Site icon IMLebanon

وباء “القوات” في هواء العهد الجديد!

 

ذكرت صحيفة “الأخبار” ان هناك خشية متنامية عند أوساط لبنانية واسعة، بينها جميع قوى 8 آذار وجهات مستقلة، من انتشار وباء “القوات اللبنانية” في هواء العهد. والمشكلة، هنا، ليست في أن يتحول العماد عون وكوادر التيار وقواعده الى معجبين بأفكار الحكيم وعائلته، بل تكمن في تجاهل بعض الحقائق، ومنها:

أولاً: أن “القوات” لم تكن عنصراً حاسماً في الانتخابات الرئاسية. وكل كلام آخر يدل على نقص في الواقعية ونقص في العقل. ولنتذكر فقط، أنه لو قبلت السعودية مع الحريري بترشيح عون في المحاولة الأولى، وظلت “القوات” معارضة، لكان عون صار رئيساً بدون موافقة “القوات”. كذلك الحال لو أن العماد عون تنازل لسليمان فرنجية، لوصل الأخير الى بعبدا ولو نام الحكيم من دون عشاء.

ثانياً: أن “القوات” تسعى، اليوم، لا الى كسب حضور، بل تسعى فعلياً الى انتزاع شرعية شعبية عامة عند المسيحيين، وهي لذلك تتصرف على أنها منتصرة. بل أكثر من ذلك، تتصرف ـ وهو حال عونيين ومسيحيين مستقلين من الموجودين في الإدارة العامة للدولة ـ على أساس أنها المنتصرة في المعركة. وهي التي تشجع بعض الاتجاهات المسيحية على ارتكاب خطأ قاتل اليوم.

“صحيح، بل منطقي، أن يتصرف المسيحيون عموماً، وموظفو القطاع العام منهم على وجه خاص، بأن وصول عون يجعلهم في حل من كل التزام قسري بدر منهم لمراجع أخرى في البلاد. ومن الطبيعي أن نتوقع لغة وتصرفات وتعليقات مختلفة عن السابق. كل هذا لا يهم. المقلق، بل الخطير، هو إيهام الشارع المسيحي بأن ما حصل إنما كان استعادة لكل القوة المسيحية في الحكم، والتي ذهب قسم منها مع حصول اتفاق الطائف. لأنه في هذه الحالة، سترتفع الآمال لدى المسيحيين بأننا في طريق العودة الى الصيغة السابقة. وهو أمر محال، بل له نتائج كارثية فيما لو حصلت المجازفة. وأقل التحذيرات الممكنة اليوم، والتي يجب قولها صراحة، أنه إذا غامر المسيحيون بسلوك قائم على أفكار “القوات” المتخلفة، فسيسمعون مسلمين يصرخون رافضين المناصفة، وعندها سنكون أمام لبنان آخر”.

ثالثاً: أن الحديث عن استعادة حقوق المسيحيين لا يمكن للتيار الوطني أن يترك إمر إدارتها الى “القوات”، وهي شريك أساسي في هدر هذه الحقوق، منذ أن قبلت تولي معركة إطاحة عون في ثمانينيات القرن الماضي، الى حين عودتها بعد عام 2005، عندما وافقت على السير في ركاب تحالف الحريري وجنبلاط، برعاية أميركا والسعودية وفرنسا، وهو التحالف الذي كان يسرق حقوق المسيحيين، نواباً ووزراء وموظفين في الدولة. وما كان مهدوراً من حقوق المسيحيين، وصادره الشيعة، عمل حزب الله، وفقط حزب الله، على إعادته سالماً معافى في قضاء جزين وانتخابات قضاء بعبدا. وبالتالي، فإن أي “ثأر” إن وجد، وهو خطأ، فهو ليس مع حزب الله.

رابعاً: تروّج “القوات” بأن ما يقوم به الرئيس بري في الملف الحكومي، إنما هو مطلب لحزب الله أيضاً. وطبعاً، ما يهم “القوات” ومن خلفها كل خصوم حزب الله، في الداخل والخارج، هو القول إن الشيعة (اقرأ حزب الله)، هم العقبة أمام انطلاقة العهد. وما تقوم به “القوات” اليوم، ومن دون ردع حقيقي من جانب التيار، هو إشاعة المناخات القائلة بأن حزب الله ومعه كل الحلفاء، وخصوصاً فرنجية، هم أعداء المسيحيين. والمشكلة هنا، ليست في أن جعجع يحترف المعارك الخاسرة، إنما في أن الخسارة، هذه المرة، ستصيب جسم عون أيضاً.

خامساً: تقود “القوات” معركة ضد عزلها وضد عزل المسيحيين. لكن من به عطب أصلي، لا يمكن إصلاحه، إذ إن “القوات” التي تطالب اليوم بمنع تمثيل فرنجية، تفرض الفيتو على تمثيل حزب الكتائب. ولا يزال جعجع ينظر إلى آل الجميل، بالطريقة نفسها التي كان ينظر بها إلى خصومه المسيحيين منذ أن حَمَل السلاح، وأجاد ــ كما فعلت “القوات” تاريخياً ـ حروب الإبادة ضد الخصوم. وتتكل “القوات” في موقفها الرافض لتمثيل الكتائب، على أن عون لن يخوض معركة آل الجميل، وأن الحريري لا يعرف الوفاء مع فرنجية، فكيف يهتم بالكتائب، وأن بري ليس له علاقة بأمر المسيحيين!