Site icon IMLebanon

الأب مسّوح ينتقد الذمية لدى بعض المسيحيين… والشدياق رامي فاضل: “هؤلاء هم مسيحيو العبودية”!

 

في خضمّ السجالات بين ما يجري من معارك بين “حزب الله” وبين مسلحين من “النصرة”، تكثر النقاشات داخل الاروقة المسيحية بشأن ما إذا كان الحزب فعلاً هو من “يحمي” لبنان و”الوجود المسيحي في المنطقة” وسط من يعتبر انه “يجب الامتنان لدور هذا التدخل” مقابل رفض من الكثيرين لمفهوم الذمية والانسياق للبروباغندا التي لا تستند الى وقائع بقدر ما هي مجرد عناوين تطرَح للاستغلال.

وفي هذا السياق انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي موقفان بارزان حظيا بمشاركات بالمئات وحصدا الكثير من الضجة بين ناشطي هذه المواقع.

البداية مع الاب جورج مسّوح، الذي اشتهر بمواقفه الفريدة والرافضة للتدخلات الميليشيوية في سوريا، فكتب منتقداً تأييد هذا التدخل بحجة انه يحمي الوجود المسيحي. ولفت الى ان في هذه الذهنية خضوع ودونية واستجداء البقاء بأي ثمين وفيها قبول بمفهوم “اهل الذمة”. ولفت الى ان بعض الناطقين باسم المسيحيين يؤدون “الجزية” عبر مواقفة سياسية داعمة لاوليائهم.

وكتب الاب مسوح حرفياً: “تروّج في الأوساط المسيحية، علنا، الدعوة إلى الامتنان من التدخّل الميليشياوي في سوريا، لأن هذا التدخل “يحمي” الوجود المسيحي في سوريا ولبنان والعراق ! يتكلمون عن حماية تؤمنها الميليشيات، مع واجب تأدية الشكر والامتنان لها لحسن صنيعها ! هذه الذهنية، ذهنية الخضوع والدونية واستجداء البقاء بأي ثمن، ليست سوى تعبير عن قبولهم بأن يكونوا أهل ذمة لدى حماتهم ، صحيح أن الجزية لم تُفرض إلى اليوم على العموم ، لكن بعض الناطقين باسم المسيحيين إنما يؤدونها مواقف سياسية داعمة لأوليائهم وهم صاغرون”.

اما الشدياق يوسف رامي فاضل فكتب تدوينة موسعة تطرق فيها الى ما اعتبره “عبودية تتغلغل في نفوس ابناء شعبي وقادتهم”، قارعاً اجراس الخطر في هذا الاطار. ولفت الى انه منذ اندلاع المعارك في جرود عرسال والبعض من المسيحيين يسوقون ويهللون لانتصارات الميليشيات التي البسوها ثوب “المقاومة” قسراً.

ولفت الى ان الحزب صاحب الأولويات “الهِلالية” لا يخرج عن طاعة الأوامر الفارسيّة -أنا جندي في جيش الولي الفقيه ! والذي أتى بهذه العصابات الإرهابية إلى عرسال بعد أن حاصرها على جبهة القلمون ولم يترك لها منفذا إلا بإتجاه الأراضي اللبنانية التي كانت محتلة من الجيش السوري بعد العام 2005! وهو لم يبادر إلى الهجوم على الدواعش الذين يختطفون عناصر الجيش اللبناني مثلا، ولا كلف نفسه عناء تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من الإسرائيلي! بل جيَّش الإعلام والناس بحجة الدفاع عن “الجيش اللبناني” والتضامن معه، وألَّبَ المواطنين ضد اللاجئين السوريين -وهو الذي يتحمل المسؤولية الكبيرة في تهجيرهم من أرضهم وزرعهم في أرض لبنان- من أجل إضفاء الشرعية والوطنيّة على مسرحيّته الأخيرة!

وانتقد فاضل “مسيحيي “العبوديّة” الذين من يُدَمِّعون أمام صور عناصر حزب الله الذين يضربون التحيّة لتمثال مريم العذراء! هم نفسهم من يحملون الصلبان في المسيرات العاشورائية ومن يضربون “حيدر” بحجّة التعايش! هم نفسهم من يُقدّسون رناجر الجيش ويرضون بأن تشاركه الميليشيات حمل السلاح! وهم نفسهم يُرَوِّجون لمنطق التخوين والتكفير بحق كل من يخالف -(حزب الله)- الرأي، إذ يرون في ملحمته العسكرية الهزلية أسمى آيات محبّة الوطن، ويعتقدون بأنه يقوم بما يقوم به نصرة للبنان البطريرك الياس الحويك! وهم نفسهم من انجرّوا الى وصم مجمل أهل السنّة بالإرهاب تماشيًا مع دعاية الحزب وانجرّوا إلى منطق حلف الأقلّيات الذي سيعود علينا وعلى منطقتنا بالأحقاد وبمسلسل حروبٍ طويل الأمد! في حين أنّ المسيحي الحقيقي يقف مع الحق ولو لوحده ولا يقف مع الأقليّة مهما ظلمت وتجبّرت! هم نفسهم من أوصلونا إلى دركٍ من الخفّة والضعة والعبوديّة لم نصله في كلّ تاريخنا المُشَرّف وغير المشرّف!”

