Site icon IMLebanon

العلاقات اللبنانية الخليجية تتصدّر اهتمام الفعاليات الاقتصادية


لا زالت قضية توتر العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي تتصدّر اهتمام الفاعليات والهيئات الاقتصادية لما لها من أثر مباشر على دينامية الاقتصاد اللبناني وعلى علاقاته التجارية الخارجية، من هنا ارتأت الهيئات تشكيل وفد اقتصادي للقيام بجولة على دول مجلس التعاون بغية البحث في تعزيز العلاقات المميزة التي طالما تكرّست على مدى العقود والسنوات الماضية.
تزايد الضغوط على الاقتصاد اللبناني، إن لجهة الفراغ الرئاسي والأزمة السياسية أو لجهة تداعيات الأزمة السورية وتزايد أعداد النازحين بشكل هائل، شكّل مادة دسمة تبني عليها وكالات التصنيف الدولية نظرتها المستقبلية والحالية للاقتصاد.
غير أن تقييم وكالتي موديز وستاندرد إند بورز S&P للإقتصاد اللبناني جاء مستقراً استناداً الى قدرة القطاع المصرفي اللبناني على جذب ودائع مالية كبيرة تلبي الحاجات التمويلية للدولة، لكنها حذّرت في الوقت عينه من استمرار الفراغ الرئاسي والأزمة السياسية لأن ذلك سيشكل عائقاً أمام النمو الاقتصادي.
ستاندرد أند بورز
حافظت وكالة التصنيف الدوليّة ستاندرد أند بورز (S&P) على التصنيف الطويل والقصير الأمد للديون السياديّة بالعملات الأجنبيّة والمحليّة للبنان عند «B» و«B-» بالتتالي، كما أبقت المستقبليّة الـ«سلبيّة» للبلاد.
وعزت الوكالة في تقريرها الوارد في النشرة الأسبوعية لبنك الاعتماد اللبناني قرارها هذا إلى قدرة القطاع المصرفي اللبناني على جذب الودائع بوتيرةٍ تلبّي الحاجات التمويليّة للدولة.
في التفاصيل، توقّعت وكالة التصنيف أن ترتفع ودائع الزبائن لدى المصارف اللبنانيّة بأكثر من ٤% خلال العام ٢٠١٦، مشكّلةً مصدراً مهماً لتمويل حاجات الحكومة اللبنانيّة (حوالى ٢٦٪ من الناتج المحلّي الإجمالي) وحاجات الدولة الخارجيّة (٨٨٪ من الناتج المحلّي الإجمالي أو ١٤٧٪ من إيرادات الحساب الجاري) للعام المذكور. وكانت ودائع الزبائن لدى المصارف اللبنانيّة قد زادت بنسبة ٥٫٢٪ في العام ٢٠١٥ و ١١٫٥٪ في العام ٢٠١٠ قبل إندلاع الأزمة السوريّة. كما ذكر التقرير أنّ ثلثي الودائع معنون بالعملات الأجنبيّة وربعها ذات مصدرٍ خارجي. كذلك إعتبرت ستاندرد أند بورز التدفّق المستمرّ لتحويلات المغتربين إلى لبنان كمحرّكٍ رئيسيٍّ لنموّ الودائع، مشيرةً إلى أنّ معدّلات الفائدة المرتفعة على الودائع المعنونة بالليرة اللبنانيّة (حوالي ٦%) وتلك المعنونة بالدولار الأميركي (حوالي ٣%) قد ساهمت بشكل كبير في جذب تلك التدفّقات.
وبحسب التقرير، شكّلت تسليفات المصارف للقطاع العامّ حوالى ٢٠٪ من مجموع اصولها، في حين بلغت حصّة مصرف لبنان من سندات الخزينة اللبنانيّة ٣٧٪ كما في نهاية العام ٢٠١٥.
من منظارٍ آخر، لفتت الوكالة إلى الأثر السلبي لعددٍ من العوامل على تدفّق التحويلات إلى لبنان، وبالتالي على نموّ الودائع لدى المصارف، ومنها الحرب القائمة حاليّاً في سوريا المجاورة والآفاق الضبابيّة على الصعيد السياسي المحلي، إضافةً إلى تراجع الأداء الإقتصادي في مجلس التعاون الخليجي والتشنجات الأخيرة بين بعض دول المجلس ولبنان.
وقد علّقت ستاندرد أند بورز على الفراغ الرئاسي المستمرّ منذ أيّار ٢٠١٤ والتمديد لمجلس النوّاب الذي كان قد انتهت صلاحيّته في حزيران ٢٠١٣ وشلل الحكومة، الأمر الذي يشكّل عائقاً أمام النموّ الإقتصادي في لبنان.
