Site icon IMLebanon

عام 2016: خصوم الأمس أصدقاء اليوم وعزلة عربية كسرتها الانتخابات

 

 

كتبت صحيفة “الجريدة” الكويتية:

شهد لبنان عام 2016 تطورات سياسية جوهرية، من شأنها أن ترسم تحالفات داخلية جديدة على المستوى الداخلي. وبدأت السنة بالمصالحة التاريخية في «معراب»، والتي أدت إلى تبني رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب (آنذاك) ميشال عون إلى السدة الرئاسية الأولى.

ولم يقتصر تحالف الحزبين على الدعم الرئاسي فقط، بل ذهب إلى تحالف انتخابي بلدي شمل معظم القرى، على أن يتوج، كما هو مرجح، بتحالف انتخابي – نيابي السنة المقبلة.

وكانت المفاجأة السياسية خلال شهر تشرين الاول الماضي، حين أعلن رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري تخليه عن ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة مقابل دعم عون.

وفتح قرار الحريري كوة في جدار الأزمة، ما أدى إلى انتهاء الشغور الرئاسي، مع كل انعكاساته السلبية على مجمل واقع الحكم وانتظام المؤسسات. وطرحت العلاقة المستجدة بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» هواجس لدى خصوم الطرفين حول مدى عمق العلاقة بينهما وكيفية استثمارها مستقبلا. وأدى التفاهم بين «الحر» و«المستقبل» إلى تكليف الحريري تشكيل الحكومة، ولاحقا، ولادة الحكومة في وقت قياسي مقارنة مع سابقاتها.

دبلوماسيا، دخل لبنان عام 2016 في عزلة مع محيطه العربي، فبعد إعلان السعودية تجميد الهبة المقدمة إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، أعلنت الإمارات والبحرين والكويت دعوة رعاياها الى مغادرة لبنان، ومنعهم من السفر الى لبنان.

وجاءت هاتان الخطوتان بعد حراك دبلوماسي لبناني، كان على رأسه وزير الخارجية جبران باسيل، أدى إلى امتناع لبنان عن التصويت على القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ بالقاهرة حول دعم السعودية في مواجهة إيران.

ومع نهاية السنة وانتخاب عون رئيسا للجمهورية، عادت الحرارة إلى العلاقات اللبنانية – السعودية، مع إيفاد المملكة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، قبل الانتخابات الرئاسية بيومين ليستطلع الآراء، ثم زيارة الموفد السعودي أمير مكة المكرمة خالد الفيصل ولقائه رئيس الجمهورية والمسؤولين اللبنانيين.

ولادة الحكومة اللبنانية

مع قرب انتهاء سنة 2016، وبعد مساومات ومقايضات امتدت أسابيع، ولدت الحكومة اللبنانية في 18 كانون الاول. وتألفت من 30 وزيرا، وراعت التقسيم المذهبي والسياسي للحقائب، مع استحداث 6 وزارات للدولة، هي وزارة شؤون النازحين، وثانية لشؤون مكافحة الفساد، وأخرى لشؤون رئاسة الجمهورية، ووزارتان لشؤون المرأة وشؤون حقوق الإنسان، ووزارة للتخطيط.

وقال الحريري في كلمة ألقاها عقب إعلان بيان التشكيل، إن حكومته ستكون “حكومة وفاق وطني”، متعهدا أن “تضع الحكومة الجديدة على رأس أولوياتها، المحافظة على الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان في ظلال الحرائق التي تعم المنطقة من حوله، وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للأزمة السورية”. ووعد أيضا بالعمل على “وضع قانون جديد للانتخابات النيابية”، على أن تجري الانتخابات “في موعدها”.

انتخاب عون رئيساً للجمهورية

انتخب مجلس النواب في جلسة عقدها يوم 31 تشرين الاول العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، بعد حصوله على أصوات 83 نائبا من أصل 127 حضروا جلسة الانتخاب، لتنتهي بذلك فترة فراغ دستوري في منصب الرئاسة استمرت عامين ونصف العام.

وحصل عون على أصوات 83 نائبا في الاقتراع الثالث من الدورة الثانية، فيما بلغ عدد الأوراق البيضاء 36، والأوراق الملغاة 7، فضلا عن حصول النائبة ستريدا جعجع على صوت واحد.

وكان عون قد حصل على 84 صوتاً من أصل 127 في الجولة الأولى، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جولة ثانية، أعيدت خلالها عملية الاقتراع 3 مرات، إثر التباين بين عدد النواب المصوتين (127) وعدد أوراق الاقتراع في صندوق التصويت (128).

