Site icon IMLebanon

عندما ينقذ “الجنرال” السعودية من مستنقع اليمن

 

 

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:

استفاد سعد الحريري من أخطاء «دعسته السياسية الناقصة» بترشيح سليمان فرنجية قبل نحو سنة. مع ميشال عون، اعتمد آليات مختلفة. كان واضحاً منذ اللحظة الأولى أنه لن يعلن موقفه الداعم إلا عندما تنضج الظروف ويتأكد من أن «تنازله» لن يذهب هباءً.

الموقف السعودي لطالما لخّصته عبارة «تأييد ما يتوافق عليه اللبنانيون». وقد قرأها كل طرف بما يتناسب مع موقفه من الاستحقاق. وحده الحريري كان يملك «كلمة السر»، التي جعلته يدرك أن الاستحقاق سيحصل بمجرد دعمه لعون.. وأنه سيكون رئيساً لحكومة العهد الجديد.

في المقابل، لم ينجح مرصدا عين التينة والمختارة في سبر أغوار الموقف السعودي، برغم زيارتي الوزير وائل أبو فاعور للرياض خلال أقل من شهر واحد. حاول بري البحث في دهاليز «مملكة الصمت» عن أي «لا» سعودية تُرفع بوجه عون، ليتكئ عليها في معارضته لخيارات الحريري «الانتحارية»، فيما كان الأخير يتعمّد أن يوحي بأنه يغامر، وأنه يسعى لتسويق وجهة نظره، داخلياً وخارجياً.

كل ذلك لا يغني عن السؤال الأساس: كيف يمكن للبنان أن يقفز فوق كل الجدران والمتاريس العالية المرتفعة في كل ميادين الإقليم وساحاته الملتهبة، من اليمن الى ليبيا مروراً بسوريا والعراق، فينجح في تمرير استحقاقه الرئاسي في غفلة عن الصراعات المستمرة؟ وكيف يمكن للبنانيين أن يتخلوا عن تناقضاتهم المرتبطة أيضاً بتوزّعهم بين المحاور الإقليمية فجأة، فيكتشفوا معادلة «صُنع في لبنان»؟

حتى أصحاب نظرية اللبننة، يتحدثون في مجالسهم عن «أمر ما حدث على مستوى كبير»، وهم يلمّحون الى مقايضة ما بين ملفي لبنان واليمن.

بدا جلياً أن السعودية تريد وقف حربها على اليمن، اليوم قبل الغد، أضف إلى ما يتردد عن سعيها إلى تشكيل قوة حفظ سلام، تتشكل من دول تحظى بثقة السعوديين من جهة والحوثيين وحلفائهم من جهة أخرى. وهذا لا يمكن أن يجري من دون قرار أميركي حاسم بإنهاء الحرب، وبموافقة إيرانية واضحة.

المقايضة هنا لا تعني، بحسب قراءة نائب عوني، تسليم اليمن للسعودية وتسليم لبنان لإيران. أما أحد حلفائه فيرى أن «ثمة حاجة سعودية ماسة لإنهاء الحرب في اليمن بأقل الخسائر، فالمملكة تدرك أن استمرار الحرب بعد كل المجازر التي ارتكبتها، وآخرها مجزرة مجلس العزاء، وبعدما فشلت في حماية حدودها من الخروق الحوثية المستمرة، لن يؤدي إلا إلى زيادة خسائرها وتعميقها».

وفق التحليل نفسه، ثمة من وجد في لبنان خير مقابل. وها هو الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، وهو السفير السابق في العراق، الذي طلبت بغداد استبداله نتيجة تدخله في الشؤون العراقية الداخلية، والذي كان قبل انتقاله إلى العراق ملحقاً عسكرياً في السفارة السعودية في بيروت، يصل إلى لبنان في مهمة استثمارية بالسياسة هذه المرة وليس بالودائع أو المشاريع. مهمته الأولى مباركة وصول عون إلى قصر بعبدا، ولو أن العبارة التاريخية نفسها لم تبارحه: نبارك كل ما يتوافق عليه اللبنانيون.

قد لا يمكن إحصاء الأسئلة المطروحة على العهد الجديد. لكن مع افتراض أن معظم الانقسام الداخلي له جذور خارجية، فإن العين ستكون مركزة على المواقف من أزمات المنطقة.

وعلى سبيل المثال، هل صحيح أن عون تعهد للحريري بأنه لن يزور سوريا؟ يرفض مصدر في «تكتل التغيير» هذا الأمر جملة تفصيلاً، ليس رفضاً لحصول التعهد فحسب، بل من باب عدم التطرق إلى المسألة السورية بالتفصيل. يقول إن النقاش مع الحريري كان عنوانه: التضامن العربي وعدم الدخول في محاور إقليمية. وهذا يمكن أن يحدد الكثير من هوامش العهد إن كان في العلاقة مع سوريا أو السعودية أو إيران.

وإذ يُذكّر المصدر بأن رئيس الحزب يختلف عن رئيس الجمهورية، فهو يشير إلى أن ذلك لا يعني التخلي عن المبادئ، وأهمها حماية المقاومة، التي كانت خطاً أحمر عند «الجنرال» بعد ترشحه إلى الرئاسة، وقبلها.

«أي اتفاق مهما كان متيناً لن يصمد أمام ثقل التناقضات الداخلية والخارجية، فكيف إذا كان هشاً كما يظهر حالياً»؟ هذا السؤال تطرحه شخصية حيادية. وتختم: «هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها تفاهمات بين أناس مختلفين إلى هذا الحد، لكن حجم الاشتباك الإقليمي المرشح للاتساع ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، قد تصيب شرارته لبنان بالنزوح والأمن والسياسة.. فلننتظر».