بالأرقام، قدّرت الوكالة متوسّط نسبة النموّ الاقتصادي الحقيقي للبنان بحوالى ١٫٦٪ خلال الفترة الممتدّة بين العام ٢٠١٥ والعام ٢٠١٨، مقارنةً مع تقديرات سابقة لمتوسّط نسبة نموّ بحدود الـ٢٫٦٪ للفترة نفسها.
وقد حذّرت ستاندرد أند بورز أنّ أي إنكماشٍ ملحوظٍ في تدفّق الودائع إلى القطاع المصرفي اللبناني أو تراجعٍ كبيرٍ في احتياطات البلاد بالعملة الأجنبيّة أو تفاقم حدّة التوتّرات السياسيّة في البلاد قد يدفعها إلى تخفيض التصنيف السيادي للبنان.
في المقابل، ذكرت الوكالة انها قد تحسّن نظرتها المستقبليّة للبنان إلى «مستقرّة» في حال تمّ اعتماد إطارٍ تشريعيٍّ واضحٍ داعمٍ لتدفّق الرساميل إلى البلاد ومشجّع على استدامة الماليّة العامة.
موديز
من جهتها، أصدرت وكالة التصنيف الدولية موديز (Moody’s Investor Service) الأسبوع الماضي تقريراً سلّطت من خلاله الضوء على التداعيات المحتملة للإجراءات التي اتخذتها بعض دول مجلس التعاون الخليجي ضدّ لبنان على اقتصاد البلاد.
بالتفاصيل، فقد قامت كلّ من قطر والكويت والسعوديّة والإمارات العربيّة المتحدة في أواخر شهر شباط بتحذير رعاياها من السفر إلى لبنان وذلك في أعقاب سجالات دبلوماسيّة وقيام السعوديّة بتجميد هبة بقيمة ٤ مليار د.أ. كانت مرصودة للجيش والقوى الأمنيّة اللبنانيّة.
في هذا السياق، توقعت وكالة التصنيف الدوليّة بأن يكون لهذا القرار تأثير محدود على القطاع السياحي اللبناني، بحيث أنّ عدد السيّاح من دول مجلس التعاون الخليجي ضئيل أصلاً وقد انخفض بنسبة ٥٥٪ منذ العام ٢٠١١ بسبب الأوضاع الأمنيّة في لبنان وبسبب إغلاق الحدود البريّة التي تصل لبنان بالخليج عبر سوريّا.
بالأرقام، لفتت الوكالة إلى أنّ نسبة السيّاح من دول مجلس التعاون الخليجي (باستثناء عمّان) قد بلغت حوالي ١٫٦٪ فقط من إجمالي الوافدين إلى لبنان في العام ٢٠١٥ فيما كانت الحصّة الكبرى للمغتربين اللبنانيين (٤٢٪) والسيّاح العرب من خارج دول مجلس التعاون الخليجي (39٪).
كفالات
على صعيد التسليفات للقطاعات الانتاجية، فقد أظهرت إحصاءات شركة كفالات ارتفاعاً سنوياً بنسبة ٣٦٫٠٥٪ في عدد التسليفات الممنوحة من الشركة إلى ١١٧ لغاية شباط من العام ٢٠١٦، مقابل ٨٦ كفالة خلال الفترة من العام ٢٠١٥.
وقد زادت القيمة الإجمالية للقروض المكفولة من الشركة بنسبة ٧٠٫٦٠٪ على صعيدٍ سنوي إلى ٢٦٫٢٠ مليار ليرة لبنانية (١٧٫٣٦ مليون د.أ.)، مقارنةً مع ١٥٫٣٤ مليار ليرة لبنانية (١٠٫١٨ مليون د.أ.) في الفترة من العام ٢٠١٥. نتيجةً لذلك، تحسّن متوّسط قيمة الكفالة الواحدة بنسبة ٢٥٫٤٠٪ على أساسٍ سنويٍّ إلى حوالى ٢٢٣٫٧٠ مليون ليرة لبنانية (١٤٨٫٣٩ ألف د.أ.) لغاية شهر شباط من العام ٢٠١٦، من ١٧٨٫٤٠ مليون ليرة لبنانية (١١٨٫٣٤ ألف د.أ.) في الفترة من العام ٢٠١٥. وقد تركّزت النسبة الأكبر من التسليفات في قطاعي الزراعة (٤٦٫١٥٪) والصناعة (٣٥٫٠٤٪)، تلاهما قطاع السياحة (%١٣٫٦٨).