 

وفي ما يلي تدوينة فاضل كاملةً: “منذ أن دخلت الإكليريكية ، أكثر من سبع سنوات، لم أكتب أي كلام واضح في السياسة لا على الفايسبوك أو التويتر، ولا في الصحف ولا على المواقع الإلكترونية. بل كنت أكتب في العموميّات والمبادئ وفي “النقد” حرصًا مني على علاقتي بجميع الناس وعلى الصفة الدينية التي أحملها، وعلى الحرية التي أعشقها والتي أخاف عليها من الصبغات الحزبية ومن التصنيفات الحمقاء التي يبادر إليها من يجد في موقف مني ما يشبه سياسة حزبه أو تيّاره!

أمّا اليوم فسأدوس حاجز الصمت بعد أن رأيت “العبوديّة” تتغلغل في نفوس أبناء شعبي وفي نفوس قادتهم، وسأسمح لنفسي بأن أقرع أجراس الخطر على عادة الشدايقة في الكنائس!

منذ أن اندلعت المعارك في جرود عرسال والبعض الكثير من المسيحيين يسوِّقون ويُهلِّلون لانتصارات الميليشا التي ألبسوها ثوب “المقاومة” قسرا، والأدهى أنهم لا ينفكّون عن “تربيح الجميلة” بأن هذه الميليشا تدافع عني أنا “التيس” الماروني المسيحي! وبأن الوطنية هي أولوية هذا الحزب الإيراني صاحب الأولويات “الهِلالية” الذي لا يخرج عن طاعة الأوامر الفارسيّة -أنا جندي في جيش الولي الفقيه ! والذي أتى بهذه العصابات الإرهابية إلى عرسال بعد أن حاصرها على جبهة القلمون ولم يترك لها منفذا إلا بإتجاه الأراضي اللبنانية التي كانت محتلة من الجيش السوري بعد العام ٢٠٠٥! وهو لم يبادر إلى الهجوم على الدواعش الذين يختطفون عناصر الجيش اللبناني مثلا، ولا كلف نفسه عناء تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من الإسرائيلي! بل جيَّش الإعلام والناس بحجة الدفاع عن “الجيش اللبناني” والتضامن معه، وألَّبَ المواطنين ضد اللاجئين السوريين -وهو الذي يتحمل المسؤولية الكبيرة في تهجيرهم من أرضهم وزرعهم في أرض لبنان- من أجل إضفاء الشرعية والوطنيّة على مسرحيّته الأخيرة!

بالعودة إلى مسيحيي “العبوديّة” فهم نفسهم من يُدَمِّعون أمام صور عناصر حزب الله الذين يضربون التحيّة لتمثال مريم العذراء! هم نفسهم من يحملون الصلبان في المسيرات العاشورائية ومن يضربون “حيدر” بحجّة التعايش! في حين أن التعايش الحقّ يبرأ بنفسه عن هكذا ممارسات بشهادة الراحل الكبير الشيخ هاني فحص الذي كان لي شرف صداقته! هم نفسهم من يُقدّسون رناجر الجيش ويرضون بأن تشاركه الميليشيات حمل السلاح!

هم نفسهم يُرَوِّجون لمنطق التخوين والتكفير بحق كل من يخالف -(حزب الله)- الرأي، إذ يرون في ملحمته العسكرية الهزلية أسمى آيات محبّة الوطن، ويعتقدون بأنه يقوم بما يقوم به نصرة للبنان البطريرك الياس الحويك!

هم نفسهم من انجرّوا الى وصم مجمل أهل السنّة بالإرهاب تماشيًا مع دعاية الحزب وانجرّوا إلى منطق حلف الأقلّيات الذي سيعود علينا وعلى منطقتنا بالأحقاد وبمسلسل حروبٍ طويل الأمد! في حين أنّ المسيحي الحقيقي يقف مع الحق ولو لوحده ولا يقف مع الأقليّة مهما ظلمت وتجبّرت!

هم نفسهم من أوصلونا إلى دركٍ من الخفّة والضعة والعبوديّة لم نصله في كلّ تاريخنا المُشَرّف والغير مشرّف!

أكتب ما أكتبه دون أي كرهٍ أو حقدٍ على تنظيم حزب الله، الذي أحبّ عناصره وقادته، إنما لا يمكن لي أن أدعوه باللبناني وهو الذي يؤكدّ إيرانيّته كلّ يوم وبالفم الملآن!

أكتب ما أكتبه دون أيّ ولاء مني لأي حزب أو تيار سياسي ولأي شخصية سياسية، فبالنسبة لي لا أحد يعلو فوق النقد، ولا أحد يستحق انتمائي!

أكتب ما أكتبه مع كامل معرفتي بخطورة ارهاب داعش والنصرة وأخواتهما، ومع كامل معرفتي بسفالة من يقف وراء هذه التنظيمات الإرهابية المجرمة!

أكتب ما أكتبه بكل القلق على الحريات في بلدي وعلى الوعي الذي يسير نحو الإنحدار بخطوات سريعة!

أكتب ما أكتبه بالمسيحية التي تسكنني والتي ترتضي بالموت وبالإضطهاد وبالعذاب اليومي وبالشِدّة دون أن تنفصل عن محبة المسيح، والتي لا ترتضي بالعبوديّة ولا بالذلّ أو بالتقيّة ولا ترتضي بأن يدافع عنها أي حزب أو سلاح غير شرعي، فهي ابنة الحرية وهي تعلم كيف تدافع عن نفسها وكيف تقتحم أبواب الجحيم!!!!!”