Site icon IMLebanon

طرابلس تنتظر رئيس البنك الدولي بعد مبادرة الحريري لاحتواء أزمة الفقر

tripoli-6

رائد الخطيب

كشفت مصادر رفيعة المستوى لـ«المستقبل»، أن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، سيزور مع الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ورئيس البنك الاسلامي للتنمية أحمد محمد علي، مدينة طرابلس، المدينة الأفقر على حوض بحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار الكشف على أوضاع النازحين السوريين والمشاريع التي ينوي البنك الدولي تنفيذها من أجل التخفيف من أوضاع الفقر. فالفقراء في العاصمة الثانية يشكلون نحو 57 في المئة من تعداد السكان البالغ نحو 550 ألف نسمة، فيما تعدت نسبة البطالة الـ35 في المئة. علما أن طرابلس تحتاج الى توفير ما يقارب 2500 وظيفة الى 3000 سنويا فيما المتوافر اليوم اقل من 400 فرصة عمل، وهو ما يرفع تعداد العاطلين من العمل الى أعدادٍ مخيفة، خصوصاً في ضوء أزمة النازحين السوريين الذين يزيدون أوضاع العاصمة الثانية تأزماً.

وقالت مسؤولة برامج التنمية البشرية والفقر في البنك الدولي في لبنان، حنين السيد لـ»المستقبل»، إن كيم سيعرج في كلمته على اقتراح القانون الذي تقدم به النائب روبير الفاضل والرامي إلى إنشاء برنامج لإزالة الفقر والعوز المدقع في لبنان (افعال). ولفتت الى أن المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري، في دعم مشروع فاضل، «تُمأسس الاقتراح المذكور، والبنك الدولي يدعم بشدة ذلك«.

وكان الرئيس الحريري اعلن اول من امس من مجلس النواب بعد جلسة انتخاب الرئيس، انه «من مساوئ عدم انتخاب رئيس للجمهورية ما حل في الشمال وطرابلس التي تصدّرت قائمة أفقر مدينة على البحر الابيض المتوسط، ونحن ندعم المشروع الذي تقدم به النائب روبير فاضل لمحاربة الفقر وستكون لنا مبادرة معه قريباً«.

ولفتت السيد الى ان البنك الدولي «كان بدأ العمل على معالجة موضوع الفقر منذ العام 2009 كمرحلة تجريبية، ومن ثم تعاون مع وزير الصحة وائل أبو فاعور عند اطلاق المبادرة في تشرين الأول 2011. وتصل اسهامات البنك الى اليوم الى حدود الـ25 مليون دولار، وسندعم كل المشاريع التي ستحد من الفقر، ونحن في سعي لايجاد شركاء لمبادرتنا وقد وجدنا الكثيرين«.

وأشارت السيد الى أن «بعثة البنك الدولي تقوم بزيارات الى مدينة طرابلس، وهي تعمل على وضع تقرير حول أوضاع الفقر في العاصمة الثانية، بالاضافة الى الخطة التي ينبغي إطلاقها، من أجل التخفيف من الفقر، لكن ذلك لن يكون قبل أيار المقبل«. واوضحت أن أهم الاعمال التي يسعى اليها البنك اليوم هو مساعدة رئيسة المنطقة الاقتصادية ريا الحسن على تحديث الجدوى الاقتصادية للمشروع، مشيرة الى أن هذا الامر مع غيره من المشاريع البلدية سيكون له دور كبير في الحد من الفقر المستشري.

وقالت إن طرابلس تحتاج فعلياً الى فرص عمل، مع مستويات فقر تفوق الـ50 في المئة من عدد السكان، ونسبة بطالة تقترب من 40 في المئة. «لكن الأمر يتطلب فعلياً استثمارات مهمة لطرابلس، وهناك الكثير مما يساعد على الحد من هذه الحال«. وشددت على ان «التخطيط لا يكفي، بل نسعى الى تمويل المشاريع التي تحتاج الى مبالغ كبيرة.. والبنك الدولي سيساعد، علما ان هناك رزمة من المشاريع تقدمت بها وزارة المالية اللبنانية بالتعاون مع مختلف الوزرارات، لكل المناطق«.

وتوقعت السيد أن تكون القروض التي ستمنح للدولة اللبنانية، والتي من المتوقع أن يعلنها بان خلال زيارته التي بدأت بالامس، بما لا يقل عن مليار دولار بفوائد مخفضة وميسرة، من أجل أن يتخطى لبنان أزمة النازحين ويساعد المواطنين اللبنانيين.

ووفقاً لتقرير البنك الدولي الأخير عن أوضاع الفقر في لبنان، فقد بلغ معدل استهلاك الفرد في لبنان خلال 2011 ـ 2012 نحو 7788 الف ليرة في السنة. وتشير البيانات الى ان 27 في المئة من السكان في الـ2011 ـ 2012 كانوا من عداد الفقراء، ما يعني ان نحو مليون شخص لديهم مستوى استهلاك ادنى من خط الفقر السنوي، الذي تم تحديده بمعدل 4729 الف ليرة للفرد الواحد في السنة. وقد تبين ان عشرين في المئة من السكان الأكثر فقراً استهلكوا نحو 8 في المئة من الاستهلاك الاجمالي، بينما بلغ استهلاك العشرين في المئة الأكثر غنى نحو 40 في المئة.

