Site icon IMLebanon

لبنان كان مشروع “تركيا-2″… إلى أن حصلت المفاجأة

 

 

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:

لم يكن لبنان بعيداً عن تركيا في حسابات الإرهابيين، فهم كما انتظروا ليلة رأس السنة لتحقيق مآربهم الدموية في «بلاد المَضيقين»، إنتظروها في لبنان. ومن طرابلس أبوا الإنطلاق نحو أهدافهم الموزّعة في مناطق عدة، مُعدّين الأسلحة والخطط و«الأدوات» المنفذة لها بعد أسابيع من غسل الدماغ، وفي تفكيرهم شعار واحد «تحويل الإحتفالات في ليلة رأس السنة الى حمّامات دماء»، الى أن حصل ما لم يكن في الحسبان… وفي هذا الإطار تنشر «الجمهورية» خفايا ما كان يجري هذه الليلة، فيما كان اللبنانيون يحتفلون بحلول العام الجديد.عملية القبض على الخلية الإرهابية، التي كانت تنوي تحويل الأعياد في لبنان الى مجازر، بدأت قبل العيد، حيث قبض الجيش عليها في طرابلس على ثلاث دفعات: الأولى كانت قبل العيد، وجاءت نتيجة ملاحقة وتَتبّع لمعلومات وردت عن تحرّك للقيادي في «جبهة النصرة» الإرهابي الفار إلى مخيم عين الحلوة شادي المولوي وجماعته في منطقة طرابلس، وبذلك قُبض على ثلاثة أشخاص قادوا بدورهم الى عملية ثانية أدّت الى اعتقال اثنين آخرين، لتقع الشبكة بكاملها في قبضة الجيش ليلة رأس السنة مع اعتقال الستة الباقين، وتُحيلها مديرية المخابرات إلى القضاء المختص أمس.

الأماكن المستهدفة

بحسب التحقيقات كانت هذه الشبكة تنوي إرسال سيارات مفخّخة الى الضاحية الجنوبية، كما أنها كانت تستعد لاستهداف دور عبادة للمسيحيين في مناطق قريبة من بيروت، إضافة الى تخطيطها لاستهداف ضبّاط سابقين وحاليّين إرتبطت أسماؤهم بعمليات نُفّذت ضد الإرهابيين، وبعمليات نُفّذت في طرابلس خلال الفترة السابقة، واستهداف مطاعم ومرافق سياحية ليلة رأس السنة.

أمّا الأساليب التي كانوا ينوون استخدامها، فمتعدّدة، إذ انه بحسب الأسلحة المضبوطة تبيّن أنهم كانوا سيلجأون الى استعمال سيارات مفخّخة، مروراً بإطلاق قذائف «أر بي جي» على بعض الأهداف، وصولاً الى تنفيذ عمليات اغتيال بواسطة مسدّس مجهّز بكاتم للصوت ضَبطه الجيش في حوزتهم.

وفي ما يخصّ التوقيت، فإنّ قسماً كبيراً من أهداف الشبكة كان سيُنفّذ في الفترة الممتدة بين عيدي الميلاد ورأس السنة، إلّا أنّ إحباط مآربها حصل قبل ساعات من المبادرة الى تنفيذ المخطط الذي رسمته. أمّا الأخطر فهو أنّ المكلفين بالتنفيذ، وفي حال فشلوا في الوصول الى أهدافهم، كان عليهم تفجير أنفسهم في أيّ مكان للإيقاع بأكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيّين، بعدما أصبحوا الهدف الأساس لكل عملياتهم.

وفي هذا الإطار، يُعتبر ما حصل ليلة رأس السنة مهمّاً بقدر الإنجازات التي تسقط فيها شبكات إرهابية، إذ أُحبطت عملية كبيرة كانت ستمتد على مراحل من الزمن.

واللافت في هذه العملية، بحسب مصدر أمني لـ«الجمهورية»، أنه وللمرة الاولى منذ فترة طويلة يُقبض على شبكة تابعة لـ«جبهة فتح الشام» التي كانت في السابق «النصرة»، لأنّه وفي الآونة الأخيرة تبيّن أنّ الشبكات التي كان يوقفها الجيش مرتبطة بـ«داعش» وتتحرّك بأوامر من الرقة، وهو أمر مُلفت خصوصاً أنّ الجيش وَجّه ضربات عدة لشبكات «النصرة» وشَلَّ حركتها بشكل شبه كامل، لكن يبدو أنها عاوَدت التحرك بأوامر من المولوي، وليس من أبو بكر البغدادي الذي قيل إنه طلب من كل الخلايا النائمة التحرّك.

