Site icon IMLebanon

لبناني جديد يروي تفاصيل مذبحة “رينا”!

كتب ناصر الفرحان في صحيفة “الراي” الكويتية:

بأعجوبة وحيلة نجا لبناني مقيم في الكويت من الموت في حادث إطلاق الرصاص في ملهى رينا التركي الذي اسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 69 آخرين.

اللبناني انطوان سلامة (37 عاماً) الذي يعمل مديراً عاماً لشركة تصميم أزياء في الكويت روى لـ “الراي” تفاصيل اللحظات العصيبة التي عاشها بدءاً من دخوله الملهى وانتهاء من حيلة “اعمل نفسك ميت” التي كتبت له ولعدد من أصدقائه حياة جديدة.

قال سلامة “رغبت في زيارة تركيا لقضاء رأس السنة مع ثلاثة من اصدقائي من الكويت واثنين آخرين التحقا بنا من كوسوفو، حيث اجتمعنا ظهر السبت الماضي، وبعد الغداء ذهبت إلى مطعم وملهى رينا الكائن على خليج البوسفور، ويتميز بأنه من أرقى ملاهي تركيا، وزبائنه من النخبة إذ يبلغ سعر تذكرة الدخول 500 دولار للشخص الواحد شاملة وجبة العشاء”، لافتا إلى ان “الشيء الغريب الذي صادفني أن هناك تفتيشاً أمنياً قبل الدخول إلى المكان للحجز كما طلب رجال الحماية في الملهى مني دفع بقشيش 10 في المئة نظير الخدمات مسبقا، وعندما رفضت… رفضوا الحجز لي حتى دفعت المبلغ كاملاً”.

وأضاف سلامة: “عند الساعة العاشرة من مساء يوم الواقعة تواجدت مع أصدقائي في الملهى وكنا نجلس على طاولة متميزة، وما أثار استغرابي أن المكان لم يكن ممتلئاً على آخره كما العادة في هذه المناسبات، فالملهى يسع في موسم الشتاء نحو 800 شخص”.

وتابع:”بعدما حلت الساعة الثانية عشرة مساء احتفلت مع أصدقائي على أنغام الموسيقى والرقص ورمي الألعاب النارية في أجواء رائعة وآمنة، فرجال الأمن بدورياتهم ملأوا شوارع المنطقة، إلا أنه عند الساعة 1.15 دقيقة أتى إلى المكان رجل أمن من الملهى، وأمرني بإطفاء السيجار الذي كنت أدخنه، مع أن ذلك مسموح، فنوافذ الملهى مفتوحة، ففعلت ما طلبه لكنه عاد بعد دقيقة واحدة، وأشعل ولاعة، وقال لي: ولع سيجارك، الأمر الذي يثير الشك في ما اذا كان توليعه من القداحة للنار إشارة لشيء ما، وإلا فما تفسير أن يقوم بمنعي من التدخين، ثم يشعل الولاعة بنفسه ويطلب مني التدخين، وبعد إشعاله الولاعة بأقل من 30 ثانية سمعت صوت إطلاق أول رصاصتين وانا أرقص مع أصدقائي حيث اختفى هذا الرجل من أمامي بسرعة البرق”.

وأكمل سلامة: “اختلط صوت الرصاص بصوت الموسيقى، ما جعلني اعتقد للوهلة الأولى أنها ألعاب نارية، ولكن الصدمة عندما سمعنا صوت بندقية آلية (رشاش) تطلق الرصاص كأنه المطر على رؤوس وأجساد الموجودين من دون تفريق بينهم، ما حداني إلى أن ارتمي وأصدقائي على الأرض مباشرة، وقلت لكل واحد فيهم (اعمل نفسك ميت، لا تتنفس ولا تفتح عينك ولا تحرك جسدك)، وهذا الذي أنقذنا جميعاً ولم نصب بسوء”.