الجميّل يعلن استقالة «الكتائب» من الحكومة

أعلن رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، النائب سامي الجميل، استقالة وزيري الحزب سجعان قزي وآلان حكيم من الحكومة. وقال الجميل في مؤتمر صحافي عقده في مقر الحزب بالصيفي في 14 حزيران: «شعرنا أننا مطوقون داخل الحكومة».

الحريري يعود للإشراف على «البلدية»

بعد غياب حوالي 5 سنوات، تخللته زيارتان خاطفتان، عاد رئيس تيار “المستقبل” إلى بيروت في 13 فبراير لإحياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده، رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 شباط.

وكان هذا الموعد مناسبة لإطلاق أكثر إشارة وضوحا باتجاه إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، والإشراف عليها شخصيا من خلال سلسلة مهرجانات جماهيرية في بيروت وطرابلس وصيدا.

… وقزي يتمرد ويُفصَل

في 19 حزيران، قرر حزب «الكتائب اللبنانية» فصل وزير العمل سجعان قزي، بعد أن تمرد الأخير عن الاستقالة، وأعلن أن «الاستقالة من الحكومة غير قائمة وغير دستورية، بل هي موقف سياسي اتخذه حزب الكتائب»، معتبرا أنه لا توجد استقالة في ظل غياب رئيس للجمهورية».

السعودية تراجع العلاقة مع بيروت

أعلنت السعودية صباح 19 شباط توقف منح المساعدات الداعمة تسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن. وقالت الرياض إن «المملكة العربية السعودية تقابل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية، في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية، وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد، التي تتنافى مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية، والتي حظيت بتنديد من كل دول العالم، ومن مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية الأخرى، فضلا عن المواقف السياسية والإعلامية التي يقودها ما يسمى (حزب الله في لبنان) ضد السعودية، وما يمارسه من إرهاب بحق الأمتين العربية والإسلامية».

وكانت السعودية في عهد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قدمت إلى لبنان هبة بقيمة ثلاثة مليارات دولار قبل 3 أعوام، تشتمل على دعم الجيش اللبناني وتسليحه بصواريخ مضادة للدروع متطورة من تصنيع فرنسي، إضافة إلى تجهيزات لقوى الأمن الداخلي.

ريفي يعلن استقالة مفاجئة

أعلن وزير العدل، اللواء أشرف ريفي، في 21 شباط استقالة مفاجئة من حكومة الرئيس تمام سلام، وهي تأتي بعد انسحابه الاحتجاجي من إحدى جلسات الحكومة، إثر عدم مناقشة إحالة ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي، وبالتزامن مع ترددات إعلان السعودية تجميد هبة تسليح الجيش والمراجعة الشاملة للعلاقات مع لبنان. وانقطعت العلاقات السياسية بين ريفي وتيار “المستقبل”، بعد خروج وزير العدل من الحكومة.

وفي 29 ايار 2016 فجر وزير العدل المستقيل أشرف ريفي مفاجأة من العيار الثقيل في طرابلس، حيث تمكن من منازلة ائتلاف سياسي عريض بمفرده، مطيحا بكل توقعات إمكان فوز سهل للائحة “لطرابلس” المدعومة من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي و”تيار المستقبل” والنائب محمد الصفدي والجماعة الاسلامية وغيرهم. وتمكن ريفي من الفوز بـ16 مقعدا، في حين فازت اللائحة الأخرى بـ 8 مقاعد.

الحريري «يخاطر»… ويرشّح «الجنرال»

في 20 تشرين الاول وبعد تزايد الكلام حول نية رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب (آنذاك) ميشال عون إلى الرئاسة، أعلن الحريري رسميا خلال مؤتمر صحافي في حضور أعضاء كتلته تسمية «الجنرال» لسدة الرئاسة.

واعتبر الحريري أن ما أقدم عليه «مخاطرة سياسية كبرى لحماية لبنان وحماية النظام والأمن والوحدة الوطنية في وجه الحرائق المحيطة بنا، وليعود لبنان نموذجاً للدولة الناجحة والعيش الواحد الحقيقي في منطقتنا والعالم».

وقال إن «الالتقاء على انتخاب عون هو تسوية سياسية»، مخاطبا جمهوره بأنه «يعلم ما يقال في ضوء التجارب والتشكيك بنوايا حزب الله الحقيقية». وأضاف: «ربما وحماية الدولة وحماية الناس»، معلنا عن تفاؤله بأن «مرحلة جديدة ستنبثق بعد انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تعزيز يقول لي البعض هذه ليست تسوية، هذه تضحية بشخصك وشعبيتك، وربما بأصوات ناخبين لك في الانتخابات النيابية المقبلة»، عازيا قراره أيضا إلى انه «يخاطر من دون أي خوف، لأن خوفه الوحيد هو على لبنان».