على الصعيد الجغرافي، سجل التقرير اكبر عدد من الفقراء في مناطق جبل لبنان ولبنان الشمالي والبقاع والتي ضمت نحو 77 في المئة من مجموع الفقراء على الصعيد الوطني. أما المناطق التي ضمت اقل عدد من الفقراء فهي بيروت والنبطية: نحو 58 الى 59 الف شخص في كل منهما.

«أفعال»

وبالعودة الى اقتراح قانون «أفعال»، الذي قدمه الفاضل، فإنه يقضي بتوحيد التقديمات موضوع خدمات البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً بشراكة البنك الدولي مع المساهمة النقدية المشروطة.

وقد مرَّ الاقتراح المذكور، بمراحل تعديلات سواء في لجنة الصحة النيابية، أو في لجنة الشؤون الاجتماعية، كما تتم أيضاً الان مناقشته وتعديله في لجنة المال النيابية. وتذكر الأسباب الموجبة للمشروع، ان «دراسة، أعدت عام 2009، تظهر ان ثلاثمئة الف لبناني يعيشون تحت خط الفقر المدقع، أي بأقل من 2.4 دولارين للفرد في اليوم، وانهم لا يستطيعون سد حاجاتهم الأساسية لا سيما الغذائية. إلا أنه من المتوقع أن يكون هذا العدد ارتفع منذ ذلك التاريخ نتيجة الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعيشها المنطقة ويتأثر بها لبنان. وكان البنك الدولي قد طلب من وزارة الشؤون الاجتماعية منذ البداية وضعه في داتا بالحاجات من بنك المعلومات الموجود في وزارة الشؤون الاجتماعية والذي يحتوي على أسماء 350 الف شخص في لبنان أو ما يقارب الـ80 الف عائلة لبنانية. كما تبيّن ان مستوى التسرب المدرسي يفوق50 في المئة والبطالة تتعدى معدل 30 في المئة في المناطق الأكثر فقراً بما يهدد الأجيال الجديدة ويضاعف أسباب الفقر المدقع. وقد أثبتت أحداث السنتين الأخيرتين أن المناطق الأشد فقراً هي الأقل استقراراً وهي التي تشكل بيئة محفزة لمختلف أشكال العنف. فأضحت مسألة تفاقم الفقر وتداعياته تتجاوز الأبعاد الانسانية والمعيشية والاجتماعية بحيث اصبحت تشكل خطراً على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد. وبالتالي من الضروري أن تشكل قضية معالجة الفقر المدقع أولوية لعمل الدولة، بما يساعد العائلات اللبنانية التي تعيش دون خط الفقر المدقع على تحسين أوضاعها المعيشية من جهة، وتعزيز فرص تطورها المستقبلي من جهة ثانية«.

وسيعمل البرنامج وفقاً لآلية مطوّرة في لبنان بنيت بالارتكاز الى التجارب العالمية في هذا المجال مستفيدة ً من تطوّر تقنيات المعلومات والاتصالات، وهي ترتكز على نظام متعدّد المؤشرات التي تعبّر عن خصائص الأسر القابلة للقياس، والتي يمكن قياس دقتها عبر المشاهدة الميدانية. كما ان مساهمة البنك الدولي وسائر المانحين تنتهي مع إنجاز تأسيس البرنامج. ويتعيّن على الدولة تأمين الاستدامة توصلاً الى التخفيف من حدة الفقر ومنع الانزلاق الى حدود الكارثة الاجتماعية الحقيقية التي قد تهدّد الاستقرار العام. واشار الاقتراح الى انه من الضروري اضافة مساعدة نقدية مشروطة (تقدر الى الآن بـ150 دولاراً)، محفزة على التنمية الاجتماعية وتعزيز الإنتاج بهدف تحسين ظروف معيشة العائلات المصنفة في خانة الفقر المدقع وإلى إلزام المستفيد منها بتعليم أولاده القاصرين، وخضوعه لدورات تدريب مهنية تؤهله لإيجاد فرصة عمل، كما تدفعه الى تأدية خدمات ذات منفعة عامة. وقد استوحيت هذه المساعدة المشروطة النقدية من برامج اعتمدت في أكثر من 30 دولة ومنها البرازيل والمكسيك حيث أدت هذه البرامج الى تخفيض نسبة الفقر فيها بنسبة عالية.

إذاً، ومع عودة المبادرات الى العاصمة الثانية، التي هي في الحقيقة دفع الدولة الى أخذ دورها، التي تراجعت كثيراً وتراجعت معها وظائفها الإنتاجية، على صعيد الحرف والصناعة والتجارة، والخدمات عامة؛ فكأن المدينة سُلخت عنها وظائفها وأسباب وجودها، وبقي الهيكل العظمي قائماً، وليس أدل على المشهد مما اختصر الرئيس الحريري بكلمات «ومن مساوئ عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ما حل في الشمال وطرابلس التي تصدّرت قائمة أفقر مدينة على البحر الابيض المتوسط«، فهل هناك من يسمع وهل هناك من يصحح الخلل من الأعلى؟…