ذكرت صحيفة “الجمهورية” أن اللبنانيين قد يفاجأون بخطوة من خارج السياق، في لحظة ما، هي إعلان لبنان الرسمي إجراء اتصالات مع الرئيس السوري بشّار الأسد بشأن ملفين متداخلين هما: النازحون والإرهاب، مشيرة إلى أن هذه “الطبخة” موضوعة على نار قوية، وباتت شبه ناضجة، لكنها تنتظر اكتمال الظروف للإعلان عنها.
وفي السياق، قالت مصادر قريبة من “8 آذار” إن الجواب مُلتبس. ولكن، ليست هناك خيارات أخرى لمواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط سوى الاستعانة بهذا النظام الذي أتقَنَ، منذ أيام الرئيس حافظ الأسد، استخدام ورقة التطرّف والإرهاب الإسلامي وغير الإسلامي، لتصوير نفسه شريكاً للمجتمع الدولي في المواجهة.
وقالت المصادر: “اليوم، بات فتح خطوط اتصال مع مؤسسات الدولة السورية التي يقودها الأسد أكثر نضجاً لعوامل عدة”:
على المستوى اللبناني، يتيح وجود الرئيس ميشال عون في بعبدا تحقيق هذا الهدف بسهولة. وقد بدأت ملامح الانفتاح على الأسد من الأسابيع الأولى. ويدعم ذلك الموقف المتشدِّد الذي يلتزمه عون في موضوع النازحين السوريين، وهو سيكون المفتاح لأيّ خطوة منتظرة.
على الصعيد السوري، تجاوز الأسد مخاطر السقوط، وسط اعترافات عربية وإقليمية ودولية، مكشوفة وضمنية بضرورة استمراره في الحكم.
مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، طرح فكرة إنشاء مناطق آمنة في سوريا، يمكن إيواء النازحين فيها. وهذا الأمر يعني لبنان مباشرة، لأنه أكبر المتضررين من تفاقم أزمة النزوح. وفي الجولة العربية التي قادت عون إلى الأردن، جرت مناقشة لاستراتيجية عودة النازحين السوريين إلى بلدهم.
ومن المقرر أن تبلور الإدارة الأميركية الجديدة تصَوّرها لهذا الملف في الأسابيع المقبلة. وفي ضوء ذلك قد يتخذ الملف اتجاهاً جديداً. وهنا يبرز الموقف الصادر عن دمشق أخيراً، الرافض إنشاء هذه المناطق الآمنة، إلّا بالحوار مع الأسد، لأنّ ذلك “سيكون أمراً خطراً”. وفي هذا التحذير ما يكفي من معان، وموسكو تدعم دمشق في هذا الاتجاه.
وأشارت المصادر إلى أن الأسد سيضع دول الجوار (لبنان والأردن وتركيا خصوصاً) والعرب (الخائفين على أنظمتهم من الإرهاب) والغرب (الخائف من الهجرة والإرهاب الإسلامي) أمام خيار صعب: إمّا أن نتعاون للمعالجة، وإمّا التأزم والانفجار أينما كان!
وقالت المصادر: “في لبنان، لن يبصم أفرقاء “14 آذار” على الاعتراف بالأسد، ولكن، سيقول لهم “حزب الله” وعون: هذا الملف سيفجّر لبنان. فهل تفجير لبنان أسهل من اتصال مع الأسد؟ وهل عندكم حلّ آخر؟ ولماذا نتصل بأجهزة الأمن السورية في محاولة لإنقاذ عسكريين، ولا نتصل بالمؤسسات الأخرى إذا كان الأمر ينقذ الكيان برمّته؟ ألم يتصل لبنان- ضمن لجان الارتباط – عسكرياً بالعدو الإسرائيلي لتحقيق مصلحة وطنية؟ وعندما يكون هناك سفير لدمشق في لبنان، يعترف به الجميع، وعندما يترجم هذا السفير العلاقات الديبلوماسية مع دمشق، أليس من التناقض رفض الاعتراف بالدولة التي يمثّلها”؟
وأضافت: “تحت هذه العناوين، سيتم التواصل رسمياً بين الحكومة اللبنانية ودمشق، بعد نضوج عناصر هذه العملية، على كل المستويات: السورية والعربية والإقليمية والدولية. وهو أمر لا يبدو بعيداً، لأنّ الملف السوري يتحرّك بسرعة. وعلى الأرجح، سيتمّ بين الربيع والصيف المقبلين”.
