Site icon IMLebanon

تهدئة نصرالله لفظية أم فعلية؟ (بقلم رولا حداد)

 

كتبت رولا حداد

 

أجمع المراقبون على أن الإطلالة الأخيرة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله كانت أكثر من هادئة في الشكل والنبرة، حرصاً منه على تطمين الداخل اللبناني، وخصوصا مع انطلاقة العهد الجديد. وقد أدى نصرالله أقصى درجات المرونة والإيجابية اللفظية حيال العهد الجديد ورئيس الجمهورية ميشال عون.

ولكن، وبعيداً عن الشكل، فإن مضمون كلام السيد نصرالله لم يأتِ بشيء جديد، ولم يعطِ إشارات إيجابية ملموسة حيال مسار عملية تشكيل الحكومة الجديدة، كما حيال دور رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في إتمام عملية التأليف، هذا إذا استثنينا المجاملة حيال الرئيس عون باعتباره أنه “يكفينا اليوم أنّ عون موجود ليشكل بالنسبة إلينا الثلث الضامن!”

يكفي لأي مراقب أن يلاحظ كيف أن الأمين العام لـ”حزب الله”، وعوض أن يرسل الإشارات إلى حليفيه الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية لتسهيل التأليف، إذا به يوصّف الوضع القائم ويتحدث عن وجود إشكالات حول حقيبة أو حقيبتين، وهما فعليا حقيبة الأشغال المتنازع عليها بين بري و”القوات اللبنانية” والحقيبة التي يُطالب بها فرنجية ويرفضها رئيس الجمهورية. فهل المطلوب من السيد نصرالله أن يتحدث كمحلل سياسي أو كزعيم “يمون” على حلفائه لتسهيل انطلاقة العهد؟

كما أن السيد نصرالله، وإن اعترف لـ”القوات اللبنانية” بانها قوة سياسية أساسية في البلد، إلا أنه وقع في تناقض ما بين هذا الاعتراف وما بين قوله إنهم في “حزب الله” ليسوا مشغولين بـ”القوات”، وبين إطلاق النار على معراب عندما اعتبر أن ثمة “قوى تطالب بحقائب أكبر حجم من تمثيلها النيابي”!

ولم يشرح نصرالله كيف يمكن أن يترجم تمنيه “عدم الضغط على العهد الحالي بالنسبة إلى تشكيل الحكومة”، وكيف يوفق بين هذا التمني وبين دفاعه عن الرئيس بري في حقه بالمطالبة بحقائب وازنة له وللنائب فرنجية ضمناً؟ وإذا كان من حق “حزب الله” أن “يحرص على أن تعود العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة” إلى سابق عهدها” كما قال نصرالله فإن السؤال الذي لا مفر منه عندها هو أين كانت مساعي ترجمة هذا الحرص من خلال السعي لسحب فتيل التوتر بين الرابية وبنشعي عبر سحب ترشيح فرنجية لتأمين انتخاب هادئ للرئيس عون وتفادي التشنجات؟

في اختصار يمكن الاستنتاج أن كلام نصرالله في مضمونه لم يقدّم جديداً باستثناء التبرّؤ من كل الحبر الذي استُعمل على صفحات الصحف المقرّبة من “حزب الله” لشن حملات على رئيس الجمهورية وعلى وزير الخارجية جبران باسيل، وذلك من خلال التأكيد مراراً وتكراراً أن الحزب لا يستعمل هذه الأساليب، كما بالتبرّؤ أيضا من كل لغو المصادر في 8 آذار والتي لطالما أتقنها “حزب الله”.

يبقى السؤال: هل يكفي الرهان على التهدئة اللفظية للسيد نصرالله؟ وهل هذه التهدئة كفيلة بتأمين ولادة سريعة للحكومة العتيدة؟ أم أن النبرة الهادئة لن تنفع لأكثر من إشاعة أجواء هادئة لتمرير موسم الأعياد؟ الأيام القليلة المقبلة وحدها الكفيلة بتبيان الخيط الأبيض للتهدئة اللفظية من الخيط الأسود لاستمرار العرقلة!