Site icon IMLebanon

الحصار الأميركي: لا فرق بين “أمل” و”حزب الله”!

 

كتب ابراهيم الأمين, محمد وهبة في صحيفة “الأخبار”:

على طريقة «خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش»، سيظل كثيرون ينتظرون قرار الإدارة الأميركية في شأن حزمة عقوبات مالية جديدة ضد مؤسسات وأفراد لبنانيين، بحجّة محاربة حزب الله. أما النشاط المقابل، من جانب الحكومة اللبنانية، فيقتصر اليوم على تحرك المتضررين. جمعية المصارف التي تتأثر بكل إجراء أميركي، تريد معرفة حجم الأمر، والوفد النيابي الذي زار واشنطن أخيراً، يمثل فعلياً الرئيس نبيه بري المعنيّ هذه المرة أكثر من السابق بالقرارات الجديدة، بعدما دلت مسودات سابقة على سعي مراكز قرار أميركية إلى ضم حركة أمل إلى لائحة العقوبات.

أما الحكومة اللبنانية، من رئيسها سعد الحريري، إلى وزير خارجيتها جبران باسيل وغيرهما، فتهتم اليوم باحتساب المقاعد النيابية في انتخابات قد لا تحصل.

بالطبع، عاد الوفدان، المصرفي والنيابي، من واشنطن بأجواء كافية لرسم صورة عما يجري في الولايات المتحدة. لكن يبدو أن رئيس المجلس الذي يدير الملف، يعتمد هذه المرة أكثر على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خصوصاً بعد التجديد له في منصبه لولاية جديدة. وينتظر بري أن يسافر سلامة قريباً إلى العاصمة الأميركية لعقد اجتماعات عمل، تستهدف الحصول على نتائج نهائية، خصوصاً أن تسريبات دبلوماسية مصدرها البيت الأبيض هذه المرة، لا الكونغرس، تشير إلى معلومات عن احتمال صدور القرار الجديد خلال ستة أسابيع فقط.

تضارب الحصاد

في الأيام الماضية، كان الجميع في بيروت يتداول معلومات متضاربة حول حقيقة القرار الأميركي الجديد بفرض عقوبات مالية على لبنانيين بحجة أنهم يدعمون أنشطة تخص حزب الله. مع التركيز على مناخ «إيجابي» أشاعه أعضاء الوفدين، المصرفي والنيابي، بعد عودتهما من واشنطن، ما يساعد على التخفيف من حالة القلق السائدة وتأثيرها في الأوضاع النقدية والمصرفية. لكن المعنيين، من مصرفيين ورجال أعمال وشخصيات وقوى، يتداولون معلومات، تتسم بدرجة عالية من الجدّية، عن اتجاه الإدارة الأميركية إلى زيادة منسوب الضغوط على لبنان، ربطاً بما يجري تحضيره على مستوى المنطقة، بذريعة استكمال الإجراءات المتخذة منذ عام 2015 ضد حزب الله والمتعاونين معه.

تقول المعلومات إن أسماءً جديدة ستوضع على لائحة العقوبات، والمسوَّدة الأولى تشمل أشخاصاً ومسؤولين في الدولة والبلديات ومؤسسات خاصة ومنظمات غير حكومية. والأكيد أنها لن تقتصر على الأعضاء في حزب الله، بل ستشمل جهات محلية أخرى، حزبيين ورجال أعمال، تزعم الأجهزة الأميركية المعنية أنهم مكلّفون تغطية عمليات مصرفية لمصلحة الحزب ومؤسساته، بما في ذلك تغطية عمليات تجارية مع الخارج للحصول على تجهيزات وتكنولوجيات مختلفة. ولا تجزم هذه المعلومات بأي اسم من الأسماء المستهدفة، إلا أنها تفترض أن اللائحة قد تكون طويلة، ويجري الآن تنقيحها أو تنقيتها، تمهيداً لإعلانها تدريجاً وعلى مراحل تبعاً للأهداف الضمنية وحاجات تحقيقها.

