خطا الرئيس سعد الحريري خطوة إضافية في سياق قبوله بالنظام النسبي في الانتخابات النيابية، من خلال إبلاغه مفاوضيه استعداده للقبول بالنسبية في «دوائر وسطى»، بعدما كان يشترط لاعتماد النسبية أن يكون لبنان دائرة واحدة
على رغم انشغال لبنان بالقمة العربية، تستمر الاتصالات بين الأفرقاء من أجل التوصل إلى قانون جديد للانتخاب. وفيما يتمسّك الوزير جبران باسيل باقتراحه الأخير، مع الموافقة على إدخال بعض التعديلات عليه، يظهر أن غالبية القوى السياسية لا تزال تعارضه، مؤكدة استحالة السير به.
أمام هذا الواقع، يتجه لبنان يوماً بعد يوم نحو أزمة سياسية كبرى، خصوصاً مع وضع سقف زمني هو 15 نيسان للاتفاق على قانون جديد. وقد دفع هذا الأمر القوى المعنية إلى تكثيف الاتصالات. وعلمت «الأخبار» أنَّ موقف الرئيس سعد الحريري من النظام النسبي شهد تطوراً إضافياً. فبعد إعلانه استعداده للسير في قانون انتخابي قائم على النسبية في لبنان «دائرة واحدة»، أبلغ الحريري مفاوضيه استعداده للبحث في قانون انتخابي يقوم على النسبية في دوائر وسطى. في المقابل، أعلن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية رفضهما للنسبية الشاملة، سواء في دائرة واحدة، أو في دوائر كبرى أو وسطى. ورغم أن التيار أمضى السنوات الثماني الماضية «يتغزّل» بالنسبية، فإنه حسم رفضه لها في الأسابيع الماضية. كذلك أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «رفض النسبية الكاملة، سواء كانت على أساس لبنان دائرة واحدة، أو على أساس 13 أو 15 دائرة». واللافت في كلام جعجع أنه تذرّع بأنَّ النسبية «تعني الديموقراطية العددية التي تتناقض مع جوهر وروح اتفاق الطائف والميثاق الوطني والتعايش في لبنان». وأشار جعجع في تصريح له إلى أن «الهدف من ترويج النسبية الكاملة هو تطبيق الديمقراطية العددية عبر قناع اسمُه النسبية الكاملة». ويتناقض كلام جعجع مع موقف نائبه جورج عدوان في الاجتماعات التي عقدتها اللجنة الخاصة بدراسة قانون الانتخابات في بكركي عام 2012. فحينذاك، وبعدما كان النائب سامي الجميِّل يعبّر عن نظرة متحفّظة حيال النسبية، ردّ عدوان بأنَّ اعتماد النسبية في 13 دائرة أو 15 دائرة يلغي أي قدرة على الطغيان العددي، لكون تقسيم لبنان إلى دوائر وسطى يؤدي إلى «حصر القوة العددية» للطوائف والقوى السياسية.
وفي المقابل، لا يزال حزب الله وحركة أمل وباقي حلفائهما في فريق 8 آذار، والقوى العلمانية، وجزء كبير من «مستقلي 14 آذار» يؤيدون النسبية ويطالبون بها. لكن يبدو أنَّ أحداً منهم ليس في يده مفتاح الحلّ لتحقيق النتيجة المرجوة، ما أدخل البلاد في فترة حرجة للغاية، تفرض إما الاتفاق حول قانون جديد، أو حتمية الذهاب نحو خيارين: تمديد ثالث للمجلس النيابي، أو الفراغ. وفيما يؤكد البعض أنه سيجري التوصل إلى قانون جديد في الفترة المقبلة، تحديداً في الأوساط العونية، نفت مصادر مستقبلية هذا الأمر، واعتبرت أن المسار التفاوضي الحالي يُمكن أن يؤدي إلى «تأجيل غير تقني يمكن أن يستمر مدّة عام كامل».
وأكدت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه لن يسير في تمديد ثالث من دون الاتفاق على قانون انتخابي، لافتة إلى أن المطلوب هو «اتفاق على مبادئ لا على كامل تفاصيل القانون»، وعندها يُصار إلى التمديد تقنياً للمجلس النيابي إذا كانت هناك حاجة لذلك.
