Site icon IMLebanon

تقرير IMLebanon: قبعيت عاشت جحيماً فعلياً… هل كان نظام “البلمند” قادراً على منعه؟!

 

 

ساعات طويلة من الرعب عاشتها بلدة قبعيت العكارية، اذ تحولت منذ ليل الاحد – الاثنين لما يشبه جحيم فعلي إثر حريق هائل روّع الأهالي وشغل اللبنانيين عبر مواقع التواصل بضخامته وبتقاعس المعنيين عن إخماده!

الحريق كان كارثيا بنتائجه البيئية إذ أتى على أكثر من 300 ألف متر من الأشجار وعلى أكثر من 7 آلاف شجرة زيتون. الحريق المدمّر لم تعرف اسبابه حتى الساعة وعما إذا كان مفتعلا أم لا لكن العوامل الطبيعية من ارتفاع في درجات الحرارة فضلا عن الرياح الناشطة ادت الى توسع رقعة النيران لتمتد وتصل الى المنازل.

الحريق عاد وتجدد الثلثاء قبل هطول الأمطار والسبب هو اشتداد الرياح، ولكن بعد مرور ساعتين هطلت الامطار لتبرد قلب ابناء المنطقة وتخمد النيران لتبعد خطر اندلاع الحريق مجددا!

هذا في التفاصيل الميدانية لكن الصادم انه علمياً كان يمكن تجنب هذا الحريق بفضل نظام كشف بيئي طوّرته جامعة “البلمند”، حيث ان هذا النظام يكشف خطورة امكانية حصول حريق في كافة الاراضي اللبنانية فضلا عن ان المؤشر يعطي دلالات لفترة 9 أيام!

لكن لماذا لم يستفد احد من هذا البرنامج وكيف يمكننا تطويره واستخدامه مستقبليا لتجنب حرائق مماثلة؟

 

 

هذا ما جرى وسط النار!

“حسرة” رئيس بلدية قبعيت في عكار علي حمزة في حديثه  لموقع IMlebanon كبيرة، فبعد أن يستعرض حجم الأضرار البيئية، شاكرا الله ان الأضرار البشرية لم تكن خطيرة، يشير الى أننا “لا نعرف حتى الساعة كيف بدأ الحريق ولكن القوى الامنية تحقق في الموضوع لمعرفة الملابسات لنتأكد اذا كان مفتعلا ام لا. واستبعد امكانية افتعال الحريق من أجل استثمار الاشجار الحرجية كحطب مع اقتراب فصل الشتاء.

حمزة يطالب إما الغاء الدفاع المدني في لبنان او تأمين الاجهزة الضرورية واللازمة له وتثبيت الموظفين، ويقول: “التثبيت يؤدي لأن يقوم بواجه على اكمل وجه، فهو يعمل لـ20 عاماً وسط الاخطار من اجل اخماد الحرائق ويحتاج للدافع ليكون منتجاً!”.

ويكشف عن ” تقصير كبير من قبل الدفاع المدني، فهل يعقل ان الدفاع المدني لا يملك خرطوما من اجل الدخول الى الاحراج وبين الاشجار لاخماد الحريق؟ وهل يعقل ان الدفاع المدني النار مشتعلة تحته وهو يقف على الطريق ولا يمكنه اخمادها؟ كان هناك بطء في العمل ولكن في ساعدونا على قدر ما استطاعوا”.

ويشرح ان “طوافات الجيش لم تكن قادرة على التحليق في اليوم الاول من الحريق لان الهواء كان قويا جدا، ولم يأت احد من الأمنيين بسرعة للكشف على الحريق واعطاء الامر لقيادة الجيش لترسل طوافة، بل انتظروا حتى ساعات بعد الظهر، لذلك لحين وصوله كان قد حلّ الظلام وتم تأجيل ارسال الطوافة الى الصباح”. ويطلب من المؤسسة العسكرية ان تقبل في الحالات الاستثنائية بارسال طوافة لاخماد الحريق عندما يطلب رئيس البلدية منها، وعدم انتظار تقرير الضابط الامني الذي ترسله ليكشف على الحريق ومن بعدها اعطاء الامر.

 

 

نظام بيئي كشف حريق قبعيت!

هل كان يمكن تفادي هذا الحريق؟ السؤال انتشر بقوة بعد انتشرت صورة تظهر دراسة اظهرها النظام البيئي الذي طورته جامعة “البلمند” القادر على توقع حصول الحرائق حيث كان قد اظهر ان مؤشر اندلاع حريق في قبعيت مرتفع جدا!

يؤكد مدير برنامج الاراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند الدكتور جورج متري، في حديث لـIMlebanon أننا “بدأنا العمل على هذا النظام منذ 4 سنوات تقريبا حتى تكمل التجهيزات والخرائط لكي نصل الى قدرة توقع حصول الحرائق لمدة تصل الى 9 أيام”.

