Site icon IMLebanon

عون يحشر “حزب الله”

 

 

 

 

تُنذِر الأجواء السياسية في لبنان بهبوبِ عاصفةٍ لم تَعُد معالمها خافية على المتابعين والمعنيين، لكن جديدها ان أيّ تحرك مُجْدٍ لاحتوائها لم يَظْهر بعد.

ومع تَوغُّل “التيار الوطني الحر” في كشْف أجنْدته التصعيدية وتحديد محطتيْن بارزتيْن لبلوغها الذروة في 28 أيلول موعد الجلسة 45 لانتخاب رئيس الجمهورية و13 تشرين الأول ذكرى العملية العسكرية السورية التي اطاحت حكومة عون العام 1990، لم يعد ثمة شكوك في ان التحرك المتدحْرج للتيار العوني بدأ يُحدِث واقعاً خطيراً من ناحية تَمدُّد التعطيل اولاً الى الحكومة وطاولة الحوار الى أجَل غير محدَّد، ومن ثم تَرقُّب خلط أوراق داخلي واسع.

وتقول أوساط وزارية مطلعة لـ “الراي الكويتية” ان ما بدأ يثير الريبة والخشية من تداعيات التصعيد العوني هو مناخ الاستسلام لترْك هذا التصعيد يأخذ مداه، وسط افتقار الساحة الداخلية أقلّه حتى الآن الى أيّ مبادراتٍ قادرة على اجتراح مخارج من شأنها تجنيب الحكومة الشلل المفتوح أسوة بمجلس النواب، الأمر الذي لوحظ ان رئيس البرلمان نبيه بري يدأب على التحذير منه عبر تأكيده ان تعطيل الحوار كان يستهدف تورية تعطيل الحكومة، بما يعني ان الحكومة قد تشكّل الضحية المقبلة للنزاع الرئاسي الذي يشكل واقعياً محور اندفاعة التيار العوني.

وتضيف هذه الأوساط ان الساعات الأخيرة شهدتْ مشاورات كثيفة غير معلَنة بين عدد من المراجع والقوى الداخلية حول ما يمكن القيام به لتَجنُّب بلوغ التحرك العوني حدود التهديد الفعلي للواقع الحكومي ،خصوصاً في ظل ما يطلقه “التيار الحرّ” من إشارات الى انه حين يبدأ تحرُّكه التصعيدي في السياسة والشارع بعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية (بحال لم تحمل عون الى قصر بعبدا) فإن أي شيء لن يجعله يتراجع الى الخلف. علماً ان بيان الكتلة النيابية لعون، اول من امس، خلص الى “اننا نحضّر للتحرك المتدرج بعنوان الميثاق، وعندما نتحرك لن يقف تحركنا وأُعذر من أنذر، وغداً لناظره قريب في 28 أيلول أو 13 تشرين الأول”.

وقد أُخذت تهديدات التيار العوني على محمل الجدية التامة هذه المرة كما تؤكد الاوساط، وذلك من منطلق إدراك الجميع ان الجانب العونيّ سيمنى بضربة كبيرة لا يمكنه تَحمُّلها ما لم يخرج بمكسبٍ ما من تصعيده، وهو الأمر الذي يفسر تَواتُر المعلومات في الأيام الأخيرة عن احتمال عقد لقاء بين العماد عون والامين العام لـ “حزب الله”، مع ملاحظة الأوساط نفسها ان مصدر هذه المعلومات هو “حزب الله” بما يؤشر الى ان الحزب في وارد التدخل قبل فوات الأوان بطريقةٍ ما، إما لاحتواء الأزمة قبل احتدامها وإما للاتفاق مع حليفه العوني على الخطوط الدنيا والقصوى للمرحلة المقبلة.

ذلك ان الأوساط تعتبر ان “حزب الله” يستشعر إحراجاً في موقفه في ظلّ ما يوجهه اليه التصعيد العوني ضمناً من رسائل أسوةً بما يوجهه الى خصومه في المسألة الرئاسية تحديداً والتي ظهّرت مجدداً الاصطدام بين اولوية الاعتبارات الاستراتيجية لـ “حزب الله” في مقاربته الواقع اللبناني برمّته وليس فقط بجزئية الرئاسة وبين النظرة “المحلية” لعون الذي وجد نفسه مراراً “متروكاً” من الحزب في “معارك” عدة خاضها.

وفي رأي الأوساط عيْنها انه على اهمية هذا المؤشر الذي ربما لا يملك “حزب الله” بتّه راهناً لانه ليس قادراً ولا راغباً ولا مصلحة له مع حليفه الاقليمي ايران في تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، فإنه يجد نفسه محشوراً أكثر في خانة استهداف حليفه للحكومة التي ستغدو رهينة التصعيد ومهدَّدة لأول مرة جدياً بالسقوط او بالشلل.

ولا تقف مؤشرات تَصاعُد الأزمة عند المشهد الداخلي بل تتجاوزه وفق الأوساط الوزارية الى الخارج الدولي والديبلوماسي، اذ ان لبنان ذاهب الى الامم المتحدة بواقعٍ انقسامي يعمل رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء على محاولة تجنبه في ظل ما صعد الى السطح الحكومي من تباينات حول موضوع اللاجئين والنازحين السوريين. ومعلوم ان وزير الخارجية جبران باسيل كان قد دفع بالمشهد الانقسامي الى العلن حين تساجل مع زميله وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في مؤتمر علني حول الموقف الرسمي من توطين اللاجئين، وهاجم باسيل الحكومة بعنف متهماً اياها بالتهاون مع خطر التوطين كما قرن ذلك بتوجيه مذكرة الى الامم المتحدة يضمنها موقف فريقه من الموضوع.

واذ توجه باسيل امس الى نيويورك للمشاركة في مؤتمريْن يعقدان حول اللاجئين قبل افتتاح الدورة العمومية للامم المتحدة وقبل سفر الرئيس سلام غداً للمشاركة فيها، يُخشى ان يتمدّد الانقسام الى المنابر الدولية في ظل التعبئة العونية الجارية لاستخدام كل أساليب الضغط على الحكومة والحلفاء والخصوم سواء بسواء.

وتبعاً لذلك تقول الأوساط ان المرحلة القريبة التي باتت تنذر بقلب “الستاتيكو” السياسي والحكومي، من شأنها ان تختبر مختلف القوى الداخلية وتضعها امام محك الحفاظ عليه تحت وطأة تصعيدٍ يستبطن تسريع الحسم في الأزمة الرئاسية وسط ظروف إقليمية ودولية وداخلية بالغة التعقيد.