Site icon IMLebanon

اللاجئون السوريون في لبنان يعتمدون على المساعدات

 

يظهر التقييم السنوي أن أكثر من 70 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر وأنهم يتبعون نهجاً مثيرة للقلق في ما يتعلق بالاستهلاك الغذائي ونوعية الأغذية المستهلكة؛ كما أن جرعات “الأوكسجين” التي تمنحها إياهم المساعدات الخارجية هي التي حالت دون المزيد من التدهور.

وذكرت وكالات الأمم المتحدة ان حالة الفقر التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان لا تزال تتفاقم وتتدهور، علماً أن هذا التدهور لم يكن حاداً كما في العام الماضي، وذلك بفضل المساعدات الإضافية التي تم تقديمها هذا ما أظهرته النتائج الأولية لعملية مسح أجريت خلال العام 2016 من قبل وكالات رائدة في الأمم المتحدة. وقد تبيّن أن هؤلاء اللاجئين لا يزالون شديدي التأثر من جرّاء الصدمات الخارجية، كما أنهم شديدو الاعتماد على المساعدات الإنسانية من أجل ضمان بقائهم.

وأظهرت النتائج الأولية للمسح السنوي التي صدرت نهار الاثنين أن 70.5 في المائة من اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر. وقد سجّل ارتفاع مقارنة بالعام 2015 في عدد العائلات التي تعيش تحت ما يُعرف بالحد الأدنى من الإنفاق لضمان البقاء (SMEB)، وهي وحدة قياس للبنود التي تعتبر ضرورية لبقاء الأسرة.

وقد أشارت ممثلة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ميراي جيرار، إلى أن “الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اللاجئون السوريون لم تتدهور بالحدّة نفسها كما في العام الماضي، غير أننا ندرك أن ذلك يعود إلى جرعات الأوكسجين الناجمة عن المساعدات الخارجية. فالوضع كان ليكون أكثر مأساوية لولا المساعدة التي تم تلقيها حتى هذا التاريخ. لا يزال اللاجئون السوريون المتواجدون على الأراضي اللبنانية غارقين في الديون، في حين يتواصل اعتمادهم الشديد على المساعدات الإنسانية.”

يتم إجراء هذا المسح، المعروف باسم “تقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين” (VASyR)، سنوياً في لبنان من قبل برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (المفوضية) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

لقد شهد العام 2016 حتى هذا التاريخ ضخّ 726 مليون دولار أميركي في البلاد في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة (LCRP) المنفذة بقيادة مشتركة بين الحكومة والأمم المتحدة؛ وقد ساعد ذلك على الحيلولة دون انزلاق المزيد من الأشخاص تحت خط الفقر. غير أن عملية المسح أظهرت أن الأسر قد استنفدت مواردها المحدودة وأنها مضطرة إلى التكيف من أجل ضمان بقائها بالحد الأدنى.

وتشير النتائج الرئيسية للدراسة إلى شيوع نهج مثيرة للقلق تُتبع في ما يتعلق بالاستهلاك الغذائي ونوعية الأغذية المستهلكة كنتيجة لتضاؤل الموارد؛ فتبيّن أن 34 في المائة من أسر اللاجئين تعاني من درجة متوسطة من انعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ23 في المائة في العام السابق. كما سجلت زيادة بنسبة 11 في المائة في عدد الأسر التي عمدت إلى تخفيض الإنفاق على الغذاء، وزيادة بنسبة 7 في المائة في عدد تلك التي تعمد إلى شراء الطعام بالدين.

وبحسب ممثل برنامج الأغذية العالمي في لبنان، دومينيك هاينريش، “فتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين (VASyR) يسلّط الضوء على عدم استقرار الأمن الغذائي الذي لا يزال سائداً. وعلى الرغم من أن النسب لم تسجّل تغييرات مأساوية مقارنة بالعام 2015، غير أنها تؤكد أن اللاجئين يعيشون على حافة الخطر و عانوا قطع المساعدات العام الماضي. لكن، وبفضل التبرعات السخية التي قدمتها الحكومات خلال هذا العام، يتمكن برنامج الأغذية العالمي من مواصلة توزيع الأمل على ما يصل إلى 700,000 لاجئ من خلال المساعدات الغذائية الشهرية التي يقدمها.”

وأظهر التقييم أن حوالي 4.6 في المائة من الأطفال يعانون من نقص في الوزن، مقابل 2.6 في المائة في العام 2013، تاريخ آخر مقارنة مماثلة. كما تبيّن أن نسبة الفتيات اللواتي يعانين من نقص في الوزن تفوق نسبة الفتيان. وذلك كله سيؤدي إلى عواقب سلبية أخرى على المدى الطويل على كل من الشباب والتعليم وصحة المجتمع ككل، ما لم يتم التوصل إلى حل مستدام.

أما ممثلة مكتب اليونيسف في لبنان، تانيا شابويزا، فقد أشارت إلى أن “النتائج هي تذكير لنا جميعاً بأن نسبة كبيرة من الأسر السورية المقيمة في لبنان تكافح وتقوم بكل ما في وسعها بالوسائل المحدودة المتاحة أمامها للحفاظ على صحة أطفالها وأمانهم. فالرعاية الصحية والغذاء والدعم العاطفي والتعليم هي أمور حيوية وأساسية لهؤلاء الأشخاص الذين عايشوا العنف في سوريا وتحملوا شتى المشقات في البلد المضيف. ثمة جيل كامل يعتمد على قدرتنا على حماية الفئات الأكثر حاجة وضعفاً – وهذا ما يجب أن نُسأل عنه، إلى أي مدى نجحنا في الوصول إلى من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة.”

وفي ما يتعلق بالمسكن، أظهر التقرير أن 54 في المائة من اللاجئين السوريين يحتاجون إلى دعم متواصل من أجل ترميم وتأهيل الملاجئ لاستيفاء الحد الأدنى من المعايير. بالإضافة إلى ذلك، 41 في المائة من اللاجئين يقيمون في مساكن هشة وغير آمنة، بما في ذلك خيام مرتجلة في المخيمات العشوائية (17 في المائة) وغيرها من الملاجئ المتدنية المستوى (24 في المائة)، مثل مرائب السيارات والمخازن أو الحظائر والمواقع الصناعية والمباني غير المنتهية. كما أظهرت الدراسة أن 22 في المائة يعانون من الاكتظاظ وانعدام الخصوصية، ممّا يمثل زيادة مقارنة بـ18 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه بعض اللاجئين مخاوف بشأن ضمانات السكن وخطر الإخلاء وغيرها من التهديدات.

هناك حاليا 1.03 لاجئ سوري مسجل في لبنان. لقد استندت هذه الدراسة إلى معلومات تم جمعها من 4,950 أسرة، 72 في المائة منها تلقت مساعدات مالية مباشرة. هذه النتائج غير نهائية، فسيصدر تقرير كامل في الخريف.

تستمر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الشريكة في توفير الدعم الإنساني للعائلات الأكثر عرضة للخطر والأكثر حاجة إليه، غير أنه لا بد من توفير دعم مستدام ومستمر لضمان عدم إغفال أي شخص بحاجة إلى المساعدة. يجب دعم المجتمع الإنساني من خلال تزويده بتمويل إضافي لكي يتمكن من مواصلة تقديم المساعدات الغذائية الحيوية، فضلاً عن الدعم في مجال المأوى والرعاية الصحية والتعليم حتى نهاية العام.