Site icon IMLebanon

“العيديّة الرئاسيّة” والسيناريوهات… الوهميّة!

 

 

 

كتب نبيل هيثم في صحيفة “الجمهورية”:

فجأة ومن دون مقدمات، أو موجبات، أو أسباب موضوعية، تسلّل محترفو فبركة الشائعات وصياغة السيناريوهات، من خلف عطلة عيد الفطر، وشغلوا البلد بحديث عن «عيدية رئاسية»، مقرون برفع حظوظ النائب ميشال عون رئاسياً! حاول هؤلاء التسلّل الى الذهن اللبناني، ودَغدغة أحلام البعض بـ«عيدية وهميّة»، سعوا الى تبريرها وإسقاط المصداقية عليها بالاتّكاء على مجموعة محطات:

الزيارة تمّت بمبادرة عونية، لكنّ البعض، ومن بينهم عونيون، أخذوها أبعد من طابعها الاجتماعي فأسقطوا عليها بعداً سياسياً ورئاسياً ستَترتّب عليه إيجابيات. وامّا بعض الخبثاء فقاربوها بوصفها «زيارة مقايضَة» أرادها عون لمُراضاة برّي تحت عنوان خبيث بالمعنى السياسي: «أعطيتك النفط، أعطني الرئاسة».

قد يقال في بعض الاوساط السياسية إنّ الاتفاق النفطي الذي تمّ في عين التينة، هو نقطة توافق مشتركة بين برّي وعون، وقد يقال ايضاً إنّ من المبالغة القول إنّ زيارة معايدة يمكن أن تكسر «الجفاء السياسي» او الرئاسي، الذي لطالما حكم العلاقة بينهما. ولكن في عين التينة استخفاف بـ«العنوان الخبيث»، وبكل ما ذهب اليه الخبثاء، من سيناريوهات سياسية او رئاسية، الطابع الاجتماعي هو الغالب، مجاملات، وحديث عام حول كل الامور، والحديث النفطي جيّد الى أبعد الحدود.

ولا يوجد أي رابط بين ملف وآخر، والقاعدة الذهبية التي يلتزمها الرئيس برّي كانت وما تزال: «كل أوان لا يستحي من أوانه… وأيضاً: العدس بترابو وكلّ شي بحسابو». وتلك القاعدة، على ما يقال في عين التينة، معلومة من كل من يهمّهم الأمر.

في المملكة في الفترة الاخيرة، مرتبط بمحاولة إقناع المملكة بالقبول بعون. العونيون تأثروا بهذا الكلام وما زالوا، إلّا أنّ وَقعه في الأوساط الحريرية لم يكن مريحاً، فسارعت الى التوضيح بأنّ الحريري ما زال على التزامه النهائي بمبادرته ترشيح النائب سليمان فرنجية. وهناك من يقول انّ إشارات وتطمينات حريرية واضحة قد وصلت الى بنشعي.

هذا الحراك المتجدد لرئيس الحزب التقدمي، فُسِّر من قبل البعض على أنه انعطافة جنبلاطية نحو مسار رئاسي جديد! علماً انّ تفسيراً كهذا عن انعطافات او تحوّل في موقف الزعيم الدرزي، هو في نظر جنبلاط نفسه، من النوع «الهَمايوني» الذي لا قيمة له. فضلاً عن انّ جنبلاط من أكثر المدركين بأنّ طبخة الملف الرئاسي لا تنضج بمعزل عن الشركاء الآخرين فيها بدءاً بالرئيس نبيه برّي و«حزب الله» الى كل الآخرين المعنيين بهذا الأمر.

الامير محمد بن سلمان الى باريس الشهر الماضي، والتي أحيطت بـ«كلام لبناني» ربطَ بين زيارة الامير سلمان وبين الاستحقاقات اللبنانية.

اللافت للانتباه هو التعويل «البرتقالي» على الزيارة، ويكاد بعض البرتقاليين القريبين من الرابية، يجزمون برعاية فرنسية متجددة وجدية بالملف الرئاسي، وبأنّ جعبة ايرولت حُبلى بما يمكن ان يفتح باب بعبدا أمام عون!

هذا التفاؤل البرتقالي، يصطدم بـ«واقعية» مستويات سياسية رفيعة المستوى: «لا شيء استجَدّ في الافق الرئاسي، لا على صعيد الترشيحات، او مواقف القوى المحلية، او مواقف وأدوار القوى الاقليمية والدولية المؤثرة، ولم يحصل «انقلاب دولي» منح فرنسا القدرة، او «الحق الحصري» بإنجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن الآخرين».

«لا أستطيع ان أتصَنّع التفاؤل من زيارة ايرولت»، يقول مرجع سياسي، «فإذا كان رئيسه فرنسوا هولاند قد حضر الى بيروت قبل فترة ولم يقدّم شيئاً على المستوى الرئاسي، فماذا سيقدّم هو؟ وبالتالي، لا نعتقد انه يحمل معجزات، او أنّ لديه افكاراً بحلول سحرية، بل تمنيات في أحسن الاحوال. هو آت ليستفسر عن النازحين السوريين، وليسمع ما لدى اللبنانيين في الملف الرئاسي، وفرنسا في الاصل أكثر العارفين بحجم الانقسام اللبناني حول هذا الملف».

ولكن الى أين؟

يؤكد المرجع السياسي أنّ الملف الرئاسي ما زال على الرفّ الدولي، وحتى الآن لا توجد أيّ مؤشرات عن احتمال إنزاله عن الرف في المدى المنظور، خصوصاً أنّ جدول أولويات المنطقة لم يشهد أي تغيير او تعديل، فالعالم كله يتحرّك على وَقع التطورات العسكرية والميدانية في العراق وسوريا. وامّا لبنان فهو الحلقة الأصغر، والأقل اهمية. لذلك، وحتى تتبلور صورة المنطقة، يُخشى أن يكتب عليه البقاء على رصيف الانتظار.