Site icon IMLebanon

زمن فوضى السلام (بقلم بسّام أبو زيد)

 

كتب بسّام أبو زيد

أصبح للبنان قانون انتخابات جديد، وموعد جديد لإجراء الانتخابات، وموعد ثالث لنهاية ولاية مجلس النواب المنتخب منذ العام 2009 وذلك في 21 أيار 2018.

إلا أن كل هذا القانون وكل هذه التواريخ قد لا تعني شيئا في الواقع اللبناني، إذ إن تعطل الانتخابات مرة جديدة والتمديد للمرة الرابعة يبقى واردا ولو تحدث كثيرون عن دفنه، إذ إن التطورات التي يمكن أن تحصل في المنطقة ولبنان قد تعيد فتح هذا النقاش وهذه التوجهات من جديد رغم المعارضة العلنية والإعلامية القوية لها.

وبانتظار اليوم المشهود، لا بد من التذكير كيف أن لبنان يختلف عن باقي دول العالم الديمقراطية والتي تشهد دورية انتخابات.

ففي لبنان مرض التمديد والفراغ هو سمة هذا البلد الذي يدعي الديمقراطية، والاستحقاقات في زمن الوصاية السورية كما عند انكفائها لا تجري في مواعيدها، وحتى أبسط الأمور المتعلقة بإدارة الدولة لا تجري وفق الأصول والقانون وأبرز مثال على ذلك هو الموازنة المعطلة منذ العام 2005 ولم تقر أبدا في مجلس النواب، فهل الوصاية أم من يخالفها في لبنان هم فقط من عطل هذه الموازنة؟ ألم يشارك كل طرف سياسي على الأقل مرة في الحكومة ولم تر الموازنة النور؟ أوليست كل الأطراف الموجودة حاليا في البرلمان موجودة منذ العام 2005 ولم تقر الموازنة؟

في السياسة تم التمديد للرئيس الياس الهراوي، ومن بعده للرئيس إميل لحود ليسود الفراغ قبل أن يؤتى بالعماد ميشال سليمان، ولكنه خرج من قصر بعبدا في الوقت المحدد كي تحل مكانه أطول فترة من الفراغ لينتخب فيما بعد العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

كل هذا في السياسة وغير السياسة يجري في زمن السلم في لبنان وليس في زمن الحرب حيث التمديد والفراغ قد يكون مفهوما، ورغم حصول التمديد يومها لمجلس النواب إلا أن رئاسة الجمهورية لم تشهد فراغا يوما واحدا.

إن الشروط التي يجب أن تحول دون تكرار كل هذه التمديدات والفراغات، يتقدمها توافر إرادة شعبية تقف في وجه أي قرار سياسي من هذا النوع. وهذه الإرادة الشعبية يجب أن تنبع أولا من الموالين للأحزاب والقيادات السياسية، فهم أول من يجب أن يطالب بالتجديد الدوري للطبقة السياسية باعتبار أن بقاء القديم على قدمه لن يسمح للبلد بالتقدم والتطور، إلا إذا كنا بالفعل نريد لهذا البلد أن تحكمه ديكتاتوريات صغيرة تحول كل منطقة نفوذ إلى جمهورية موز يسكنها الفساد والفوضى والخروج عن القوانين، وهي حال أصبحت تعمم على كل لبنان في زمن سلم يترحم فيه اللبنانيون على زمن الحرب، وهذه هي المفارقة المضحكة المبكية.