Site icon IMLebanon

بين عون ونصر الله!

 

 

كتب عبد السلام موسى في صحيفة “الجمهورية”:

بقدر ما كان ردّ الرئيس سعد الحريري محكَماً في السياسة، على «المتاجرة بالنسب» من الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله، كان صمتُ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون معبّراً، كمَن «يبلع الموسى»، في ضوء ما أفرَزته الانتخابات البلدية، من نتائج «مخيّبة» لآمال ما يسمّى «التسونامي المسيحي»، الذي ما عاد كما جرى تصويرُه بعد العام 2005، وليس أبداً كما تمّ ترويجُه بعد «تفاهُم معراب».لم يأخذ نصر الله في حساب خطابه الأخير أنّ حليفَه عون عاد إلى معزوفة «القانون الأرثوذكسي»، ويحاول أن يُحيي عظامه وهي رميم، فأسهبَ في المتاجرة بـ«النسبية» بقوّة السلاح، فيما عون يبحث عن «السترة»، بعدما فاز بشقّ الأنفس في جونيه، كما في زحلة، رغم تحالفه مع «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، وبعدما خسرَ ممثّله في جزين حتى تاريخِه، واجتاحه «تسونامي» الرئيس ميشال المر في المتن، ونأى بنفسه عن مواجهة «الإصلاح والتغيير الحقيقي» الذي يقوده زياد حواط في جبيل، وتبيّن أن لا قدرة تجييريّة له في الأشرفية، وخسر في مواجهة الوزير بطرس حرب في تنورين والنائب هادي حبيش في القبيات.

يبدو واضحاً أنّ أسلوب نصر الله يختلف عن أسلوب الرئيس نبيه برّي في «مسايرة» حليف الحليف، فما يعنيه من عون حصراً أنّه على التزامه بـ«تفاهم مار مخايل»، حتى ولو وقّعَ مليون تفاهم مع آخرين، لذا لم يجد أيّ حرَج في التشديد، في خطابه ما قبل الأخير، على أنّ «تفاهم معراب» لا يلزِم «حزب الله» بشيء، وأنّه ليس مضطرّاً لمسايرة حليف حليفه، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رغم أنّ الأخير يُساير عون، بـ»ترشيد» ردوده على «حزب الله»، على غير عادته، بعدما كان «الحكيم» لا يفوّت كلمةً لـ»السيّد» إلّا ويُشرّحها على مذبح معراب «زي ما هيّي».

ليس الأسلوب هو المهم اليوم، الأهم أنّ كلّ ما يقوم به نصر الله، من الانتخابات الرئاسية إلى الانتخابات البلدية، وصولاً إلى قانون الانتخابات النيابة، لا يعود على عون إلّا بالضَرر السياسي.

ولو تبَصّر «الجنرال» بواقعه، لوجَد أنّ كلّ تمسّكِ «حزب الله» به لم يصِل به إلى قصر بعبدا رئيساً، وأنّ «تفاهمَ معراب» جعلَ من تفاهمه مع الحزب يساوي صفراً مكعّباً في الحسابات البلدية والنيابية، بعدما أخذ منه «حزب الله» كلّ ما يريده في الحسابات السياسية من «عباءَة مسيحية» تخدم مصالحَه العابرة للحدود اللبنانية.

وهنا بيتُ القصيد الذي ذهبَ إليه بعض المحلّلين من ربط اقتراح الرئيس برّي الأخير بالذهاب إلى انتخابات نيابية فور انتهاء التمديد الحالي، على قاعدة التزام القوى السياسية بانتخاب رئيس للجمهورية من بعدها، بأنّ من شأنه تغيير المعادلات، والإتاحة لـ»8 آذار» بقبض جائزة اللوتو الرئاسية، بين عون أو رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.

ورُبَّ سائل، ما الذي تغيَّر عند «حزب الله» حتى يكفّ عن تعطيل الرئاسة ويلتزم بخريطة طريق برّي لتجديد الحياة السياسية، رئيساً ونوّاباً، بسلّة كاملة، بعيداً عن ذريعة تمسّكِه بعون التي يعطّل من خلالها الاستحقاقَ الرئاسي، منذ سنتين؟

يفهم ممّا سَبق ذكرُه، أنّ صراخ عون من أجل «الأرثوذكسي» يأتي على قدر الوجع الذي يَشعر أنّه سيطيح بحلمِه الرئاسي، في حال تمّت الانتخابات النيابية وفقَ القانون الساري، أي قانون الستّين الذي اعتبَر أنّه أعاد حقوق المسيحيين بعد «اتفاق الدوحة»، أو في حال تمّت وفق قانون مختلط على شاكلة ما توافق عليه تيار «المستقبل» و«الاشتراكي» و«القوات»، أو قانون نسبي كما يطالب نصر الله.

في كلّ الأحوال، يبدو عون كمَن يقول لنصر الله «داوِني بالتي كانت هي الداء»، ويبدو نصرالله كمَن يردّ عليه: «دع الحكيم يداويك»!