Site icon IMLebanon

لمن الإمرة في الجنوب؟! (بقلم رولا حداد)

 

كتبت رولا حداد:

يمكن القول إنه للمرة الأولى منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، نشهد ردّ فعل رسميا على أعلى المستويات على محاولة “حزب الله” تظهير الجنوب وكأنه أرض سائبة لا سلطة فيها للدولة اللبنانية والمؤسسات الشرعية، أو أرض “محتلة” السلطة عليها للحرس الثوري الإيراني الذي يفاخر بأن حدود بلاده باتت تصل إلى جنوب لبنان!

على هذا المستوى لا يمكن إلا التنويه برد الفعل السريع الذي قام به رئيس الحكومة سعد الحريري، يرافقه وزير العدل وقائد الجيش المحسوبان على رئيس الجمهورية، في رسالة واضحة المعالم بأن الدولة اللبنانية برأسها، رئيس الجمهورية، وسلطتها التنفيذية المتمثلة برئيس الحكومة والوزير المعني وبقائد الجيش اللبناني، متمسكة بالقرار 1701 وترفض أي مغامرة جديدة لـ”حزب الله” في عز المواجهة الدولية المتجددة مع إيران، كما وترفض تحويل لبنان إلى صندوق بريد للرسائل الإقليمية والدولية.

لكن ما حصل بقي ناقصاً بشكل كبير لأكثر من سبب، وأهم هذه الأسباب:

ـ أولاً: إن زيارة رئيس الحكومة والوفد الرسمي المرافق للجنوب أتت كرد فعل وليس كفعل أو كمبادرة. وهذا ما جعل أصداء جولة الإعلاميين التي نظمها “حزب الله” عند الحدود الجنوبية تأخذ حجماً أكبر من زيارة رئيس الحكومة اللبنانية.

ـ ثانياً: إن القاصي والداني يعلم أن الجنوب اللبناني، وخصوصاً في منطقة جنوب الليطاني التي تحدث عنها القرار 1701 بضرورة أن تكون خالية من أي وجود مسلح غير شرعي وأن تخضع لسلطة الدولة اللبنانية حصراً، هي منطقة واقعة عملياً بالكامل تحت سيطرة “حزب الله” الذي ينشر فيها مسلحيه وتجهيزاته وتحصيناته وصواريخه ومخازن أسلحته. وما الجولة التي نظمها الحزب للإعلاميين سوى للتأكيد على أن الإمرة في الجنوب اللبناني وعند الحدود هي له، ولإيران من خلاله، وليس لأي جهة أخرى.

ـ ثالثاً: كلام رئيس الحكومة كان في غاية الأهمية من جهة بالتأكيد على تمسك لبنان بالقرار 1701 والتأكيد على أن الدولة اللبنانية موجودة على الحدود، ولكن في المقابل سقط الحريري في 3 ثغرات وهي: مسارعته إلى تلبية دعوة إلى الغداء من وزير المال علي حسن خليل وبحضور وزير “حزب الله” في الحكومة محمد فنيش، ما يعني أن المواقف المُعلنة من مقر القوات الدولية كانت إعلامية وليست مواقف في العمق، واعتباره أننا “كحكومة نحن غير معنيين بما جرى” في عملية تنصّل غير مسؤولة تجاه ما حصل لأن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن أي خرق لمضمون القرار 1701 من الجهة اللبنانية، والثغرة الثالثة هي ان الحريري لم يعط أوامره إلى الجيش للتأكد من إزالة أي مخالفة للقرار 1701 والقبض على أي مسلح موجود جنوب الليطاني، أي أن مواقف الحريري أتت غير مقرونة بأفعال وأوامر واضحة لحماية القرار 1701 للأسباب المعروفة من الجميع وأولها العجز!

إنطلاقاً مما تقدّم يمكن اعتبار الأراضي الجنوبية تحديداً أراضٍ متنازع عليها بين السلطات الرسمية اللبنانية وبين ميليشيا “حزب الله”، مع فارق بسيط على مستويين: الأول أن الحزب يتقدم السلطات اللبنانية بخطوة على الأقل والثاني أن الحزب هو من يملك قرار إشعال الحرب في أي لحظة تلبية للأوامر الإيرانية، وعلى هذا المستوى لا حول ولا قوة للحكومة اللبنانية ولا لرئيسها!