Site icon IMLebanon

أسئلة على ضفاف بحر النفط (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

فجأة، ومن دون مقدمات، زار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتم الإعلان بعدها أن الطرفين اتفقا على موضوع النفط، وأن المراسيم التطبيقية ستبصر النور في مجلس الوزراء قريباً!

مرّ أسبوعان على اللقاء من دون أن يتكبّد أحد في لبنان أن يخبرنا نحن اللبنانيين على ماذا تمّ الاتفاق في الموضوع النفطي. ولذلك لا بدّ من طرح أكثر من سؤال علني لمحاولة فهم ما جرى ويجري:

ـ أولاً: ما علاقة رئيس مجلس النواب ووزير الخارجية والمغتربين بالملف النفطي، ليتم الاتفاق عليه بينهما؟ أين احترام مبدأ فصل السلطات ليتدخل رئيس المجلس بأمور إجرائية؟ وبأي حق يتعاطى وزير خارجية بملف النفط؟ وهل يحقّ مثلا لوزير الخارجية السابق عدنان منصور أن يبت بملفات تتعلق بوزارة الخارجية فقط لأنه “وزير خارجية سابق”؟ أين مجلس الوزراء؟ وهل باتت الحكومة “باش كاتب” لكل الاتفاقات السياسية التي تحصل خارجها في كل الملفات؟ أين وزير الطاقة ولماذا غُيّب عن مثل هكذا اجتماع مفصلي؟ وأين هيئة النفط في لبنان؟

ـ ثانياً: من حقنا أن نسأل عمّا تمّ الاتفاق عليه؟ ولماذا لم يشرح أحد للبنانيين مضمون الاتفاق؟ ولماذا تغليف مضمون هذا الاتفاق بالسرّية التي تفوح منها روائح الفساد والمحاصصة وتقاسم الجبنة؟

ـ ثالثاً: لماذا أصبح ممكناً الاتفاق اليوم على ما كان متعذرا الاتفاق عليه منذ 4 أعوام؟ وما الذي تغيّر؟ ولماذا لم يحصل هذا الاتفاق قبلاً؟ وبالتالي من يتحمّل مسؤولية تأخيره؟

ـ رابعاً: لماذا حذّر النائب وليد جنبلاط من “سدّ جنّة نفطي”؟ ولماذا قال الوزير رشيد درباس إنه”لا يعرف لماذا اختلفوا قبلاً وكيف اتفقوا اليوم”، وأضاف “يبدو أن السلّة تحولت الى برميل”؟ ولماذا أكد الوزير بطرس حرب أن “الاتفاق غير سليم في الشكل وفي المضمون”؟ ولماذا وصف الوزير ألان حكيم الاتفاق بأنه “اتفاق تقاسم النفط والسلطة”. ولماذا اعتبرت الوزيرة أليس شبطيني ان الاتفاق “يكون فاتحة أمل اذا كان بعيداً عن المحاصصة”؟ ألا يحق للبنانيين أن يتوجسّوا من مثل هذه الاتفاقات التي تفوح منها روائح الفساد والمحاصصة وخصوصا أنّ “مين جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب”؟

ـ أين الأجهزة والسلطات الرقابية من كل ما يجري؟ وما حقيقة كل ما يُشاع منذ سنوات عن عمليات تقاسم للبلوكات من تحت الطاولة بين عدد من القوى السياسية؟

الأسئلة لا تنتهي، وخصوصاً أن في الكواليس السياسية تُطرح وقائع بالأسماء والتفاصيل عن المحاصصة والمتحاصصين الذين حوّلوا ثروات اللبنانيين وأموالهم الى “مغانم سلطة” يتنعّم بها المتسلطون على رقاب البلاد والعباد من دون أن يكلف أحد نفسه عنا سؤالهم ولو سؤال واحد.

إن ما يجري في ملف النفط تكاد تصحّ تسميته بـ”فضيحة العصر” وسط  سكوت مريب للبنانيين الذين باتوا مخدّرين إزاء فضائح الفساد التي تعصف ببلدهم كل يوم، وعلى مختلف المستويات.

في الختام مفارقة لافتة: تتم ملاحقة رئيس مجلس إدارة أوجيرو عبد المنعم يوسف بتهمة “الإهمال الوظيفي”، في حين لم نسمع قط بملاحقة أي موظف أو وزير بالتهمة نفسها في وزارة الطاقة على سبيل المثال، أو في مؤسسة كهرباء لبنان، هذه الكهرباء التي لا يعرف اللبنانيون حلاً لأزماتها منذ ما بعد الحرب اللبنانية. فهل يمكن مثلاً أن يحدثنا أحد عن “الإهمال الوظيفي” أو ربما “الجشع السلطوي” الذي خدّر ملف النفط 4 أعوام قبل أن يتولّى بنفسه إيقاظه في مطلع صيف 2016؟