Site icon IMLebanon

شركات التأمين “تستغفل” متضرري التفجيرات


عزة الحاج حسن

تكثر الأحداث الأمنية في لبنان، من تفجيرات إلى أحداث مسلّحة وحروب “متنقلة”، ما يجعل مسألة التأمين على الحياة والممتلكات همّاً يرافق معظم أو اللبنانيين كافة، بحثاً عن تعويض ما يمكن أن يلحق بهم من أضرار غير متوقعة، ولكن هل تشمل بوالص التأمين على السيارات والممتلكات الأعمال الإرهابية والتفجيرات والحروب؟

غالبية شركات التأمين في لبنان تعتمد المنهجية ذاتها في إبرام عقود التأمين، ولاسيما تلك المتعلّقة بالسيارات والمؤسسات والممتلكات الخاصة عموماً، فعقودها تشمل غالباً تأمين الحريق والسرقة وحوادث معيّنة “غير أمنية”، وبالتالي تستثني عقود التأمين تغطية الأضرار من الإنفجارات والأعمال الإرهابية.

وتلجأ كبرى شركات التأمين في البلد، ومنها شركتا آروب وأكسا وحتى الشركات متوسطة الحجم كشركة العربية للتأمين، إلى إستثناء السيارات من تغطية الأضرار الناجمة عن الحروب أو الأعمال الإرهابية في بوالص التأمين رغم أن بوليصة التأمين على الحياة والحوادث الشخصية تشمل تغطية أضرار الحروب والانفجارات، وما ينتج عنها من أضرار في المؤسسات والمستودعات والمصارف وغيرها.. باستثناء السيارات.

فالسيارات التي تضرّرت، على سبيل المثال، يوم الأحد 12 حزيران/ يونيو، من التفجير الذي لحق ببنك لبنان والمهجر في منطقة فردان، في بيروت، لا يمكن أن يتم تعويض أصحابها مهما كان نوع بوليصة التأمين (في حال توفرت) العائدة للسيارة، “باستثناء حالة واحدة”، وفق ما تقوله مسؤولة قسم المبيعات في شركة العربية للتأمين ميسا فرحات، هي أن يكون مالك السيارة طلب إضافة بند يتعلّق بتغطية أضرار التفجيرات والحرب والأعمال الإرهابية على عقد التأمين الذي وقّعه مع الشركة، “حينئذ يمكن للمتضرر أن يحصل على تعويض من الشركة على الأضرار التي لحقت بسيارته”.

وتشرح فرحات في حديث إلى “المدن” أن تأمين السيارة هو حتماً لا يشمل تغطية الأضرار من الإنفجارات أو الأعمال الإرهابية، وعندما يطلب الزبون إضافة البند المتعلّق بذلك، فترتفع تكلفة بوليصة التأمين العائدة للسيارة بشكل كبير، يأخذ بالإعتبار نوع السيارة ومكان السكن وطبيعة عمل صاحبها وغيرها من التفاصيل والأمور التي يمكن أن ترفع درجة المخاطر على السيارة أو تخفّضها.

والمؤسف في مسألة العلاقة بين شركات التأمين والزبائن أن الزبون يفتقد إلى ثقافة التأمين لحماية حقه في التغطية الملائمة والشركات تفتقد إلى الصدقية. وهنا يعلّق أحد الخبراء في مجال التأمين في حديث إلى “المدن” بالقول إن “غالبية شركات التأمين تعمد إلى إخفاء بعض الحقائق عن الزبون خلال توقيعه عقد التأمين، ولاسيما تلك المتعلقة بعدم تغطيتها أضرار التفجيرات والأعمال الإرهابية واقتصارها على الحريق والسرقة.

وعن سبب تهرّب شركات التأمين من إدراج تغطية الإنفجارات والأحداث الأمنية بعقودها في مقابل رفع سعر البوليصة تقول فرحات ساخرة: “كانت شركات التأمين بتفلّس”، نظراً إلى تكرار الحوادث الأمنية والحروب والأعمال الإرهابية في لبنان وارتفاع أعداد المتضررين منها.

وتعليقاً على “استغفال الزبون” من قبل شركات التأمين يوضح المحامي زياد معتوق في حديث إلى “المدن” أن عقد التأمين هو من العقود الغرر contrats aléatoires أي أنه يمكن الإستفادة منها في حال وقع مكروه ما، في مقابل احتمال عدم الإستفادة منها. “من هنا يجب على طالب التأمين أن يدرك تماماً حدود تغطية العقد الذي يوقعه ومتى يمكنه أن يستفيد من تغطية التأمين”.

ويشير معتوق إلى أن شركات التأمين تغطي الحريق والسرقة وتمتنع عن تغطية الإنفجارات والأعمال الإرهابية، لكنها في المقابل لا توضح للزبون ذلك، وتستثني العديد من حالات السرقة والحريق من تغطيتها، فعلى سبيل المثال، سرقة السيارة بقوة السلاح توضع وفق شركات التأمين في خانة الأعمال المسلّحة وبالتالي لا تخضع للتغطية.

هنا، ينصح طالب التأمين قراءة التحديدات والشروط العامة، والتغطيات الأساسية لعقد التأمين، قراءة واعية، ولاسيما لجهة الاستثناءات المُشار إليها في العقود ومنها مخاطر التفجيرات والحروب.

أمام واقع العلاقة الملتبسة بين شركات التأمين وطالبي التأمين، في ما يتعلّق بأضرار التفجيرات والحروب، تتدخل الهيئة العليا للإغاثة، لتعوّض على متضرري الأحداث الأمنية بعضاً من أضرارهم، بعد مسحها الأضرار عقب وقوع التفجير أو الحادث الإرهابي، وتشمل تعويضات الهيئة، أضرار السكن والسيارات والمؤسسات والمحال التجارية وغيرها.