إلا أن المصرفيين لا يعتبرون أن هذه اللائحة المفترضة هي مصدر الخطر الأول، على أهمية تأثيراتها وتداعياتها المحلية، ولا سيما إذا نفذت الإدارة الأميركية تهديداتها بإدراج أسماء من الوزن الثقيل فيها (ترددت أسماء أفراد من عائلات الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وقيادات في التيار الوطني الحر وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي). وتتحدث المعلومات عن اتجاهين إضافيين أكثر خطورة، الأول يتعلق بالإيحاءات التي قدّمها مسؤولون معنيون في واشنطن على ما يعتبرونه «تحايلاً» تمارسه مؤسسات رسمية ومصارف لبنانية في تطبيق القانون الأميركي ضد حزب الله. والاتجاه الثاني يتمثل بالسعي للحصول على معلومات تفصيلية عن حسابات وممتلكات وثروات عدد من السياسيين اللبنانيين وعائلاتهم، بحجّة أنها متصلة بعمليات «فساد»، أو بمعنى أدق «تبييض أموال»، بحسب المزاعم الأميركية!

ويقول مصرفي إن مسوَّدة التعديلات على القانون الأميركي، التي تسربت لـ «الأخبار» (العدد ٣١٥٠ الثلاثاء ١١ نيسان ٢٠١٧) (http://al-akhbar.com/node/275660) لم تعد هي المطروحة في الكونغرس، بحسب ما فهم الوفدان المصرفي والنيابي، وهناك تكتم شديد على المسوَّدة النهائية والتعديلات التي ستُدخَل على قانون عام 2015، ولا سيما أن نشر المسوَّدة الأولى أثار استياءً في أوساط الكونغرس. إلا أن الإيحاءات تشي بتعديلات محددة تهدف من خلالها الولايات المتحدة إلى الحصول رسمياً من الدولة اللبنانية، وليس عبر مخبريها، على وثائق ومستندات وأدلة على عمل المصرف المركزي وهيئة التحقيق الخاصة وإدارات المصارف إزاء القانون الأميركي، في إشارة رددها مسؤولون أميركيون أمام أكثر من زائر لبناني، حول «الحاجة الأميركية» إلى توسيع دائرة الضغوط والمستهدفين. وحذّر مصدر معني بهذا الملف من أن الأخطر هو وجود «لوبي لبناني يحرّض من داخل واشنطن وخارجها».

وبحسب المصدر نفسه، تركزت النقاشات في واشنطن على ما ورد في المسودة الأولى عن استهداف حركة أمل والمتعاونين مع حزب الله ورؤساء البلديات، وهذه كانت مهمة الوفد النيابي بالدرجة الأولى. وبحسب التبريرات التي قدّمتها السلطات الأميركية، فإن ذكر اسم حركة أمل والمتعاونين مع حزب الله أُدرج ضمن باب «التقصّي» في المسودة الأولى ولم يدرج ضمن باب «العقوبات»، إذ ورد في المسودة ما يأتي: «إعداد تقارير عن مجموع قيمة الأموال الصافية المقدرة التي يملكها مسؤولون كبار في حزب الله.

وعلى وزارة الخزانة الأميركية، وبعد 180 يوماً من إصدار مشروع القانون هذا، ومن ثم بعد كل سنة ولمدة سنتين متتاليتين، أن ترسل إلى اللجان المختصة في الكونغرس الأميركي تقريراً يتضمن مجموع قيمة الأموال الصافية المقدرة التي يملكها كل من الأشخاص الآتية أسماؤهم: الأمين العام لحزب الله، أعضاء المكتب السياسي لحزب الله، أعضاء البرلمان اللبناني والحكومة اللبنانية المنتمون إلى حزب الله، أي مسؤول رفيع المستوى في حزب الله، أمل، أو أي كيانات أخرى مرتبطة بهما، يُحدّدها وزير الخزانة الأميركي (…) ويجب تحديد كيفية جمع هذه الشخصيات والجهات المذكورة أعلاه، هذه الأموال المكتسبة، وعن الطريقة التي يصرفون أو يستخدمون فيها هذه الأموال، ونشر التقارير المشار إليها أعلاه بصورة علنية، مع الإشارة إلى أنها من الممكن أن تتضمن ملاحق سرية».

