Site icon IMLebanon

وقف الإستيراد من سوريا يدعم الإنتاج اللبناني؟

FoodMarketVegetables

لوسي بارسخيان

ارتفعت صرخة المزارعين اللبنانيين في الأيام الماضية جرّاء غزو المنتجات الزراعية السورية لأسواقنا اللبنانية. فطلب وزير الزراعة أكرم شهيب من الجمارك اللبنانية وقف إستيراد الخضار والفاكهة من منشأ سوري بشكل كامل، حتى نهاية شهر نيسان، على أن يُعاد ربط هذا الاستيراد في المرحلة المقبلة بالإجازات المسبقة.

قرار ربط إستيراد المنتجات الزراعية من سوريا بإجازات مسبقة ساري المفعول منذ أكثر من ستة أشهر، فيما يشرح شهيب لـ”المدن” أن وقف الإستيراد كلياً حتى نهاية نيسان كان ضرورياً لتأمين حماية منتجاتنا اللبنانية، من خلال تفعيل عمل جهاز الجمارك بمكافحة دخول الإنتاج المهرّب من سوريا عبر المعابر غير الشرعية. وهذا ما قيد البحث حالياً مع الجهات المعنية، علماً بأن ذلك قد يؤدي إلى ردة فعل معاكسة من خلال التضييق على بعض الإنتاج اللبناني المصدر إلى سوريا في مرحلة لاحقة”.

في المقابل يأمل المزارعون أن يسهم قرار شهيب في إعادة التوازن إلى الميزان التجاري بين البلدين، وخصوصاً بعد التراجعات الدراماتيكية في كمية الصادرات اللبنانية إلى سوريا، حيث بلغت 61 مليار و785 مليون ليرة في العام 2015، وفقاً للتقرير السنوي الصادر عن غرفة التجارة والصناعة والزراعة في البقاع، مقابل 104 مليار و949 مليون ليرة في سنة 2014 أي بتراجع قيمته 43 مليار و164 مليون ليرة لبنانية.

من جهته لا يتوقع رئيس “تعاونية مزارعي البطاطا” في البقاع جورج الصقر، أي تحسن في كمية هذه الصادرات إلى سوريا هذه السنة بسبب قيمة العملة السورية المتدنّية، والتي جعلت التاجر اللبناني غير متحمس لتصدير الإنتاج إلى سوريا، وبالتالي لا يعير أهمية كبرى لإمكانية أن ترد سوريا على القرار اللبناني بالتضييق على الإنتاج اللبناني في سوريا، آملا في حديث مع “المدن” بأن يسمح القرار بـ”دوزنة” كمية الإنتاج السوري الذي غزا أسواقنا بعد إقفال الأبواب البرية في وجهه في اتجاه الأردن والعراق، متسبباً بهذا الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، وخصوصا في المرحلة الحالية. فقد “صارت مواسم القاع وجبيل والجنوب جاهزة للحصاد، وهي قد لا تكون قادرة على الصمود في وجه الأصناف المشابهة التي أغرقت الأسواق اللبنانية”.

ولكن صقر كغيره من المزارعين، لا يعلق آمالاً كبيرة على القرار، خصوصاً أنه يرتبط بمرحلة قصيرة ستمتد حتى نهاية نيسان. فيما ثبت من التجربة وفق رئيس اتحاد المزارعين في البقاع إبرهيم الترشيشي، بأن الإجازة المسبقة لم تكن وسيلة ناجعة في الحد من التهريب المقونن عبر الحدود، والذي سمح بإدخال كميات وأصناف من الإنتاج تفوق الكميات المسموح بها في الإجازة، وأحياناً بمواصفات دون مستوى التي تتشدد سوريا في إدخالها إلى اراضيها.

