Site icon IMLebanon

4 أعوام على بدء مشروع مقدمي خدمات الكهرباء والنتيجة “على الأرض يا حكم”؟

 

سلوى بعلبكي

منذ انطلاقته “المتعسّرة” في نيسان 2012، لم يسلم مشروع مقدمي خدمات الكهرباء من الانتقادات والمطالبة بوقفه. الانتقادات استهدفت الكلفة الكبيرة للمشروع مقارنة بما تم انجازه، وما طلب الشركة الاستشارية “نيدز”، وكذلك المستشار القانوني لـ”الكهرباء” فايز الحاج شاهين انهاء العقد الموقع مع الشركات في موعده 28/8/2016 (بعد احتساب أشهر اضرابات المياومين في المؤسسة)، إلاّ دليل على ما يشوب أداء هذه الشركات. فماذا تقول الشركات عن عملها وما هو تقييم مؤسسة الكهرباء لها؟.

عندما فازت شركات مقدمي الخدمات بالعقود الرضائية بقيمة إجمالية بلغت 785 مليوناً و462 ألفاً و727 دولاراً على 4 سنوات، قيل ان المشروع سيحقق لمؤسسة الكهرباء وفراً بنحو 685 مليون دولار وسيخفف السرقات وسيحسّن الجباية. إلاّ أن الواقع وفق ما تؤكد مصادر متابعة للمشروع بيّن عكس ذلك تماماً إن لم نقل أن السرقات والتعديات زادت وتراجعت أعمال الجباية وانخفضت نسب التحصيل، في مقابل تراكم اعداد كبيرة من المعاملات غير المنجزة. ولكن التقارير المفصّلة التي أعدتها الشركات للدفاع عن نفسها والتي أرسلت نسخاً منها الى “النهار” بيّنت أنها تعمل وفق المطلوب منها رغم المعوّقات التي أوردتها وتتعلق غالبيتها بإضراب المياومين. فالمدير العام لشركة Bus فادي أبو جودة (المسؤولة عن المشروع من شمال بيروت الكبرى حتى الحدود الشمالية) يعتبر أن الانجازات التي حققتها الشركة في كل مسارات المشروع ما عدا مسار العدّادات الذكية، “ثورة في مجال قطاع توزيع الكهرباء وخدمات الزبائن”، فيما أكدت المديرة العامة لشركة NEUC كارلا عون (المنطقة الثالثة الممتدة من دائرة الشياح مروراً بدوائر جبل لبنان الجنوبي وصولاً إلى دوائر جنوب لبنان)، “أن انجازات الشركة والمُوثّقة بالأرقام والمستندات ذات قيمة كبيرة لمؤسسة الكهرباء وحققت لها أرباحاً ملحوظة”. أما المدير العام لشركة KVA ماهر عيتاني (بيروت الادارية ومحافظة البقاع) فأشار الى “أن جميع الاعمال التي تقوم شركته بتنفيذها يتم تسلّمها من المعنيين في “الكهرباء” بموجب المواصفات الفنيّة للعقد ووفق الأسعار الفردية التي تمت الموافقة عليها عند إرساء المناقصة، وقد تم تنفيذها بموجب دراسات وبمؤازرة من شركة كهرباء فرنسا الاستشاري لشركة KVA بحسب شروط العقد”.