ويضيف: “نحن نعمل على أمرين اساسيين، الاول هو خطر الحريق الذي لا يتغير بين يوم آخر وله علاقة بالغطاء الحرجي وخصائصه، ان كان نبات او عشب يابس او شجيرات صغيرة، فنعمل على معرفة انواع تلك الشجيرات وكثافتها واين موقعها بحسب التوبوغرافيا، لان وجهة انحدار الاراضي تؤثر على خطر انتشار الحرائق، فكل تلك الامور وضعناها ضمن خريطة مخاطر الحرائق. ولكن لكي نفهم كيف يتغير الخطر بين يوم وآخر  عملنا على تطوير نظام يكشف لنا تغيّر عوامل الطقس، فإذا هناك رطوبة متدنية وحرارة مرتفعة جدا وسرعة هواء معينة فهذا الامر يزيد من مخاطر الحريق، ولكن هذا الامر لا يعني ان الحريق سيشتعل من تلقاء نفسه بل في حال كان هناك مصدر للنيران عندها يكون من الصعب السيطرة عليه لذلك كل العوامل تكون موجودة لحصول الحريق وانتشاره بشكل سريع وكبير، وحرائق كبيرة مثلما حصل في عكار منذ بضعة ايام”.

ويشير متري الى أن “هذا النظام الذي طورناه يجمع خصائص الغطاء الحرجي الموجود مع توقعات الارصاد الجوية، فنجمعها ببضعها ضمن النموذج الذي طورناه ويعطينا مؤشر خطر الحرائق على كل الاراضي اللبنانية”، ويكشف عن أن “المؤشر فوق بلدة قبعيت في عكار كان يشير الى خطر كبير لامكانية حصول الحريق، بحيث ان المؤشر كان يتراوح بين مرتفع ومرتفع جدا”.

 

 

لماذا لم يتحرك المعنيون؟

هل تم إبلاغ المعنيين بهذا الخطر المحدق؟ يلفت متري الى اننا “اطلقنا البرنامج منذ اسبوع تقريبا ودعينا كل الادارات المعنية منها الدفاع المدني وقوى الامني الداخلي والمعنيين في اداراة الحرائق، ولكن نحن مؤسسة اكاديمية ووظيفتنا ليست التواصل مع البلديات إلا ضمن مشروع معين وعملنا الاساسي هو تطوير الاداة التي هي بين ايدينا لنضعها بتصرف الوزارات والادارات المعنية، لذلك دعينا الادارات المعنية لنشرح لها فعالية هذا النظام واهميته وكيف يمكن العمل عليه لمعرفة الخطر كيف هو موزع في مختلف المناطق اللبنانية، خصوصا ان يمكنهم التواصل مع البلديات بطريقة اسرع ومع المراكز المعنية ووزارة الزراعة والدفاع المدني ووحدة ادارة المخاطر، فهؤلاء يمكنهم الاستفادة من هذا النظام ويتواصلوا مع البلديات الموجودة ضمن خطر مرتفع ويأخذوا كل الاجراءات اللازمة”.

متري يؤكد ان “اجراءات الوقاية لا يتم اتخاذها في اي مكان في لبنان، والدفاع المدني لديه تحليلاته الخاصة ونحن اعلمنا الجميع عن وجود هذا النظام واذا يريدون الاستفادة منه فهو موجود، فنظامنا عملي ومتطور وذات تقنيات عالية، والحريق الاخير الذي حصل اكّد صوابية هذا النموذج”.

 

 

هكذا تستفيدون من نظام “البلمند

وعن أهمية وفعالية وتطوير هذا النظام البيئي، يقول متري ان “هذا النظام يمكن استخدامه من قبل جميع المواطنين وما عليهم فعله سوى الدخول الى الموقع المحدد ومتابعة كل منطقة بمنطقتها لرؤية مدى خطورة امكانية حصول حرائق، ويمكن لاي بلدية الاستفادة من هذا النظام ايضا وتدخل كل يوم على الموقع وتشاهد ما اذا كان هناك خطر لحصول حريق وتشاهد كيف تتغير النسب خلال تسعة أيام، واذا رأت ان هناك خطر مرتفع لحصول حريق فعندها يمكنها اتخاذ التدابير اللازمة والاحتياطات اللازمة”.

ويكشف متري: “نسعى الى انشاء تطبيق عبر الهواتف الذكية لهذا النظام بحيث يصبح العمل عليها بطريقة سريعة، ويمكن استخدام هذا البرنامج خلال نشرات الطقس قبل او بعد الاخبار خصوصا في ايام الصيف الحارة وفي موسم الحرائق لتوعية الناس من مخاطر الحرائق، ويمكن اعتماده كالأرصاد الجوية للحفاظ على الثروة الحرجية والبيئية والحيوانية. خصوصا ان الحرائق تزداد جدا والمساحات المحروقة تزداد بطريقة مؤسفة ما يؤدي الى تلوث بيئي كبير ويضر بالاقتصاد المحلي لبعض الغابات”.