Site icon IMLebanon

«ترينتي ميرور» تتحدّى التحوّل الرقمي وتطلق صحيفة ورقية

trinity-mirror

روبرت كوكسون

ترينتي ميرور، شركة النشر الصحافي، ستبدأ الأسبوع المُقبل محاولة جريئة لإقناع القرّاء الرقميين بالعودة إلى الصفحات المطبوعة.

إطلاقها لصحيفة “ذا نيو داي” (اليوم الجديد)، أول صحيفة قومية مستقلة جديدة في المملكة المتحدة منذ ثلاثة عقود، تتحدّى ركودا يشهده هذا القطاع في الأعوام الأخيرة.

سايمون فوكس، الرئيس التنفيذي لمجموعة ترينتي، قال إن أكثر من مليون شخص توقّفوا عن شراء الصحف في العامين الماضيين، إلا أن “عددا كبيرا منهم يُمكن إغراؤه بالعودة من خلال المُنتج المناسب”.

وأضاف: “إعادة إحياء الصحافة المطبوعة جزء أساسي من استراتيجيتنا، بالتوازي مع التحوّل الرقمي، وليس بالضرورة أن يكون هناك خيار بين الاثنين. الصحف يُمكن أن تعيش في العصر الرقمي إذا تم تصميمها لتقديم شيء مختلف”.

وستتم طباعة الصحيفة اليومية على ورق ذي جودة عالية وستُغطي الأخبار “بأسلوب ولهجة حديثة، تستهدف جمهورا واسعا من النساء والرجال الذين يريدون شيئا مختلفا عما هو متاح حالياً”.

في الأثناء، تتراجع كثير من شركات النشر عن الصحافة المطبوعة للتركيز على النمو الرقمي. وهذا الشهر أعلنت “إنديبندنت” إغلاق صحيفتها اليومية وصحيفة يوم الأحد، قائلة إنها ستُركّز على موقعها الإلكتروني.

وكانت “ترينتي ميرور” أيضاً تُعاني تراجعا في توزيع صحفها الإقليمية وكذلك صحيفتها القومية الرائدة “ديلي ميرور”.

وشددت شركة النشر على أن صحيفة “ذا نيو داي” لن تكون صحيفة شقيقة، أو نسخة مخففة من “ديلي ميرور”. وقالت إن الصحيفة الجديدة ستُقدّم الأخبار “بطريقة متفائلة جداً وستكون مُحايدة سياسياً”.

وقال فوكس إن الشركة أجرت بحثا أظهر أن كثيرا من الناس يكرهون “الانحياز السياسي القوي” للصحف البريطانية. ولصحيفة “ديلي ميرور” موقف واضح مؤيد لحزب العمال.

لكن فوكس قال إن إطلاق صحيفة “ذا نيو داي” لا تتأثر كثيراً بصحيفة “ديلي ميرور” نظراً لجمهورها المختلف.

وبسعر 50 قرشا، ستكون “ذا نيو داي” أرخص بواقع عشرة قروش من “ديلي ميرور”. وستُصبح ثاني أرخص صحيفة قومية في المملكة المتحدة، بعد صحيفة i التي تُباع بـ 40 قرشا – صحيفتا “لندن إيفنينج ستاندر” و”ميترو” مجانيتان. واشترت شركة جونستون برس هذا الشهر صحيفة i مقابل 24 مليون جنيه نقداً من رجليّ الأعمال الروسيين، ألكسندر وإيفجيني ليبيديف.

كولين موريسون، مستشار وسائل الإعلام والمسؤول التنفيذي السابق في القطاع، حذّر من أن السعر المنخفض للصحيفة الجديدة يُمكن أن يكون “مُدمّراً هيكلياً” لصناعة الصحف في المملكة المتحدة.

وقال: “هناك مصدر قلق من أن الإطلاق يُمكن أن يتسبب بحرب أسعار وتسريع الاتجاه الهبوطي في شارع الصحافة، حيث مكاتب الصحف القومية في وسط لندن”.

