أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى ان النزيف الوطني، المتأتي من فقدان الولاء للوطن، ومن إعطاء الأولوية للمصالح الخاصة والفئوية والمذهبية على حساب الخير العام، والمتأتي من دوام مخالفة الدستور والقوانين والواجبات، وفي رأسها عدم انتخاب رئيس للجمهورية، يؤدي إلى انحلال المؤسسات الدستورية، وانتشار الفوضى في التصرفات والمواقف التي تستبيح انتهاك سيادة الدولة وسيادة الدول الأخرى، ولاسيما الصديقة منها. كل هذه الأمور تؤدي إلى هدم الدولة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي. إننا نقدر جهود الإرادات الطيبة التي تعمل على وقف النزيف الوطني، وعلى ترميم العلاقات مع الدول الصديقة في محيطنا العربي.
الراعي، وخلال عظة الأحد، قال: “إن النزيف الاقتصادي يؤدي إلى حالة الفقر والحرمان، وإلى موت سعادة الحياة الزوجية والعائلية، وموت الطاقات البشرية المحرومة من الوسائل التي تمكنها من تحقيق ذاتها. وعلى المستوى العام، الفساد في الوزارات الإدارات العامة، وسلب المال العام، وتعطيل الحياة الاقتصادية يؤدي إلى موت النمو الاجتماعي، وفرص العمل، وإفقار المواطنين وإقحامهم على الهجرة والكفر بوطنهم”.
أضاف: “كم آلمنا وجميع اللبنانيين مقتل الشاب المرحوم مرسيلينو ظاماطا ابن السادسة والعشرين من العمر، وقد طعنه بسكين في قلبه في ساحة ساسين، الأشرفية، مجرمان، واحد فلسطيني وواحد لبناني. هذه الحادثة المؤلمة والمدانة، التي حصلت منذ خمسة أيام، أعادت إلى أذهان اللبنانيين الجريمة الوحشية الأخرى، جريمة قتل المرحوم جورج الريف في بيروت وفي وضح النهار وعلى مرأى من سكان الحي. والقضاء يسير طريقه بشكل روتيني، وكأن هذه الجريمة وسابقتها تحتاجان إلى براهين. فبات المواطنون يشعرون بأن الدولة لا تحميهم، والمجرمون يعتبرون أن الساحة في إمرتهم ومقتل المواطنين مباح لهم ساعة يشاؤون وكيفما يشاؤون، طالما لا رادع لأحد، بل يحظى بتغطية سياسية ما. ومعلوم أن “العدل أساس الملك”. ولئن كانت عدالة الأرض متعثرة، فعدالة الله قائمة إلى الأبد، وما زال صوت الله يأمر: “لا تقتل!”، ويقول لكل قاتل ما قاله لقايين: “أين أخوك؟ إن دماءه تصرخ إلي” (تك4: 9 و11). وفي كل حال يجب على الدولة أن تحمي المواطنين من القتلة والمجرمين الذين يسرحون ويمرحون. ومن أجل هذه الغاية توليها القوانين حق إنزال العقوبة القصوى (راجع كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 2267)”.