Site icon IMLebanon

ديمقراطية الإرادة (بقلم بسام أبو زيد)

كتب بسام أبو زيد

جرت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية وفاز فيها دونالد ترامب، رغم أن فوزه لم يكن متوقعا في أي من استطلاعات الرأي، وهذا دليل على أن من يفوز بمنصب الرئاسة في تلك البلاد لا يمكن أن يكون محسوما قبل انتهاء العملية الانتخابية.

هذه الصورة في الولايات المتحدة  هناك نقضيها في لبنان إذ أن رئيس الجمهورية يعرف قبل انتخابه ويكون الانتخاب فقط من باب استكمال الإجراءات الرسمية.

لم تكن الديمقراطية يوما في الولايات المتحدة شعارا فارغا، بل هي ممارسة تبقي سيف المحاسبة مسلطا على رقبة الرئيس ومعاونيه، فإن افلحوا في سنوات الحكم الأربعة الأولى، جدد الشعب الأميركي ثقتهم به، وإن اخفقوا حمل الناخبون لواء التغيير ولو كان ذلك على حساب صورة المرشح ونظرة العالم إليه.

هذا في الولايات المتحدة، أما في لبنان، فلا ديمقراطية ولا من يحزنون. فعجلة الاستحقاقات لا تدور كما ينص الدستور، فلا انتخابات رئاسية كل ست سنوات،ولا انتخابات نيابية كل أربع سنوات، ولا معارضة ولا موالاة، ولا محاسبة رادعة يفرضها قانون انتخابات يؤمن صحة التمثيل ولا قيام حكومات على أساس علمي وسياسي مختص بل أن تقاسم الحصص يفتح شهية المزيد من الراغبين. وان كل ما في الأمر هو ما يعرف بالديمقراطية التوافقية وهي التي تفرض أجماعا في اي موضوع كبير أو صغير وإن لم يتوفر هذا الإجماع توفر التعطيل وهو العدو الأول للديمقراطية الحقيقية.

لن يتبدل هذا الواقع في لبنان، ولن تستطيع أي جهة سياسية ممارسة الديمقراطية كما يجب وحتى على نطاقها الضيق،باعتبار أن ممارسة كهذه تفرض المحاسبة والمسألة عند أي أخطاء أو تبديل للأولويات، وهذا ما لن تقدم عليه القيادات السياسية باعتباره أكبر تهديد لوجودها ممسكة بالرأي العام تتجه به إينما أرادت ووفق أهوائها الشخصية.

في لبنان لسنا نحن نموذجا يحتذى في الديمقراطية، نحن نموذج يحتذى في كيفية التفريط بها،وأول حجر على طريق إعادة بناء الدولة يجب أن يكون الاعتياد مجددا على ممارسات ديمقراطية وتشجيعها ولكن السؤال الأساس، هل يرغب فعلا القادة السياسيون بذلك؟

ليست المسألة مسألة رغبة، إنما هي مسألة إرادة وثقة والأمران لا يتوفران بعد في معظم الطاقم السياسي اللبناني.