بالنسبة إلى ترشيشي لا أهمية لقرار وزير الزراعة، إذا لم يترافق بوقف إجازات الإستيراد كلياً “ريثما يتم تصريف الإنتاج اللبناني المتوفر حالياً بشتى أنواعه. وهذا إجراء مسموح به بموجب إتفاقات التيسير العربية التي تتحدث عن حق الدول بمنع إغراق أسواقها بالمنتجات”. وخطوة الوزير، كما يقول ترشيشي لـ”المدن”، يجب أن “تستكمل خصوصاً بوقف إجازات إستيراد الألبان والأجبان من مصر، وبمكافحة الإنتاج المهرب في الأسواق اللبنانية، بالإضافة إلى حسن إدارة السياسات الزراعية ومساعدة المزراعين في تصدير إنتاجهم بالأسواق الخارجية، بدلاً من مواجهة المضاربات في الأسواق اللبنانية”.

إغراق السوق
تبدو الشكوى من التهريب القاسم المشترك بين القطاعات الزراعية في لبنان. فقبل أيام اعتصم منتجو البيض أمام وزارة الإقتصاد طلباً لحمايتهم، تلاه اعتصام منتجي الحليب في عكار والبقاع، شكا من مضاربة الحليب المهرب من سوريا ومن حليب البودرة، فيما الشكوى مستمرة من مزارعي الخضار والفاكهة من هجمة المهرب في الأسواق اللبنانية.

وفي هذا الإطار يشير أحد أصحاب المشاريع الزراعية الكبرى في البقاع بشار برو، لـ”المدن” إلى أن “كميات الجنارك الموجودة في السوق كلها إنتاج سوري، كما البندورة والخيار وغيرها من الخضار التي تسبق مواسمها إنتاج الساحل اللبناني وعكار والجنوب، بحيث تغرق الأسواق في هذه المرحلة، وعندما تصبح السوق السورية ضعيفة وآن الأوان لتتنفس أسواقنا، يبدأ حصاد مواسم البقاع الوافرة. وبالتالي يبقي المزارع في حالة ضيق إقتصادي”.

تجدر الإشارة إلى أن الخليج العربي والدول العربية يشكلان وجهة أساسية لتصريف الإنتاج البقاعي، إلا أنه بعد إغلاق المعابر البرية الأساسية التي تربط لبنان بهذه الدول، واجه الإنتاج اللبناني صعوبة كبيرة في الوصول إليها بحيث سجلت تراجعات هائلة في كمية الصادرات الزراعية العامة خلال السنة الماضية، فبلغت وفقاً لتقرير الصادرات المصادق عليها في غرفة التجارة، 210 مليار و145 مليون ليرة مقابل 309 مليارات و952 مليون ليرة عام 2014 اي بتراجع قيمته 99 ملياراً و807 ملايين.

يتنبّه وزير الزراعة إلى هذا الواقع، ويشير إلى أن الإجراءات التي إتخذت من خلال دعم الصادرات عبر مؤسسة “إيدال” وسداد فارق كلفة النقل عبر البحر، كانت لاستيعاب هذه الأزمة التي تبدو أكبر من إمكانات وزارة وحتى دولة تجد نفسها مكبلة اليدين أمام تداعيات الحرب الدائرة في المحيط.

التراجع بالأرقام
اللافت كان تراجع سوق السعودية التي ما زالت في طليعة البلدان المستوردة للإنتاج البقاعي، إذ بلغت قيمة الصادرات إليها 74 ملياراً و103 ملايين ليرة في سنة 2015، مقابل 136 ملياراً و443 مليون ليرة لبنانية، أي بتراجع قيمته 62 ملياراً و340 مليون ليرة لبنانية. بالإضافة إلى التراجعات في أسواق سوريا بقيمة 43 ملياراً و164 مليون ليرة لبنانية، والأردن التي بلغت الصادرات إليها 44 ملياراً و340 مليون ليرة في سنة 2015، مقابل 71 ملياراً و442 مليون ليرة لسنة 2014. وإلى العراق بلغت الصادرات 18 ملياراً و435 مليون ليرة، مقابل 37 ملياراً و194 مليون ليرة لسنة 2014، أي بتراجع قيمته 18 مليار و759 مليون ليرة.