التاريخ: 31-12-2016، المكان: قيادة الجيش

إستنفارٌ كبير، وحدات منتشرة على الطرقات كافة، خططٌ معدّة مسبقاً، وأجهزة أمنية لم تعرف طعم الاحتفال بليلة رأس السنة…

كل المعلومات التي توصّلت إليها الأجهزة الأمنية والعسكرية، دفعتها الى الاستنفار طيلة فترة الأعياد ورفع جهوزيّتها الى أقصى الدرجات ليلة رأس السنة وقبلها ليلة عيد الميلاد، حيث انتشرت وحدات الجيش والأجهزة الأخرى في كل المناطق بلباس عسكري أو مدني مراقبةً طيلة الوقت وبتَواصل دائم بعضها مع بعض، في أصغر الأحياء كما في أكبرها، وفي الأماكن الدينية والتجمّعات السياحية.

كما أنّ خطورة المعلومات دفعت رئيس الحكومة الى زيارة وزارة الدفاع حيث بقيَ فترة من الزمن في غرفة العمليات مُستمعاً بالتفصيل الى شروحات القادة العسكريين حول انتشار الجيش والخطة الموضوعة لمواجهة أيّ تهديد أو تطور أمني قد يحدث، وحرصت القيادة على عدم تسريب أيّ معلومات في الإعلام لعدم تخويف المواطنين وليمضوا الأعياد باطمئنان، في الوقت الذي عملت فيه الأجهزة الأمنية بأقسى طاقاتها وكانت جاهزة بكامل عناصرها في أيّ لحظة للتدخّل وتنفيذ الخطط المتّفق عليها لقطع الطريق أمام الإرهابيين، وهو ما أفشل العملية التي كانت موضوعة بعدما وقعت الشبكة على مراحل في قبضة الجيش.

إتصالات من «عين الحلوة»

وتؤكد المعلومات أنّ قياديّين داخل «عين الحلوة» كانوا على اتصال بالشبكة، حيث يعتقد أنّ المولوي مختبئ داخل المخيم بحماية مجموعات إسلامية، وأنّ الأوامر صدرت من هناك لعناصر لبنانية موجودة في طرابلس مع عناصر سورية، علماً أنّ الجيش كان سبق وحذّر الجهات الفلسطينية، بحسب معلومات مخابراتية متوافرة لديه من عملاء داخل المخيم، من أنّ هذه المجموعات تحضّر لأعمال إرهابية، طالباً من المسؤولين الفلسطينيّين فِعل اللازم بعدما قام الجيش بكل واجباته تجاههم، خصوصاً أنه طلب مراراً تسليم المولوي، لكنّ الأجهزة الفلسطينية كانت تتلكأ في الموضوع.

تعزيز الوضع الأمني

وفي هذا الإطار، يترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غداً الجلسة الأولى للمجلس الأعلى للدفاع، سيحضرها كل قادة الأجهزة الأمنية، حيث سيتمّ البحث في الأوضاع الأمنية وحاجات القوى الأمنية والجيش، إضافة الى عرض التقارير المتعلقة بالعمليات الأمنية التي نُفذت، والقبض على المجموعات الإرهابية، وأبرزها تلك التي كان مُرتقباً حصولها ليلة رأس السنة، ويُنتظر صدور قرارات مهمة عن الإجتماع، لن يُعلن عنها لكن ستتجه الى تعزيز أكبر للوضع الأمني، وهو ما سيُعطي دفعاً لتحقيق الأجهزة الأمنية إنجازات أكبر بعدما اكتمل هيكل الدولة الدستوري من خلال حصولها على غطاء كامل لتتحرّك.

إذاً نجح لبنان بما فشلت فيه تركيا على رغم إمكاناتها، ومَرّت ليلة رأس السنة من دون أيّ إشكال أو عملية أمنية أو إرهابية أو أخرى عسكرية على الحدود نتيجة الإجراءات المشددة التي كانت مُتخذة، غير أنّ ذلك لا يعني أنّ لبنان باتَ خارج دائرة الخطر، وعلى الإعلام والمجتمع المدني التعاون مع الأجهزة الأمنية لإبقائه بعيداً عن هذه الدائرة خصوصاً مع ضعف إمكاناته، كما أنّ ذلك يفترض وضع خطط أمنية مُحكَمة لإبقاء الوضع كما هو عليه وعدم السماح للإرهابيّين أن ينفذوا من أيّ ثغرة في اتجاه الداخل اللبناني على رغم الخلايا النائمة التي يجري تعقّبها دورياً، فملهى «رينا» اخترق على رغم كل الإجراءات، والتحذيرات التي كانت موجودة لدى السلطات التركية، خصوصاً من أميركا التي أعطَت إسم الملهى مُحذّرة أصحابه من احتمال حصول عمل إرهابي فيه، إلّا أنها لم تفلح بتجنيب البلاد هذا الكأس المرّ.