Site icon IMLebanon

عن جميل السيّد وهوسه بأشرف ريفي (بقلم طوني أبي نجم)

 

كتب طوني أبي نجم:

ليس خافياً على أحد أن اللواء المتقاعد جميل السيد يعيش عقدة مركبة في حياته، واسمها اللواء أشرف ريفي.

يكاد لا يخلو أي تصريح للسيّد، أو مقابلة، أو حتى تغريدة، من ذكر اسم أشرف ريفي للتهجّم عليه.

ثمة من يقرأ الأمر من زاوية العلاقة الجدلية أو التنافسية التي عادة ما تكون موجودة بين الضبّاط والمسؤولين في الأجهزة الأمنية. فجميل السيد وصل الى مركز نائب مدير المخابرات في الجيش اللبناني، في عز الوصاية السورية على لبنان التي عادت وفرضت على الرئيس الأسبق إميل لحود تعيينه في منصب المدير العام للأمن العام الذي بقي للمسيحيين حتى بعد اتفاق “الطائف”، قبل أن تتم “مصادرته” مع تعيين السيّد.

واللافت كما هو معروف أن جميل السيّد كان أرفع ضابط لبناني في تركيبة النظام الأمني السوري- اللبناني، هذا النظام الذي حكم لبنان ما بين الـ1991 والـ2005 بيد من حديد وبإشراف مباشر من “والي عنجر”، أيام غازي كنعان ورستم غزالي.

في المقابل لا يتقبّل جميل السيّد أن يكون أشرف ريفي، الضابط الذي كان “منبوذاً” أيام الوصاية السورية بفعل ابتعاده عن “العمالة” لنظام الاحتلال الأسدي، وصل الى مركز المديرية العامة للأمن الداخلي بعد “انتفاضة الاستقلال”، وكأولى ثمار الاستقلال الثاني في العام 2005. كما لا يستوعب كيف أن أشرف ريفي تمكّن من بناء مؤسسة أمنية لبنانية رائدة أنتجت جهازاً امنياً بمكانة “شعبة المعلومات” التي كشفت تفاصيل وحقائق جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما وأن السيّد لا يمكن أن ينسى يوماً أن أشرف ريفي أعطى الأمر باعتقاله في آب الـ2005، وذلك بناء على توصية من لجنة التحقيق الدولية.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، ولا عند الاتهام السخيف من السيّد لريفي بالعنوان المضحك- المبكي الذي اسمه “شهود الزور”، والذي سقط حتى من استهلاك حلفاء السيّد. الإشكالية بالنسبة الى جميل السيّد تتمدد بشكل فاضح الى النقاط الآتية:

ـ بطولة أشرف ريفي في مواجهة النظام الأسدي و”حزب الله” وأدواتهما. ففي حين تعرّض رئيس “شعبة المعلومات” السابق العميد سمير شحادة لمحاولة اغتيال في منطقة الرميلة، وفي حين تعرّض الرائد وسام عيد للاغتيال، وفي حين تم اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن وكما قال جميل السيّد بنفسه إنه كان يُفترض بريفي أن يسقط هو أيضا، بقي أشرف ريفي كالرمح واقفاً في المواجهة، لا شيء يخيفه أو يثنيه عن القيام بواجباته في المواجهة.

في المقابل يعرف المقرّبون من جميل السيّد كيف أنه حين غضب منه يوماً اللواء رستم غزالي، بقي ينام في مكتبه في المديرية العامة للأمن العام لأكثر من أسبوع، ولا يجرؤ على مغادرته خوفاً من رستم غزالي!

ـ موضوع الولاء أيضاً عنوان أساسي. فأشرف ريفي ولاؤه للبنان، وليس لأي جهة خارج الحدود، ولا حتى لأي طرف داخل الحدود. وهذا ما يُفسّر كيف أن الأمن الداخلي بقيادة أشرف ريفي لم يعد يقدّم تقاريره الأمنية، لا الى “حزب الله” ولا الى النظام السوري. كما أن ريفي خاض أكثر من مواجهة ضد “حزب الله” والنظام السوري لأن ولاءه للبنان. حتى من كانوا يتهمون ريفي بأن ولاءه هو لتيار المستقبل صُدموا حين “افترق” عن “المستقبل” مع ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية أولا وعلى خلفية ملف ميشال سماحة ثانياً. في المقابل يذكر اللبنانيون جيدا كيف أن جميل السيد قال في مقابلة تلفزيونية إن “لجنة التحقيق الدولية طلبت مني أن أخون الرئيس بشار الأسد”. والجميع يعلم أن الخيانة تكون فقط للوطن، وتعبير السيّد هذا دليل ساطع على أن ولاءه كان دائما لبشار الأسد.

ـ ويبقى موضوع نظافة الكف، وشتّان ما بين الثرى والثريا. فأشرف ريفي كان الضابط الوحيد الذي أعلن عن أمواله وممتلكاته في المرة الأولى قبل تسلّم منصبه كمدير عام لقوى الأمن الداخلي في العام 2005، والمرة الثانية قبل تسلمه منصب وزير العدل في الـ2015. فقدّم تصريحاً الى المجلس الدستوري ونشره في وسائل الإعلام لجميع اللبنانيين.

أما جميل السيّد فيرفض الى اليوم دعوات ريفي الى رفع السرية المصرفية عن حساباته، والتي نقل الإعلام اللبناني بعد اعتقال السيّد أن ملايين الدولارات وُجدت في أحد حساباته المصرفية. فمن الطبيعي أن يسأله اللبنانيون من أين لك هذا؟

ختاماً، وفي حين أن الرئيس سعد الحريري في العام 2014 احتاج الى مفاوضات مع ريفي لدفعه الى القبول بالمشاركة في الحكومة ليشكّل رافعة شعبية لـ”المستقبل” يومها بفعل أن الرأي العام كان رافضاً للمشاركة في حكومة مع “حزب الله”، وخصوصاً بعد اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح، يبقى جميل السيّد عاجزاً عن إقناع أي من حلفائه بتبنيه لأي منصب وزاري أو نيابي، ما يجعل منه في أفضل الأحوال بوقاً إعلامياً ليس أكثر.