
قالت الوكالة “المركزية” انه بعد التعطيل الطويل والاستقالة الكتائبية من الحكومة، لا يبدو أن حكومة الرئيس تمام سلام ستنعم بالسلام في خلال الأشهر القليلة المقبلة. ذلك أن أزمة حكومية جديدة بدأت تطل برأسها من بوابة التعيينات الأمنية المرتقب بتها على طاولة مجلس الوزراء. فبعد عام على التمديد السابق لقائد الجيش العماد جان قهوجي على رغم الاعتراض العوني، الذي كلف الحكومة شهورا من الشلل، لا شيء يشي بأن التيار الوطني الحر سيقف مكتوف الأيدي إزاء تأجيل تسريح قهوجي مجددا لأسباب عدة ليس أقلها الفراغ الرئاسي، والأولوية التي يعطيها عدد من لاعبي الداخل لاتمام الاستحقاق، إلى جانب ما يعتبرونه “حق رئيس الجمهورية” في ابداء رأيه بقائد الجيش الجديد بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة. أمام هذه الصورة، تكثر التساؤلات عن حدود المعركة العونية الجديدة في أروقة مجلس الوزراء، والخطوات التي قد يتخذها التيار إذا قفزت الحكومة مجددا فوق معارضته “المبدئية” للتمديد لقائد الجيش.
وأعربت مصادر في تكتل “التغيير والاصلاح” عبر “المركزية” على هذه الأجواء، عن استغرابها “توجيه التهم إلينا في هذا الاطار، فيما نحن نرفع صوتنا عاليا للمطالبة بتطبيق القوانين، وأبسطها القاعدة التي تنص على تعيين قائد جديد للجيش عند انتهاء ولايته، فيما يلجأ الآخرون إلى التمديد للهروب من كل الاستحقاقات.
واضافت: “نحن ندعو رافضي التعيين إلى أن يعرضوا لنا الأسباب التي تمنع تعيين قائد جديد خلفا للعماد قهوجي، علما أن سبق أن عين أعضاء المجلس العسكري. ثم إن كانوا يريدون انتخاب الرئيس أولا، فلماذا لا ينتخبون الرئيس الآن؟ ما الذي يمنعهم من ذلك؟”
وتساءلت الأوساط: “بعد 26 عاما من عدم اعترافهم بالشراكة، وضربهم التمثيل الحقيقي ، هل يجوز حصر المشكلة في تغيبنا عن جلسات انتخاب الرئيس؟ كل ما في الأمر أن حقنا مسلوب وعليهم أن يعيدوه إلى أصحابه”.
ولا تفوت الاوساط العونية فرصة التذكير بأن “العام الماضي، اعتبر الجميع أن العماد عون يعارض التمديد لأنه يريد ايصال صهره العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش. هذا العام انتفت هذه الحجة، فما الذريعة التي تمنع التعيين الآن؟”.
وردا على رافعي لواء أولوية انجاز الاستحقاق الرئاسي، لفتت مصادر الرابية إلى أن “إذا كان تعيين قائد الجيش متعذرا في غياب رئيس الجمهورية، فإن هذا الأمر ينسحب أيضا على قانون الانتخاب الموعود، باعتبار أننا لا نستطيع سن قانون انتخابي جديد في ظل فراغ سدة الرئاسة. علما أن عددا من رؤساء الجمهورية شغلوا قصر بعبدا منذ 26 عاما، ولم يسن قانون انتخابي طوال هذه الفترة، تماما كما أن الرؤساء لم يختاروا مرة قادة الجيش، لذلك ندعو الجميع إلى تخطي هذه الحجج الذي لم تعد تخفى على أحد”.
وفي ما يتعلق بالخطوات التي قد يتخذها التيار في ما لو أجل تسريح قهوجي للمرة الثالثة، قالت “اذا رأينا ان رأينا أن الاستقالة تخدم قضيتنا، فقد نلجأ إليها، علما أننا سنأخذ في الاعتبار تأثيرات هذه الخطوة على مختلف المستويات”.
في الشأن الرئاسي، وبعد كلام الوزير جبران باسيل عن “عدم تمسك التيار بشخص العماد عون” في موقف قرأ البعض فيه تراجعا عما اعتبر “حصراً” للترشيحات بالجنرال، أوضحت أن “مطالبتنا بالعماد عون لا تتعلق بشخصه، بل بكونه الممثل الأول للمسيحيين، وإن حظي شخص آخر بهذه الصفات، سيصبح الممثل القوي للمسيحيين. كل هذا يعني أننا غير متمسكين بالجنرال، غير أن لا أحد غيره يملك هذه المواصفات اليوم. علما أن تجربة الرئيس ميشال سليمان لن تتكرر، ولن نقبل بالاتيان بـ “رئيس دمية” مرتهن وذي تحرك محدود، وزمن هذه التجارب ولّى إلى غير رجعة”.
وتعليقا على كلام السيد حسن نصرالله الذي أرسى معادلة “الحريري في السراي مقابل عون في بعبدا”، اعتبرت أن “السيد نصرالله كان واضحا جدا في خطابه الأخير. ويمكن القول أنه رد من خلاله على جميع المشككين بموقف حزب الله من العماد عون. ذلك أنه تجاوز كل حدود الشك التي قد تساور أحدا، إلى حد أنه “لمّح بوضوح” إلى قبوله بالرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة المقبلة لمجرد انتخاب الجنرال عون. أمام هذه الصورة، واذا كانت الجلسة المقبلة ستوصل العماد عون إلى قصر بعبدا، فنحن مستعدون للمشاركة فيها”.
وختمت الأوساط العونية: “أهم الاستحقاقات التي تنتظرنا هو قانون الانتخاب الذي نريد منه أن يؤمن التمثيل الحقيقي لكل مكونات المجتمع اللبناني، بمن فيهم السنة والمسيحيون، وهذه العملية تبدأ بوصول العماد عون إلى بعبدا، ولا تنتنهي عنده، كما يعتقد كثيرون. ونحن لن نقبل بالمماطلة في هذا الشأن. وفي فترة ما بعد شهر أيلول، سيتغير أسلوبنا. ذلك أن التمديد ممنوع، وإلا فإن الثورة تدق الأبواب، وغدا لناظره قريب”.