Site icon IMLebanon

عون وبري معاً في عين التينة؟!

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:

بين خطاب “الشائعة والحقيقة” الذي أطلقه نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي من الرابية، وبين البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للرئيس نبيه بري، ومن ثم التعليق الصادر عن الفرزلي، وصولاً إلى ما نقلته “أو تي في” عن العماد ميشال عون، انضبطت الخطابات كلها تحت سقف “مقررات طاولة الحوار الوطني”، فقرّبت المسافة بين عين التينة والرابية.

وعلى طريقة “تكتك حجلكن.. جاوبو حسوننا”، على ما يقول أحد نواب “تكتل التغيير”، ساهمت الرسائل المتبادلة في تلطيف الأجواء بين الطرفين، وصولاً إلى حد الغزل!

صحيح أن هذه الرسائل لم تؤد إلى فتح الأبواب بينهما بعد، لكن أكثر من “وسيط خير” يرى أن الكاميرات قد لا تتأخر قبل أن تلتقط صورة لعون وبري معاً في عين التينة.

من حضر اللقاء الذي جمع عون بالفرزلي، يؤكد أنه لم يسمع من “الجنرال” سوى المديح برئيس المجلس “اللمّاح وسريع البديهة والسلس والحاد الذكاء وصاحب النكتة..”. عون قال أيضاً بالفم الملآن: أسعد لحظاتي هي تلك التي أمضيها مع بري. باختصار، بدا واضحاً من اللقاء وما تلاه من مواقف أن “العلاقة على المستوى الشخصي ليست فقط مبنية على الاحترام، إنما على الإعجاب أيضاً”.

ذلك أمر لا يعني أبداً عزل التباينات السياسية “الطبيعية” بينهما. وهي اختلافات قد يكون عمرها من عمر عودة عون إلى لبنان، والتي توّجت بوصول وزراء “التيار” إلى وزارة الطاقة والكهرباء، المساحة الحيوية لـ “حركة أمل”. حتى هذه الملفات لم تعد، بالنسبة لكثر، جوهرية. فالوزير جبران باسيل سبق واتفق مع بري على موضوع النفط، فيما تم اللجوء إلى التحكيم لحل مشكلة الكهرباء (المعامل). أما بالنسبة للمياومين، فما زال العونيون يرون أن بري تخطى الاتفاق المكتوب الذي تم توقيعه وتوِّج بإصدار قانون يفترض أن يعالج القضية. لكنهم مع ذلك لا يجدون في الملف سبباً كافياً لصدام يؤدي إلى رفض بري لوصول عون إلى قصر بعبدا.

ماذا تعني السلّة الكاملة التي يتمسك بها بري؟

ينطلق العونيون في مقاربتها من جدول أعمال الحوار، أي قانون الانتخاب والحكومة ودعم المؤسسات الأمنية. قانون الانتخاب والحكومة هما المفتاح، طالما لا خلاف على حماية الاستقرار في البلد. وهما أمران لا يرى العونيون أنهما يشكلان عائقاً. فقد سبق وأبلغوا رئيس المجلس موافقتهم على اقتراحه الانتخابي. فيما يجاهرون بالحاجة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، إذ لا يمكن بدء عهد جديد مع مبدأ الإلغاء، خاصة ممن أطلق شعار الميثاقية.

وإذا كان ثمة من يشير إلى أن السلة الحكومية بالنسبة لعين التينة تتعلق برغبة بري بتحديد حصته الوزارية، وبأن تكون وزارة المال جزءاً ثابتاً من هذه الحصة، فذلك “لا يفترص أن يناقش مع عون إنما مع من يشكّل الحكومة”. أما مع عون فالاتفاق يكون على “تشكّل الحكومة لا تشكيلها، أي على المبادئ الأساسية”، فـ “أي حكومة لا تراعي الشراكة الجدية والحقيقية لن تمر من قصر بعبدا”.

قبل استقبال عون للرئيس الحريري، كان النهار الودّي بينه وبين بري قد بدأ بتصريح سوريالي للفرزلي من الرابية تضمن الآتي:

“الشائعة تقول إن العلاقة الشخصية بين دولة الرئيس بري وبين العماد عون هي علاقة غير جيدة، والحقيقة تقول وبعلمنا أن العلاقة الشخصية بين العماد عون ودولة الرئيس بري لم تكن خلال أي ظرف من الظروف الا علاقة جيدة مع كيمياء شخصية في أعلى درجات الانسجام والتوازن.

الشائعة تقول إن العماد عون هو في وضع إدارة ظهره لدور رئيس مجلس النواب، والحقيقة تقول إن العماد عون هو ابن المؤسسات ويعتبر أن رئيس مجلس النواب أعطاه الدستور الحق الحصري في ادارة المعركة الرئاسية، وهو أمر يجب ان يكون في أعلى درجات الاحترام والتقدير”.

الشائعة تقول إن الرئيس بري هو ضحية ضغوطات يقع فيها من هذه الجهة او تلك وخصوصاً من “حزب الله”. والحقيقة تقول إنه بالنسبة للعماد عون الرئيس بري هو زعيم سياسي وشعبي وزعيم كتلة نيابية وازنة.

الشائعة تقول إن الرئيس بري يشعر بحرج كبير وبردّة فعل قاسية وبغضب أكبر وبحزن أعمق اذا كان العماد عون رئيساً للجمهورية، أما الحقيقة، اني سمعت من معنيين من دارة الرئيس بري لو جرش العماد عون على ظهره ملحاً فلن يتنكر له ولدوره منذ عودته الى لبنان حتى يومنا”.

سارع بري للرد على الرسالة بأحسن منها، مؤكداً أن الخلاف ليس مع مرشح معين، موضحاً أن “الطروحات التي قدمها ويضعها بتصرف الجميع تعكس تمسكه بجدول أعمال الحوار الوطني، وهي لا تستهدف أيا من المرشحين بعينه، ولكنها بنظرنا الممر الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية وللحل المتكامل بدءا بانتخاب رئيس الجمهورية”.

بعدها، اعتبر الفرزلي أن الحوار هو “حاجة مستمرة للبنانين”، ناقلاً تأكيد العماد عون على أن السلة المتكاملة أو جدول الحوار الوطني هو أمر في غاية الاهمية ويشكل مدخلاً حقيقياً لصناعة الاستقرار وأن العماد عون ينظر بإيجابية كاملة لفكرة هذه السلة بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وذلك لاعادة انتاج المؤسسات الدستورية ولتكامل عقد الوفاق الوطني”.

وفي السياق نفسه، أكمل عون العزف على “أنغام الحوار”، فقال لـ “أو تي في” ليلا (بالتزامن مع وصول الحريري الى الرابية): “ونحن أيضاً، حين نعلن إيماننا وحرصنا على الميثاق والدستور، لا نكون نهدف إلى انتقاد أي مسؤول. بل إنقاذ النظام وحفظ حقوق الجميع. وفي كل الأحوال، كنا ولا نزال، نلتزم ما يُجمع عليه اللبنانيون، عبر مؤسساتهم الشرعية، كما على طاولة الحوار. أما الباقي، فيتكفل به افتراض حسن النيات وسلامة المقتضيات الوطنية”.