Site icon IMLebanon

أيّها الخليجيون عودوا (بقلم بديع قرحاني)

 

كتب بديع قرحاني

ثمة حقيقة لا يجادل فيها أحد وهي أنّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبنان لم يثر أي اعتراض في دول مجلس التعاون، وخصوصا في المملكة العربية السعودية، وإلا لما اقدم الرئيس الحريري على هذه المبادرة رغم حرص الإعلام الإيراني على تصوير الأمر وكأنه “إنتصار إيراني”.

وفي اقتناع الجميع، لبنانيين وخليجيين بدءا بالرياض، أن التسوية التي سمحت بـ”عودة لبنان” إلى ذاته، وإلى المشهد العربي، لا يمكن تسجيلها في حساب الإنتصارات أو الهزائم لأي فريق إقليمي، لأنها ببساطة أفضل الحلول لإخراج لبنان من مخاطر الفراغ، لمصلحة العرب جميعا واللبنانيين.

الإقتناع الآخر هو أن عودة الرئيس سعد الحريري إلى المشاركة في السلطة تكريس للتوازن اللبناني الداخلي، وهو توازن لا بد منه لإعادة بناء العلاقات اللبنانية –الخليجية على أسس سوية، ولو أن بعض وسائل الإعلام الخليجية تعاملت ببرودة نسبية، مع الرحلة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت بعد الإنتخابات الرئاسية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن أن يتحول “اللإعتراض” الخليجي إلى مبادرة تعيد الوصل إلى العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بالخليج، على قاعدة أن الطلاق اللبناني- الخليجي مستحيل، وأن تطبيع العلاقات قدر لا مفر منه؟ هذه المبادرة ننتظرها من المملكة، قبل أو بعد تشكيل الحكومة الحريرية، وهي التي تعيد تحصين التعاون القائم بين لبنان والخليج، وتعيد إرساء هذا التعاون على أسس صلبة. بعد فشل طهران في إحتكار الولاءات اللبنانية، بقيت الغالبية العظمى منهم متمسكة بعلاقاتها العربية والخليجية، هذه الغالبية رفضت ان يدور لبنان في الفلك الإيراني، وان يعيش لبنان في ظل ولاية الفقيه. إن عودة الخليج إلى لبنان يساعد لبنان على تحصين نفسه في مواجهة كل التحديات، ولبنان المحايد منذ الإستقلال (إلا في الصراع مع إسرائيل) يشكل خط دفاع حقيقي عن سلامة الخليج وأهله، وحليفاً قوياً للقضايا الخليجية والقومية في المحافل الدولية. هذه المعادلة تكرست بعد إنتخاب العماد عون الذي اعلن التزامه باتفاق الطائف وعودة التوازنات الداخلية الميثاقية. أما إنخراط فريق لبناني في القتال الإقليمي، فهو إنخراط فئوي، لم يحصل بقرار رسمي، وهو أقرب إلى إنفلات ميليشياوي لإعتبارات مذهبية، بعدما اتخذ الصراع في المنطقة طابعا طائفيا، علما أن لبنان الرسمي بريء منه، وأن الرئيس – كما ورد في خطاب القسم – بريء بدوره. إن أي رحلة سعودية إلى لبنان، تشكل ضمانة أخوية لإستقرار لبنان السياسي، وإعترافا علنيا بشرعية العهد الجديد وحكومته، وأولى نتائجها عودة العافية إلى الدورة الإقتصادية اللبنانية. إن المملكة مفتاح لبنان الخليجي، ولبنان بالغ الحرص على إعادة الوصل مع أشقائه، وسيبقى بالتأكيد شرفة الخليج على المتوسط وعواصم القرار الأوروبي.

للأشقاء الخليجيين نقول: “عودوا إلى البلد الذي تحبون والفرصة اليوم متاحة فعلا، لتكريس التوازن اللبناني الجديد على أسس صلبة تستمد قوتها من حقائق التاريخ والجغرافيا. أيها الخليجيون عودوا إلى وطنكم الثاني”.