والمعلوم أن مشروع مقدمي خدمات التوزيع هو من ضمن “ورقة سياسة قطاع الكهرباء” التي أقرها مجلس الوزراء في حزيران 2010. وقبل المباشرة بتنفيذه، عرضت ادارة مؤسسة الكهرباء كامل ملف المشروع، بما فيه الأسعار، على النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة وعلى هيئة التفتيش المركزي فلم يوردا اي ملاحظات تمنع المباشرة به. وقد تعرّض المشروع منذ انطلاقته في نيسان 2012 لـ”انتكاسات عدة” كان أهمها الاعتصامات المتكررة التي شهدتها مؤسسة الكهرباء من المياومين، “والتي أخّرت في البداية انطلاقته نحو 5 أشهر، مما أثر سلباً على سير العقد”، وجعل من الصعب جداً تطبيق مؤشرات الأداء (KPI’s) وتالياً أعاق إلى حد كبير الوصول الى الأهداف المنشودة للمشروع، وفق ما تقول مصادر مؤسسة الكهرباء.
والى اعتصامات المياومين، تضع مؤسسة الكهرباء اللوم على “عدم توافر الدعم السياسي الكافي للمشروع، وقد تجلّى ذلك في عدم المصادقة على قرارات مجلس الإدارة المتعلّقة به من المراجع المعنية، لا سيما مشروعي تلزيم الإشراف على التنفيذ وانشاء مركز التحكم بالعدادات الذكية من بعد AMICenter”. ورغم ذلك، لا تخفي المصادر عينها أن لديها ملاحظات عدة على المشروع، فهي “لم تتردد يوماً في توجيه الملاحظات اللازمة لهذه الشركات وفق ما ينص عليه دفتر الشروط الخاص في كل مرة كانت ترى أي شائبة في أدائها”.
ولكن بعد أربعة أعوام كيف تقيّم المؤسسة المشروع، وماذا لو تمّ فسخ العقد مع مقدمي الخدمات؟. تؤكد مصادر المؤسسة أن المشروع “يخضع حالياً لتقييم شامل مهني وتقني بكل موضوعية وشفافية بغية تحديد نجاحاته وإخفاقاته، وكذلك النتائج الإيجابية التي حققتها الشركات والأمور التي لم تنجزها، إضافة إلى معالجة نتائج الإضرابات التي حصلت وآثارها على المشروع. كما أن المؤسسة في صدد التعاقد مع استشاري لدرس النقاط الخلافية مع هذه الشركات من الناحيتين التعاقدية والفنية وإعداد التقييم المذكور وتقديم الاقتراحات المناسبة عن مستقبل المشروع. وعلى ضوء هذا التقييم سيتم تحديد الخطوات الآتية لما بعد انتهاء المشروع”.
وفيما يتردد أن تكاليف تأهيل المباني التابعة لمؤسسة الكهرباء التي تقوم به هذه الشركات خيالية، تؤكد مصادر “الكهرباء” أن الكلفة تشمل الى التأهيل أجور ثلاثة أشهر لعمال غبّ الطلب وجباة الإكراء الذين كانوا في المؤسسة، المعدات والسيارات وسائر التجهيزات، الأشغال المدنية، القرطاسية خلال فترة العقد. وتوضح أن “مشروع مقدمي خدمات التوزيع هو مشروع متكامل من جميع النواحي ولا سيما الناحية المالية، لذلك لا يمكن اجتزاء قسم محدد منه والبناء عليه وإنما تقييم كل مراحل المشروع”.
وللمزيد من التوضيح، تشير المصادر عينها الى أن الشركات “لم تقبض أي أموال قبل تنفيذ الأشغال المطلوبة منها، إذ يتم الدفع بناء على فواتير مقدمة من الشركات بعد التأكد من إنجاز الأشغال ومن احتساب مؤشرات الأداء من الاستشاري NEEDS والدوائر المختصة في المؤسسة”.