أوصاف المسلح

وعن أوصاف المسلح الذي وقف أمامه، قال إن “عمره يتراوح من 25 الى 35 عاماً وقصير القامة وضعيف البنية وكان يرتدي ملابس سوداء وشالا او كوفية برتقالية اللون، وشكله يختلف عن شكل الشخص الذي ظهر في فيديو إطلاق النار على الشرطي في الخارج أول مرة ثم دخل، ما يعني ان عدد المسلحين لا يقل عن اثنين إن لم يكن أكثر إضافة إلى معرفتهم الجيدة بمداخل ومخارج الملهى، حيث قام في المرة الأولى بإطلاق الرصاص من الرشاش، ثم توقف قرابة عشر دقائق، عاود بعدها إطلاق الرصاص لمدة 45 دقيقة على ثلاث دفعات، ولم يدخل علينا أحد من رجال الأمن حتى اختفى بعد أن حصد أرواح كل من كان أمامه أو رآه يتحرك وهو نائم على الأرض، لأن هدفه قتل أكبر عدد ممكن من الناس بدليل انه لم يدخل وقت الاحتفال في الساعة الثانية عشرة، وإنما انتظر حتى أخذ الناس الأمان بعد الواحدة، وبدأوا يتوافدون حتى امتلأ الملهى لدرجة انك لم تجد مكاناً تقف فيه من شدة الازدحام”.

واستطرد سلامة “بعد اختفاء المسلح دخل رجال الأمن بملابسهم السوداء إلى المكان فلم نستطع التمييز بينهم وبين المسلح الذي كان يرتدي أيضاً ملابس سوداء، كما أننا لا نفهم ما كانوا يرددونه باللغة التركية، إلا أننا تيقنا أنهم عناصر أمن وتم نقل الجثث والمصابين إلى المستشفيات، ومن نجا، وأنا وأصدقائي منهم، تكدس في باصات لنقلهم إلى مراكز الشرطة للتحقيق”.

وعن تعامل رجال الأمن مع الحادث، قال سلامة “امضينا اوقاتا صعبة، وبعد إطلاق المسلح الرصاص في المرة الأولى ومقتل الشرطي الذي كان أمام الملهى لم يتم التعامل مع الامر بسرعة على الرغم من أن الأمنيين كانوا يملأون الشارع، كما أن المسلح كان يطلق الرصاص بكثافة لمدة 45 دقيقة، وهو وقت كاف جداً للتدخل، ثم كدس رجال الأمن الناس في باصات تتسع لـ 30 راكباً ووضعوا فيها 100 راكب، وفي الوقت نفسه تم وضع عشرات الأشخاص في مكان واحد ومنعونا من دخول دورات المياه وغسل أيدينا الا بعد 4 ساعات، على الرغم من البرد القارس، حيث ترك معظم الموجودين معاطفهم في الملهى، كما لم يقدموا لنا طعاماً أو شراباً، على الرغم من أن بيننا كبار سن ومرضى بالسكري، فالوضع كان مزرياً للغاية”.

وتابع سلامة “كما أن شخصية بابا نويل التي ظهرت في تصوير الفيديو المتداول للملهى، تثير الشكوك، حيث كان موجوداً ويقوم بالتصوير مع الزبائن نظير مبالغ مالية، واعتقدنا في المرة الأولى أنه من بين القتلى لأنه كان في مواجهة المسلح عند دخوله، وتم قتل كل من كان حوله الا أنه نجا بل ان هناك مقطع فيديو يبين أن الجاني على الجثث بحرية، وربما سمعه احدهم ايضا يتحدث الى القاتل ويحضه على المغادرة لكننا لا نستطيع تأكيد ذلك”.

وعن اطمئنان سفراء الدول على مواطنيهم، أكد سلامة “في تمام الساعة السادسة من صباح اليوم التالي وأثناء وجودنا في مركز الشرطة دخل علينا القنصل السعودي مرتدياً بيجاما وسأل عن السعوديين ثم الكويتيين واستمر معنا حتى اطمأن على إجراءات التحقيق والإفراج عن السعوديين والكويتيين، وبالنسبة لي وأصدقائي اللبنانيين فلم نتصل بقنصل بلادنا في تركيا واتفقنا على الخروج مع بعضنا من مركز الشرطة”.

وعن مجريات التحقيق، قال “سئلنا عن بياناتنا الشخصية وسبب زيارتنا لتركيا، ثم انتظرنا لأكثر من 5 ساعات لأخذ البصمة، وواجهنا معاناة في عدم وجود مترجم، لدرجة أنه طلب منا إن كان أحد يعرف مترجماً في تركيا فليستعن به”.

الرحمة للضحايا

وختم سلامة “الرحمة للمتوفين والشفاء للمصابين من كل الجنسيات والأديان، ومن الظلم الادعاء بأن الضحايا سكارى، فكل الملاهي والمطاعم في تركيا تقدم الخمور، وليس شرطاً أن كل من يدخل مطعماً يشرب الخمر، فقد كان برفقتنا أشخاص حضروا للعشاء والاستمتاع بالأجواء الجميلة وقضاء رأس السنة مع اصدقائهم ومشاركتهم فرحتهم”.