Site icon IMLebanon

“إحتلال القاع” السيناريو الوحيد الراسب… ولا بدائل

 

 

كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”:

ستَبقى جريمة القاع مدارَ جدلٍ الى وقت غير قصير، طالما أنّ اللبنانيين لم يفهموا بعد ما حصل. فكلّ السيناريوهات المتداوَلة ليست حاسمة وجازمة. وعلى رغم نجاح البعض في تسويق ما أراده من مسلسل العمليات الإنتحارية غير المسبوقة، لكن عند القراءة العسكرية التقليدية سيسقط سيناريو «إحتلال القاع» منها أولاً و«بالضربة القاضية» ليبقى المجالُ مفتوحاً أمام أخرى؟ كيف ولماذا؟باعتراف العديد من المراجع القضائية والأمنية التي تتعاطى مع «عملية القاع»، لم تتوصّل التحقيقات القائمة في مجملها على أكثر من مسار الى رواية متكاملة حول مسلسل الإنتحاريّين الثمانية، توضع على طاولة المرجع الصالح بعد اكتمال الدورة العادية بين المؤسسات العسكرية والأمنية والمخابراتية والقضائية التي من المفترض أن تتكامل جهودها لتتوّج بما يُحال الى المراجع السياسية ليُبنى على الشيء مقتضاه.

وعلى رغم سيل السيناريوهات التي نُشرت ونُسبت الى مراجع مختلفة، فقد بات ثابتاً وقاطعاً أنّ أحداً لم يقدم السيناريو الكامل طالما أنّ الخلافات ما زالت قائمة في النظرة الى جوانب متعددة من العملية.

فلم تُجمع التحقيقات على تحديد نقطة إنطلاق الإنتحاريين من الأراضي السورية أو من المخيمات المنتشرة في المنطقة، ولا على الطرق والوسائل التي سلكوها وعن علاقاتهم بمجموعات تمّ اكتشافها وتفكيكها في أوقات سابقة. عدا عن عدم تحديد الأهداف التي أرادتها المجموعتان، إذ إنّ جميع أفرادها فجّروا أنفسهم ولم يبقَ منهم مَن يكشف سرّاً من الأسرار.

لذلك وبناءً على ما تقدّم من معطيات، فقد بقيَ الباب مفتوحاً على روايات عدة. وظهر جلياً أنّ قسماً منها كان «غب الطلب» في ظلّ قدرة البعض على تقديم رواية متماسكة لها مقوّماتها الأمنية والإرهابية والسياسية في آن تُرضيه وتُرضي جمهوره، وليس بالضرورة أن يكون مقتنعاً بما سرده من وقائع مفترضة ونتائج مقدّرة.

على هذه الخلفيات، تُجمع المراجع القضائية على القول إنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي يتابع التحقيقات بمراحلها المختلفة، لم يتبلّغ أيّ جديد حتى مطلع الأسبوع الجاري يمكن الحديث عنه من خلال سلسلة الإستنابات التي أصدرها الى المراجع العسكرية والأمنية للتحقيق على مسارات عدة، تبدأ من تحديد هويات الانتحارييين الثمانية وموقع انطلاقهم توصّلاً الى تحديد الهدف الذي كان مقصوداً وقضايا أخرى تدخل في تفاصيل كثيرة.

تزامناً، تُلاقيها المراجع الأمنية والعسكرية بالقول إنّ التحقيقات لم تأتِ بجديد وخصوصاً تلك التي تبحث في جوانب من العملية تقود الى إجراء مقارنة بين ما نفّذته المجموعتان وما آلت اليه التحقيقات مع مجموعات أخرى تمّ اكتشافها وتفكيكها، ففي ما حصل الكثير من عناصر المباغتة.

وتضيف المراجع: رغم الكلام الكثير الذي قيل من أكثر من جهة، لم تثبت بعد لدى أيّ من الأجهزة الأمنية الظروف التي قادت الى إستخدام هذا العدد الكبير من الإنتحاريين، باعتباره أمراً غير مسبوق ما يستدعي البحث أولاً عن عدم إعلان أيّ جهة مسؤوليّتها حتى اليوم.

كما عن أهداف العملية وغاياتها التي لا يمكن مقارنتها بأيّ حدث مشابه سبقها لا في لبنان ولا في عدد من الدول الأوروبية رغم تشابهها مع عمليات أخرى شهدتها الحدود الأردنية قبل أيام وقبلها أكثر من مرة على المعابر التركية».

وبناءً على ما تقدّم، ينطلق بعض الخبراء العسكريين في تحليلهم من التأكيد أنّ سيناريو واحداً من بين تلك المتداوَلة قد سقط بـ»الضربة القاضية» وهو القائل بإنشاء موطئ قدم للمجموعات الإرهابية في منطقة لبنانية تتعدّى في موقعها الجغرافي مواقع انتشارها في المنطقة الممتدة من تلال عرسال العميقة في اتجاه الجانب السوري بغض النظر عن كون القاع منطقة مسيحية أو غير مسيحية، فليس في احتساب هذه الفرضية أيّ إشارة الى سكان المنطقة وانتمائهم الطائفي أو المذهبي.

وهذه مسألة برأيهم لا يمكن البحث فيها إلّا على المستوى الداخلي لإستغلالها في تبرير نهج معتمد منذ اندلاع الأزمة السورية وما زال يخضع للأخذ والرد مرتبط بوجود قرار بالتدخل في الشأن السوري الداخلي أو عدمه.

ويقول أصحاب هذه النظرية إنّ ثمانية انتحاريين أو حتى ثمانين انتحارياً لا يمكنهم تكريس إحتلال موقع ما. فالعمليات الإنتحارية لا تؤدي الى إحتلال مناطق بعينها وهي تنتهي بمجرّد تفجير الإنتحاريين أنفسهم بإنتهاء الدور المناط بهم. ولذلك طالما أنّ العملية توقفت هنا، ولم يتبعها أيّ إقتحام للبلدة بحشود من المسلّحين، فالحديث عن «فرضية الإحتلال والتوسع» قد سقطت نهائياً.

ويسير أصحاب هذه النظرية إلى فرضية أخرى تعتبر أنّ القاع كانت محطة و«لم تكن مستهدَفة حصراً»، إذ يربطون بين توقيت العملية ومصادفتها مع اليوم الأول من ليالي القدر. وهو توقيت يقودهم الى الإعتقاد «أنّ الإنتحاريين كانوا يقصدون مناطق تحيي الذكرى»، وقد تكون إحدى قرى المنطقة غير المسيحية وعلى الأرجح الشيعية منها وأنهم كانوا ينتظرون مَن يقلّهم اليها.