعيد القضائي، أما على الصعيد السياسي فحدّث ولا حرج. لولا شجاعة وجرأة وإقدام اللواء الشهيد وسام الحسن وبقيادة اللواء أشرف ريفي لما كان تمّ اعتقال ميشال سماحة في آب الـ2012. جميل السيّد حين طُلب بموجب مذكرة قضائية أصدرها المدعي العام السابق القاضي سعيد ميرزا، أمّن “حزب الله” مواكبة له من مطار رفيق الحريري الذي اجتاحه بعراضته المسلحة، فمنع توقيفه. اليوم ميشال سماحة بات في عهدة “حزب الله” وليس في عهدة الدولة اللبنانية.

أما في السياسة، فمن أخرج ميشال سماحة من سجنه ليس محكمة التمييز العسكرية، وليس “حزب الله” حتمًا. ففي آب الـ2012 كان “حزب الله” أقوى مما هو عليه اليوم. لكن اليوم 14 آذار انهارت، تفككت، تحللت، وباتت بقاياها أشبه بأطلال متداعية تروي قصة رومانسية عن “ثورة أرز” لم يبق منها سوى الذكرى وبعض البيانات والتغريدات.

لو حكمت 14 آذار البلد في الـ2005 وأعادت تأهيل كل الأجهزة الأمنية ونظفتها مما زرعته مرحلة الوصاية السورية، لما كانت اليوم ثمة محكمة عسكرية تجرؤ على اتخاذ مثل هكذا قرار، ولما كان أساسًا ميشال سماحة او غيره يجرؤ على نقل متفجرات عبر الحدود من دون أن يخضع للتفتيش والتوقيف فوراً.

لو حكمت 14 آذار برجال دولة وليس برجال أعمال جبناء لكان كل من يتعامل مع بشار الأسد ونظامه ضد مصلحة لبنان في السجون. ولو أوصلت 14 آذار الرجل المناسب الى المكان المناسب في الحكم لما كان “حزب الله” حتى اليوم دويلة ضمن الدولة… لا بل أقوى منها.

وكأن 14 آذار لم يكن ينقصها سوى ما نشهده من تنافس لإيصال أحد مرشحي 8 آذار سليمان فرنجية وميشال عون الى رئاسة الجمهورية، لتعلن على الملء أنها سلّمت البلد عمليًا لمحور إيران- بشار الأسد- “حزب الله”… وبالتالي يصبح قرار إطلاق سراح ميشال سماحة تفصيلاً صغيرًا في مشهد إذعان 14 آذار وتسليمها لسيطرة الوصاية مجدداً وبالكامل على لبنان!