Site icon IMLebanon

تحقيق IMLebanon: إحذروا الشائعات… أسعار الشقق لن تنخفض وهذه هي الأسباب!

 

منذ مدّة بدأنا نرى على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا “فايسبوك” صفحات مختصة بمتابعة السوق العقاري في لبنان تبشر بأن أسعار الشقق سينخفض في لبنان، فتلك الصفحات همّها الأول والأخير تبشير الشباب أن أسعار العقارات ستنخفض بشكل دراماتيكي لتصل الى نسبة 70% طالبين منهم الانتظار سنتين تقريبا قبل شراء أي شقة، ويعولون على رأيهم عبر اعتماد عدّة مراجع دولية وعبر ربط السوق العقاري بالاقتصاد العالمي، ويقدمون أمثلة عن عدّة شركات بناء قامت بتخفيض أسعار بعض شققها من أجل بيعها.

بالطبع، نحن مع أي تخفيض بأسعار الشقق، لا بل نحن مع أن ينخفض بنسبة 100% لكي يتمكن الشاب اللبناني بالتملك في أرضه ويؤسس عائلة وأن يكون له مسكن في وطنه الأم، وبالتأكيد نحن لسنا بصدد مهاجمة من يبشر الشباب بأن أسعار الشقق ستنخفض، ولكن فقط للتصويب ومن أجل توضيح الصورة أكثر، قررنا إستشارة بروفيسورين متخصصين بعلم الإقتصاد ليشرحان لنا مدى صعوبة تراجع أسعار الشقق والعقارات كما هو متوقع.

فهل صحيح ما يتم الترويج له أنه بعد عامين ستتراجع أسعار الشقق بنسبة كبيرة؟ ولماذا هذا التراجع مستحيل؟

لا إنخفاض في الأسعار… والقطاع المصرفي لن يسمح بذلك

الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة يؤكد في حديث لـIMlebanon أن “البيع في سوق العقارات قد يتراجع ولكن لا يمكن ان تنخفض الأسعار وهناك حركة يجب أن تبقى موجودة، فالقطاع العقاري مهم جدا للبنان لأن هبوط الأسعار فيه يضر بالقطاع المصرفي، لأن 17% من قروض القطاع المصرفي مخصصة للقطاع العقاري وبالتالي اي هبوط بهذا القطاع سيكون له تداعيات سلبية على المصارف، لذا أستبعد ان يكون هناك انخفاض بالأسعار”.

ويضيف: “طلبات الإسكان إزدادت بشكل ملحوظ هذا العام وخصوصا بعد تخفيض الفائدة الى 3%، وهذا الأمر يدعم النظرية التي تقول لا يمكن لمصرف لبنان ان يتخلى عن القطاع العقاري ليس حبا به ولكن خوفا على القطاع المصرفي، وبالتالي الحديث عن انخفاض بالأسعار 20 و30 و40% خلال سنتين غير صحيح لان هذا الامر سيشكل خطرا على المصارف”.

ويشير عجاقة الى أنه “في العام 2015 حصلت 70 ألف عملية شراء وهذا هو معدل العام الذي يجب المحافظة عليه، وإذا هناك أي تحفيذات يمكن أن يطلقها مصرف لبنان من اجل مساعدة هذا القطاع فلن يتأخر من أجل الحافظ على هذا المستوى لان همه الأساس هو عدم إفلاس المقترضين من المصارف الخاصة”.

ويشدد عجاقة على أن “كثرة العرض وقلة الطلب تخيف المطورين لانهم يَدخلون في مشاريع عدّة معتمدين على دفع ما يتوجب عليهم للمصارف من بيع الشقق، ولكن عندما لا يجدون من يشتري الشقق فيضطروا الى تخفيض الأسعار، ولكن تخفيض الأسعار هنا يكون محدودا بالوقت والكميّة، أي يمكنهم بيع شقة او شقتين بالمبنى الذي قاموا بتشييده بأسعار محروقة وليس أكثر، لذلك أعتقد ان هناك مبالغة بالحديث عن انهيار كامل للأسعار أو انخفاض منهجي لأسعار العقارات”.

قيمة الفائض تنخفض وليس السعر الطبيعي

البروفيسور في الإقتصاد الإجتماعي والخبير العقاري ميشال عبس يؤكد في حديث لـIMlebanon أنه “عمليا العقار في لبنان لا يخضع  لمنطق العقارات في الخارج لأن لبنان منطقة ضيقة وصغيرة عقاريا، فنحن لسنا في أوروبا أو أميركا إذا قمنا بشقّ أوتوستراد يصبح عندنا 10 آلاف عقار للبيع، والأمر الآخر الذي يعزز العقار غير المبني في لبنان هو أن الإستثمار يكون من الأموال الخاصة بالمستثمر وليس قروضا مصرفية، وبالتالي السوق العقاري لا يخضع لمنطق التجارة كشراء البضاعة من الخارج، من دون أن ننسى أن بيروت وضواحيها والساحل كله ضيق جدا وإختنق، لذا من المستحيل أن تتراجع الأسعار”.