وعلى مدى العقد الماضي عانت شركات نشر الصحف البريطانية، بما في ذلك “جي.إم.جي” و”نيوز يو كيه” و”دي.إم.جي.تي”، انخفاضا كبيرا في توزيع الصحف المطبوعة لأن القرّاء تحوّلوا إلى الإنترنت. وتبيع الصحف البريطانية مجتمعة نحو سبعة ملايين نسخة مطبوعة يومياً، مقابل 13 مليون نسخة قبل عشرة أعوام.

في الوقت نفسه، حوّل المُعلنون أموالهم بعيداً عن الصحافة المطبوعة، ليتبعوا القرّاء إلى البدائل الرقمية المختلفة. وانخفض الإنفاق على إعلانات الصحف القومية بمقدار الثُلث عما كان عليه عام 2010، ليُصبح 880 مليون جنيه.

ولم تكشف “ترينتي ميرور” تكلفة إطلاق الصحيفة التي سيكون فيها فريق من 20 إلى 30 صحافيا.

وقال فوكس إن الصحيفة الجديدة ستستخدم البنية التحتية للطباعة والتوزيع القائمة في ترينتي ميرور. “إذا كنت تبدأ هذا دون موارد شركة نشر كبيرة، فسيكون عملية مُكلفة”. وأضاف: “نحن لا نراهن على جميع أموالنا فيما يتعلق بهذا الأمر”.

إيان ويتاكر، المحلل في شركة ليبيريوم، قال إن “ذا نيو داي” كانت تستهدف فيما يبدو أناسا من النوع الذي يقرأ “ميترو”، الصحيفة اليومية المجانية المتوافرة للركاب في المناطق الحضرية.

وأضاف: “السؤال هو ما إذا كانت الجماهير الشابة ستكون على استعداد لتغيير العادات وشراء صحيفة، بدلاً من الحصول عليها مجاناً”.

ويرى موريسون أن “ذا نيو داي” ستكون مُربحة في حال جذبت توزيعا يبلغ 300 ألف نسخة، لكنه قال إن إقناع الناس بالدفع مقابل الحصول على الصحيفة سيكون أمراً صعباً، وقد يتم في نهاية المطاف إغراء “ترينتي ميرور” لتحويل “ذا نيو داي” إلى صحيفة مجانية.

ويلاحظ موريسون أن اثنتين من الصحف البريطانية الأكثر نجاحاً من الناحية المالية هما “ميترو” و”إيفنينج ستاندر”.

في الوقت الحاضر على الأقل، “ترينتي ميرور” التي ارتفعت أسهمها 3.35 في المائة إلى 146.75 قرش يوم الإثنين، تُركّز على زيادة توزيع الصحيفة الجديدة المدفوع وليس إيراداتها من الإعلانات.

ويقول بعض المستثمرين إن تحسين أداء شركة نشر الأخبار بعد تولي فوكس أعلى منصب في عام 2012 كان كما لو أنه يمارس أعمال الحواة. فمنذ ذلك الحين ارتفعت أسهم “ترينتي” أكثر من ثلاثة أضعاف، بعد إصلاح فوكس استراتيجية الشركة وتخفيض ديونها.

وقاد فوكس العام الماضي عملية استحواذ “ترينتي ميرور” على “لوكال ويرلد”، وهي شركة نشر منافسة، مقابل 187.4 مليون جنيه في صفقة تستهدف إنشاء أكبر مجموعة صحف إقليمية في المملكة المتحدة.

وتنشر “ترينتي ميرور” أكثر من 150 صحيفة في أنحاء بريطانيا وإيرلندا، تراوح من “ديلي ميرور” وصحيفة “بيبول” القوميتين إلى صحف محلية من بينها “مانشستر إيفنينج نيوز”، و”بريستول بوست”، و”ليفربول إيكو”.

وفي السابق أمضى فوكس ست سنوات في منصب الرئيس التنفيذي لـ “إتش.إم.في”، حيث حاول تحسين الأوضاع في شركة التجزئة المعتلة. لكن المجموعة وقعت تحت الحراسة القضائية بعد خروجه بسنة.