Site icon IMLebanon

تهديد “داعش” جدي!

 

 

كتب عباس الصباغ في صحيفة “النهار”:

أثبت تنظيم “داعش” قدرة غير عادية على التحكم والسيطرة عبر تنفيذ العمليات الإرهابية، وخصوصاً في القارة العجوز التي شكلت منذ بداية ما عرف بـ”الربيع العربي” المصدر الأساسي إلى جانب المغرب العربي لآلاف الارهابيين الذين يزعمون “الجهاد في أرض الشام”، وذلك في ظل دعم سياسي اوروبي وغربي لجماعات مستوردة إلى سوريا من أجل إسقاط نظام الأسد.

في خضم الإرهاب المتنقل أرسل “داعش” تهديداً إلى اللبنانيين ولا سيما المسيحيين، وأكمل سياسة التحريض على الجيش اللبناني في تكرار لما كان يواظب على قوله نواب وسياسيون في الشمال، ولكن هل تهديد “داعش” جدي؟

بعد تفجيرات بلجيكا يبدو ان التهديد الداعشي يؤخذ على محمل الجد، بدليل مسارعة وزير الداخلية نهاد المشنوق وسط هذا المشهد المقلق، ومن بريطانيا، إلى توجيه انتقادات غير مباشرة للقيمين على أمن المطار داعياً إلى معالجة الثغر الأمنية في مطار الرئيس رفيق الحريري نظرا إلى خطورتها، ومحذراً من ان تلك الثغر في المطار قد تكون بحجم الثغر التي كانت موجودة في مطار شرم الشيخ، وتسببت بتفجير الطائرة المدنية الروسية وإسقاطها في سيناء الخريف الفائت.

ويتقاطع كلام المشنوق مع تحذير بعض قادة الأجهزة الامنية من خلايا نائمة لـ”داعش”، وليس الاعلان عن توقيف شبه يومي لمنتمين او متعاونين مع التنظيم الإرهابي وآخرهم خمسة في سعدنايل سوى انعكاس لمدى الخطر الامني الذي يتهدد لبنان، عدا ان “داعش” يحصن مواقعه قبالة البلدات البقاعية وخصوصاً في جرود راس بعلبك، وكانت العملية الاستباقية الاخيرة للجيش في الجرود مؤشراً إلى عدم تراجع “داعش” عن اصراره على مهاجمة بلدات بقاعية، وقد حاول مراراً التسلل اليها، لكنه اصطدم بتصدي الجيش و”حزب الله” وشبان تلك البلدات.

ويؤكد مسؤولون ميدانيون ان الاوضاع في الجرود يجب ألا تبقى على ما هي، وبات الحديث عن معركة الجرود الثالثة جدياً لان “داعش” الذي طرد “جبهة النصرة” من معظم جرود عرسال والقلمون يحضر لعمل ما، خصوصاً اذا نجح الجيش السوري في استعادة تدمر وإقفال الطريق الى البادية قاطعاً خط الإمداد بين جرود عرسال ومهين وتدمر.

جهاديون أو إرهابيون؟

في الأعوام الثلاثة الاولى لعسكرة “الثورة السورية” أفاد بقايا “المجاهدون” الذين عرفوا بالعرب الأفغان من الدعم غير المباشر للمعارضات السورية، وسرعان ما شرعت تركيا حدودها أمامهم وسهلت انتقالهم من اوروبا والمغرب العربي والشيشان الى شمال سوريا، ومنها توزعوا على سائر المحافظات السورية وصولاً الى الحدود اللبنانية.

أفاد هؤلاء “الجهاديون” من الحرية الفائضة في اوروبا فحولوا معظم مساجدهم منابر لتجييش الشبان وغرروا ببعضهم من اجل الالتحاق بجبهات القتال ضد من يسمونه “الرافضة، او الخوارج المدعومين من ايران”، ولم يخطر ببال احد منهم ان فلسطين على مرمى حجر من سوريا، وفيها مساجد المسلمين مدنسة بالاحتلال المزمن، لا بل اختار بعض “الجهاديين” الانتقال من غزة وترك عائلاتهم واطفالهم عرضة للاعتداءات الاسرائيلية وتوجهوا الى حلب وحمص والشام لإسقاط “الطاغية”.

أوروبا اليوم تدفع ثمن مغالاتها في تسهيل انتقال “الجهاديين” هؤلاء الى سوريا، وقد عاد كثيرون منهم أدراجهم بعد التقدم الميداني للجيش السوري وحلفاؤه في اكثر من محافظة، وباتت أوروبا هدفاً لهم بعدما احتضنتهم وحولت معظمهم من مشردين ومتسكعين الى مواطنين أوروبيين يحظون بالرفاه والتقدمات الاجتماعية، فصوبوا أسلحتهم الى جيرانهم في باريس وبروكسيل وسواهما مهددين دولاً اوروبية أخرى. فهل يبقى لبنان في منأى عن الخطر “الداعشي”؟