وفي ما يخص العقارات المبنية، يوضح عبس أن “الدولة قدمت تسهيلات ممتازة للشاري لتحريك الاقتصاد اللبناني، ولولا السوق العقاري لكان الاقتصاد اللبناني انهار، والبنك المركزي قام بسياسة حكيمة جدا واستطاع ان يساهم في دعم الاقتصاد منذ العام 2005 حتى اليوم، وبالتالي توقع انخفاض سعر العقار في لبنان صعب جدا”.

ويشرح عبس طريقة عمل العقار اقتصاديا، ويقول: “سعر العقار يقف وتنخفض قيمة الفائض الناتجة عن رفع الأسعار في السوق، فإذا كان سعر المتر المربع بـ1000 دولار، فيصبح 1200 دولار أو 1300 دولار في حال كان السوق يعمل بطريقة جيدة وهناك بيع كبير، ولكن عندما يقف السوق تعود تنخفض الأسعار الى 1100 دولار أو 1000 دولار أو 900 دولار كحد أقصى، ولكن هذا لا يعني ان الشقة انخفض سعرها بل عادة الى سعرها الطبيعي، وأستبعد ان تنخفض الأسعار أكثر من ذلك لان الشركات التي تقوم ببناء لا ديون عليها، والشركات والمستثمرين اللبنانيين أقوياء من هذه الناحية”.

نصيحة الى الشباب

من جهته، ينصح عجاقة الشباب عدم الإنتظار أكثر لشراء شقة شرط ان يكونوا قادرين على تسكير القرض، فمن لديه مدخول يسمح له بإقتراض مبلغ من مؤسسة الإسكان لتملك شقة فعليه ألا يتأخر في القيام بهذه الخطوة، خصوصا أن هناك مطورين يعرضون شقق صغيرة بأسعار مقبولة وهذا الامر يناسب الشاب كأول شراء له”.

أما عبس فيؤكد أنه “لا يجوز أن ينتظروا الشباب سنتين أو ثلاث ليقوموا بشراء شقة أملا بانخفاض الأسعار لان حياتهم ستتأخر، فإنخفاض الأسعار بنسبة 30% مستحيل، والأسعار التي تخفّض اليوم من قبل التجار فهي رفع عتب لتحريك السوق وهذا الامر ينطبق فقط على الشقق الكبيرة، أما الشقق الصغيرة فتباع كلها”.

ويضيف: “تخفيض الفائدة التي قامت بها مؤسسة الإسكان ومصرف الاسكان سيؤدي الى رفع الأسعار مع الوقت، والدولة قدمت للمواطن فرصة لكي يأخذ قرضا بفائدة 3% وهذا الأمر ممتاز، ولا يمكن للشباب الانتظار أكثر لان الأسعار دائما إلى ارتفاع”.

العقار أجمد وأقوى إستثمار وأفضل أشكال الثروة

وفي ما يخص الأراضي، يشرح عجاقة أن “كل ما قيل بخصوص الشقق لا ينطبق على الاراضي، لأن أسعارها دائما الى إرتفاع خصوصا اننا مقبلون على مرحلة فيها افق سياسي واتفاق على قانون انتخاب، واعتقد ان الطلب على العقارات وخاصة الاراضي سيزداد بشكل كبير جدا وأرى ان هناك أمل للقطاع العقاري”.

من ناحيته، يرى عبس أنه “منذ مدّة قرأت مقالا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن في المستقبل ستنخفض أسعار الشقق وتصبح “Buy One Get One Free”، فهذا الامر أصبح مزحا وليس جديا، فممكن أن نتلاعب قليلا بأسعار الشقق ولكن هناك حد أدنى، فإذا كان هناك فائض بالأسعار فوق السعر الطبيعي فيمكن تخفيض الفائض ولكن ان تنخفض الأسعار الى ما دون السعر الطبيعي وتتخطى الفائض فهذا مستحيل”.

ويشير الى أن “السوق يتحرك بحسب العرض والطلب، والطلب دائم لأن المجتمع يكبر والشباب يريدون الزواج وتأسيس عائلة ويريدون شقق يسكنون فيها، يمكن ان يخف الطلب قليلا ولكن لا يتوقف، والعقار أجمد وأقوى استثمار وافضل اشكال الثروة ولا يمكن ان يتراجع الى الوراء”.