لماذا التأخير في تركيب العدادات الذكية؟
يتكون مشروع مقدمي الخدمات من المسارات الآتية: التعبئة، مسح الشبكة، دراسات وتخطيط، الإنشاءات، الصيانة والتشغيل، قراءة العدادات والجباية، خدمة الزبائن، نزع التعديات، العدادات الذكية. إذا سلّمنا أن الشركات تقوم على أكمل وجه بتنفيذ هذه المسارات، إلاّ أن المسار الأخير (العدادات الذكية) لا يزال عصياً على التنفيذ لأسباب عدة تبرّرها مصادر الكهرباء بـ”عدم موافقة المراجع المعنية على تلزيم مشروع انشاء مركز التحكم بالعدادات الذكية AMICenter ، علماً أنّ لهذا المركز دوراً أساسياً في مشروع العدادات الذكية، إضافة الى الإضرابات والاعتصامات”. إلاّ أنها استطردت بالقول أن “استكمال تنفيذ المشروع، ينتظر مسألة بت مستقبل شركات مقدمي الخدمات حيال التمديد لها أم عدمه بعد انتهاء عملية التقييم من الشركة الاستشارية، ذلك انه يحتاج الى نحو18 شهراً على الأقل لتنفيذه”. أما شركات مقدمي الخدمات فتعتبر كل منها أن العدادات التي قدمتها لإنجاز المشروع هي من أفضل العدادات العالمية وأحدثها، وانها في جهوزية كاملة للانطلاق في تركيبها.
واذا كانت هذه الشركات تعتبر أن ما انجزته لا يحتمل التأويل، فإن لبعضها انتقادات على بنود العقد. إذ يؤكد عيتاني (KVA) أنه “من الطبيعي حصول مشكلات عند تنفيذ أي مشروع، إلا أنه من غير الطبيعي عدم وجود آلية لحل المشكلات خصوصاً مع وجود دفتر شروط غير واضح ووجود بنود كثيرة تحتمل التأويلات والتفسيرات من الأطراف المختلفة، وقد أدى سوء التفسير والتطبيق لبنود العقد إلى التأخر بالدفع وإلى حسومات إعتباطية هائلة على المستحقات المتوجبة لـ KVA بما ساهم بـ”خربطة” البرامج التنفيذية ونفور المصارف من أي تمويل إضافي”. ولفت الى أن الشركة “طالبت منذ 2013 وعلى نحو متواصل، بضرورة وجود طرف ثالث محايد لابداء رأيه حيال التفسيرات والتأويلات التي يتضمنها دفتر الشروط وعن تحديد مدى تأثير المعوّقات الكبيرة التي واجهت المشروع منذ إنطلاقه على أداء الشركة”.
أما عون (NEUC) فتبدو أكثر مرونة، إذ أكدت أنه “إذا لم يتم التوصل إلى حلول فإن الشركة ستقوم بتسليم مؤسسة الكهرباء كامل الأشغال والخدمات والتصرف في شبكة التوزيع وفق ما ينص عليه العقد وما هو وارد في القوانين والأنظمة المرعية الإجراء”.
ولكن المسألة مع BUS أخذت منحى مختلفاً قد يصل الى التحكيم الدولي في حال تمّ فسخ العقد وفق ما صرح به رئيس مجلس ادارة “بوتك” نزار يونس التي تدير BUS، وهو ما أكده ايضاً أبو جودة الذي قال: “يحق لمؤسسة الكهرباء فسخ العقد وعندها يتوجب عليها تحمل المسؤولية القانونية لهذا الاجراء”، موضحاً أن العقد الموقع مع “الكهرباء” ينص على القيام بأشغال محددة، وأهمها المشاريع الاستثمارية لإعادة تأهيل الشبكة وتحديثها وتركيب العدادات الذكية. وطالما أن هذه الاشغال لم تنجز بالكامل فاننا مستمرون في عملنا”. وأكد أن شركته لا تطلب التجديد ولا التمديد، “فالعقد ينص على أن أي تأخير في أحد مسارات هذا المشروع، لأسباب خارجة عن إرادة مقدم الخدمات، يؤدي تلقائياً وحكماً إلى تمديد العمل لمدة يتفق عليها مقدم الخدمات”.
أما مصادر الكهرباء فردّت بالقول “إن العقد الموقع مع شركات مقدمي الخدمات ينتهي بتاريخ 28/8/2016 وفقاً لرأي المستشار القانوني للمؤسسة فايز الحاج شاهين، نظراً الى الفترة التي تأخر خلالها انطلاق المشروع بسبب الإضرابات التي شهدتها المؤسسة عام 2012. وقد طلبت المؤسسة من مستشارها القانوني إبداء رأيه في موضوع عدم إمكان فسخ العقد، وبناء عليه سيتم اتخاذ القرار المناسب والمتوافق مع القوانين والأنظمة المرعية الإجراء”.
وأشارت الى أنها “في صدد التعاقد مع استشاري للمساعدة في إدارة المشروع لمدة خمسة أشهر فقط أي المدة المتبقية من العقد لغاية 28/8/2016، وذلك بعد انتهاء العقد مع NEEDS بتاريخ 31/3/2016”.