Site icon IMLebanon

لهذه الأسباب تراجعت شعبية “المستقبل” في صيدا

كتب محد صالح في صحيفة “السفير”:

ثمة حسرة في عاصمة الجنوب صيدا هذه الايام على تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع المدينة وفعالياتها واهلها.

والواقع ان الحريرية السياسية قد استفادت في مرحلتها الأولى من تجربة الاحزاب التاريخية في صيدا، العقائدية منها والوطنية والاسلامية كما البيوتات الصيداوية السياسية العريقة. وشكل تقديم الخدمات للناس في صيدا منذ ما قبل الاجتياح الاسرائيلي العام 1982، المدماك الأول للتيار الحريري، وقد طالت تلك الخدمات مجالات التربية والتعليم ومساعدة المحتاجين والاستشفاء مع الرعاية الصحية وصولا الى التوظيف في المؤسسات الحريرية سواء في لبنان او السعودية وحيث كان للحريري اعمال وكذلك في عدد من مؤسسات الدولة اللبنانية (نموذج اوجيرو على سبيل المثال لا الحصر).

حافظ الوريث السياسي للحريرية الرئيس سعد الحريري ومعه عمته النائبة بهية الحريري والقيادة الحريرية للتيار في صيدا، على الارث الحريري، واستمر تقديم الخدمات لآلاف العائلات الصيداوية ممن كانوا يجدون أنفسهم منخرطين تلقائيا في “تيار المستقبل” في اي استحقاق سياسي أو انتخابي (نيابي وبلدي)، وهذا ما حصل في الانتخابات الاخيرة حيث حصدت الحريرية السياسية في صيدا مقعدَي النيابة والمجلس البلدي وباقي الجمعيات والهيئات.

ثمة سبب اضافي لانتعاش الحريرية السياسية بهذا الشكل في صيدا، كما في بيروت والمدن والمناطق السنية في لبنان، وهو الشعور الجامح لدى اهل السنة بضرورة تقديم الولاء للوريث السياسي للحريري.

وفي جردة حساب صيداوية يتبين ان “تيار المستقبل” في صيدا يعاني من مصاعب وعثرات وهو ليس على ما تشتهي قيادته، وذلك لان خدمة التوظيف المنتفخ، تحولت لاحقا الى توظيف سياسي وصارت اشبه ببطالة مقنعة.

فبعد مرور أحد عشر عاما على استشهاد رفيق الحريري وبعدما اصيبت مؤسسات الحريري بتعثر مالي، اضحى هذا التوظيف مشكلة وعبئا على اصحابه، لا بل يرتد سلبا على الحريري وعلى الموظف وعائلته، لا بل على المدينة كلها.

وتلفت مصادر صيداوية النظر الى “ان رأس القيادة السياسية لهذا التيار في المدينة يدرك أبعاد ما يحصل وتداعياته المستقبلية وانعكاساته على آلاف العائلات الصيداوية، ان لم تسارع الى لملمة تأثيراته الناتجة من احتمالات ما يتردد من تسريح قسري لجيش من الموظفين من ابناء صيدا في مؤسسات وشركات الحريري في السعودية ولبنان، وهم اصلا لم يقبضوا رواتبهم منذ نحو ستة اشهر ويعانون من ضائقة اقتصادية، وان هذا التيار بحاجة الى قيادة شعبية تنزل الى الشارع وتجول بين الناس وتستمع الى هواجسهم وأوجاعهم”.

في صيدا، هناك من يتحدث عن تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع المدينة وفعالياتها واهلها عندما كان يلتقي، في دارته في قريطم، العائلات الصيداوية والنخب المحسوبة على “التيار” في المدينة او المنضوية في اطار جمعيات وهيئات محلية، ويبحث معها في اوضاع المدينة..

هذه التجربة يفتقدها صيداويون كثيرون اليوم، وهم يؤكدون ان غياب الحريري طيلة هذه المدة عن لقاءاته الصيداوية أثَّر ايضا بشكل او بآخر على شعبية “المستقبل”، خصوصا ان اوضاع الصيداويين المحسوبين على “المستقبل” مرتبطة بشكل أو بآخر بأحوال سعد الحريري المالية!

وتؤكد المصادر “انه ليس مطلوبا فقط أن يمضي نائب المدينة “الويك اند” فيها ويجول على المشاريع التي تنفذها البلدية ويلتقي في مكتبه الوجوه نفسها منذ ست سنوات”.

وتخلص بالسؤال: “هل أن عودة الحريري الى بيروت وبدء العد العكسي لاستحقاق الانتخابات البلدية وهذه الفورة السعودية، ستعيد شد العصب وتحرك شارع “المستقبل” في صيدا وتساهم في اعادة استنهاضه من جديد؟”.

الواضح أن الحريري يدرك حجم أزمة تيار “المستقبل” في مدينة صيدا خصوصاً. وقد جاء اللقاء في بيت الوسط، أمس، مع فعاليات صيداوية وكوادر تيار “المستقبل”، بحضور النائبة بهية الحريري وبغياب الرئيس فؤاد السنيورة، في سياق استدراك هذه الأزمة. وقد وعد الرئيس الحريري الوفد بزيارة صيدا في أقرب وقت ممكن، من أجل الاطلاع عن كثب على أوضاعها ومشاكلها.