Site icon IMLebanon

ما حقيقة تردّي وضع “أمير داعش” في السجن؟

 

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:

لم يكد خبر توقيف أمير «داعش» الأسبق في عين الحلوة عماد ياسين يفاجئ الأطراف الفلسطينية واللبنانية على حدٍّ سواء، حتى ظهر مقطع فيديو أوضح كيفية حصول العملية النوعية وصدم الجميع بمدى حرفيته، لتبدأ بعدها الأقاويل عن وضع ياسين «الصحي» في السجن الذي وُضع فيه، في محاولة لتشويه العملية التي حصلت.إذا كان توقيف ياسين من خلال عملية نوعية قد أحدثَ هزة في صفوف تنظيم «داعش» وأربَك الإسلاميين داخل المخيم، خصوصاً أنّ هذه المجموعات فشلت بعدها في تنفيذ أيّ عملية إنتقاماً أو رفعاً لمعنويات المجموعات التابعة لها بعد الضعضعة التي أصابتها، فلا شك في أنها انتقلت الى خطة جديدة تقضي بالحديث عن الوضع الإنساني لياسين، في محاولة لاستعماله باتجاه الهيئات الدولية وإثارة نوع من النقمة التي تأخذ في بعض الأوقات الطابع الطائفي في لبنان.

لم يعد خفياً على الأجهزة الأمنية أو حتى على المواطنين العاديين أنّ هذا الأسلوب يُعتمد عند وصول هذه المجموعات الى الرمق الأخير، فترمي «رصاصة» الوضع الصحي في محاولة للاستحواذ على عاطفة الهيئات الدولية، وما مِثال الشيخ المعتقل أحمد الأسير الذي سبق ياسين الى السجن سوى دليل حسي على هذا الموضوع، فصفحات مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت في السابق بخبر تدهور حال الأسير الصحية، ليتبيّن أنّ الأمر برمّته مفبرك.

وفي هذا المجال يبدو أنّ هناك حملة منظمة تقوم بها جهات باتت شبه معروفة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، تضخّ معلومات مرتبطة بالوضعين «الإنساني والصحي» لياسين وطريقة التعامل معه في مكان توقيفه، وهذا الأسلوب أصبح مفهوماً كونه يتكرر باستمرار في محاولة استخدام البعض له في مواضيع تَمسّ السلم الوطني من خلال اللعب على الوتر الطائفي عبر استغلال بعض الجهات الدينية.

بروز قضايا جديدة

وفي السياق، توضح مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» أنّ «توقيف ياسين هو بإذن من السلطات القضائية المختصة، وقد أحيل مع ملفه الكامل الى النيابة العامة بنحو 15 قضية، إختُتم التحقيق في بعضها فيما يستمر في أخرى، وكذلك تبرز قضايا جديدة خلال التحقيق الذي يتمّ إطلاع القضاء المختصّ عليها أولاً بأول»، مؤكدةً أنّ «ياسين يخضع في سجنه لكل الشروط الإنسانية، لأنّ مديرية المخابرات تتعامل مع الموقوفين وفقاً لهذه المعايير التي تحترم، وهو ما أُثبت يوم تنفيذ عملية توقيف ياسين والتي اعتُبرت نظيفة مئة في المئة، إذ أخذت في الاعتبار عدم تعريض حياة الأبرياء للخطر».

وتشير المعلومات الى زيارة طبيب بشكلٍ دوري لياسين، واضعاً تقريراً طبياً مفصّلاً عن حاله الصحية، تتمّ متابعته دقيقة بدقيقة، كما لا يتم التعرّض له في الغرفة الموجود فيها، وأنّ النيابة العامة هي الوحيدة التي تملك صلاحية أيّ قرار في شأنه، في إشارة الى أنّ كلّ كلام يُقال عن عرقلة مديرية المخابرات لزيارة زوجة ياسين أو تأخير زيارة محاميه هو كلام غير صحيح، لأنها مسؤولة فقط عن متابعة التحقيقات معه في بعض الملفات وتأمين سلامته، أمّا بقية التفاصيل فهي من صلاحيات النيابة العامة.

رد «الشرور» عن ياسين

من جهة أخرى، بات معلوماً أنّ نقل ياسين الى جلسات المحاكمة أو التحقيق يخضع لإجراءات أمنية خاصة، نظراً لأهمية الدور الذي كان يؤديه، حيث تتمّ مراعاة الشروط القضائية والحرص على عدم عرقلة سير المحاكمات أو التحقيقات أمام القاضي المختص.

ولا تعود ضرورة حماية سلامة ياسين لأهميته القضائية فحسب، بل حرصاً على سلامة المواطنين في الطرقات كذلك، إضافة الى العناصر المكلفة نقله. أمّا ما جعل ياسين «كنزاً» تسعى الدولة لردّ «الشرور» عنه، فهو احتواؤه خزان معلومات أولاً، وكونه متهماً رئيساً في مجموعة كبيرة من العمليات ثانياً، بدءاً من مقتل القضاة الأربعة، وصولاً الى العمليات التي كان ينوي تنفيذها حالياً، خصوصاً أنه معروف عن التنظيمات الإرهابية محاولتها اغتيال موقوفيها أثناء وجودهم في المحكمة أو لدى نقلهم عادةً، سعياً لإخفاء آثار جرائمها، ما يتطلّب اتخاذ الأمن إجراءات إستباقية تأخذ في الاعتبار كل السيناريوهات المحتملة.

وفي هذا السياق، تؤكد المصادر أنّ «الأجهزة المعنية وكما تعاملت مع ملف الأسير، حين أصدر القضاء قراراً بنقله من سجن الشرطة العسكرية الى سجن رومية، فنفّذت الأمر، تتعامل بالمِثل مع ملف ياسين، وأنّ مديرية المخابرات تخضع كضابطة عدلية مكلفة بالتحقيق في هذه الملفات مع هذا المتهم أو غيره، لسلطة القضاء التي تملك وحدها صلاحية اتخاذ القرار المناسب لناحية نقله وتحديد هويّات زوّاره»، معتبرةً أنّ «كل كلام آخر يصبّ في خانة تشويه العملية النوعية في توقيفه».

إذاً، تُكشف يوماً بعد آخر الأوراق التي تستعملها المجموعات الإرهابية للتستير على خسائرها أو لمحاولة تعويضها، غير آبهة أنه على مرّ السنين لم تثنِ هذه الطرق الأجهزة الأمنية عن توجيه ضربات للإرهابيين أينما وجدوا ومهما كانت التهم الموجّهة إليهم، سواء الإعتداء على مدنيين أو عسكرين، علماً أنّ الهدف دائماً يكون اقتيادهم الى القضاء اللبناني الذي يأخذ في حقهم الإجراءات اللازمة.