يتساءل نائب شارك في اجتماعات واشنطن: كيف يمكن فصل «التقصّي» عن «العقوبات»؟ ويعتبر أن المسألة بهذا الوضوح، وهي تشكّل خطراً أكيداً في ظل التحريض اللبناني في أميركا إلى جانب التحريض الذي يمارسه اللوبي الصهيوني، فضلاً عن «رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب في إظهار قوتها في مواجهة حزب الله وتنامي قدراته إقليمياً ودولياً».

يلفت مصدر مطلع إلى أن بعض الأسئلة التي وجهها الأميركيون كانت عن قدرات حزب الله الصاروخية، وعن إمكانية تلقي حزب الله المساعدة من حركة أمل للحصول على التكنولوجيا ونقل الأموال. كذلك طرحت أسئلة عن دور حزب الله في أميركا اللاتينية مع تفاصيل عن ملفات تتعلق بالمخدرات وتبييض العملة. ووصل الأمر إلى حد الإشارة إلى أسماء مصارف لبنانية بأنها تلعب دوراً في هذا المجال. واللافت أن بعض لقاءات الوفد النيابي كانت صاخبة، فيما كانت هناك لقاءات للمصارف بلا أي نقاش، حتى عندما قال مسؤول في مجلس الأمن القومي أمامهم إن «أمل وحزب الله يشبهان بعضهما، ولا تضيفوا أي كلام آخر».

وحسب المعلومات، فإن الجانب الأميركي تحدث عن ضرورة منع أي وجود لحزب الله في أي مؤسسة عامة. وشرح بالتفصيل أن واشنطن مضطرة إلى التفكير في معاقبة كل مؤسسة أهلية، بلدية، تربوية، صحية أو اجتماعية يكون بين أعضائها من هو عضو في حزب الله، وأن الأمر لا يقتصر على ملاحقة وزراء الحزب ونوابه ومسؤوليه المعروفين. ولما قيل للجانب الأميركي إن خطوة كهذه قد تفضي إلى استقالة الأعضاء غير الحزبيين من البلديات وتركها كلها بأيدي حزب الله، ردّ الاميركيون (على تدني مستوياتهم الإدارية) بأن «هذا شأنكم»!

لكن الجانب الأميركي سمع مجموعة تحذيرات في هذا الخصوص، منها:

أولاً: إن التعرض لمسؤولين منتخبين في لبنان، وخصوصاً حركة أمل ورئيسها نبيه بري، سينعكس سلباً على تعاون لبنان مع الولايات المتحدة، والمجلس النيابي الذي لعب دوراً في إقرار قوانين تهدف إلى التزام القوانين الدولية المالية، سيمتنع عن القيام بذلك، وسيكون لبنان من دون قوانين تجعله يتماشى مع النظم المالية العالمية.

ثانياً: قال أحد أعضاء الوفدين اللبنانيين لمسؤول أميركي إن حزب الله لا يمثّل فعلياً أكثر من ثلث شيعة لبنان، وإن البقية ليسوا أعضاءً في الحزب، وإن كل ضغط أميركي سيزيد من قوة الحزب ونفوذه في الأوساط الشيعية.

ثالثاً: إن الجميع يعرف أن هذه العقوبات لا تصيب جسم حزب الله مباشرة، وإن جميع العاملين في القطاع المصرفي اللبناني يعرفون أنه لا وجود لأي أرصدة أو عمليات مالية تخصّ حزب الله، وأن هذه الضغوط لن تنعكس سلباً على موارد الحزب وقدراته التشغيلية.