Site icon IMLebanon

علموا أطفالكم الإيجابية

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

تعتري الحياة مطبّاتٌ كثيرة، وخوضُ التحدّيات أحد أبرز مقوّمات العيش. ولكن يؤكّد الخبراء أنّ نظرتنا الإيجابية للأمور تدعم نجاحنا. فيمكن أن نرى الحياة ورديةً إيجابية ويمكن أن ننظر إليها بطريقة سلبية سوداء. يُذكر أنّ التفاؤل ليس هدية من السماء إنّما هو ثمرة ترويض النفس على رؤية النواحي المضيئة من المواقف، ونقاط القوّة.

الثقة والتفاؤل وحبُّ الحياة، صفاتٌ يتمّ تعلّمها منذ الصِغر. قبل أن يفهم الطفل معنى الكلمات يتأثّر بسلوك أهله وحبّهم للحياة. وعندما يكبر يتشرّب كلماتهم. يقدّم الخبراء شتّى النصائح لتربية طفل يرى العالمَ بفرحٍ وثِقة بفضل تحفيز ثقته بنفسه وتفكيره الإيجابي. فللأهلِ دورٌ مهمّ يؤدّونه من خلال محاربة الأفكار السلبية التي تُضعف الطفلَ وتنهش سعادته، وفي المقابل، تشجيعُه على تنمية الأفكار الإيجابية، حتى لا تهزّ توازنَه مواقفُ الحياة.

تُحذّر الخبيرةُ الفرنسية في التربية ماري جيلبير من الكلمات الملوّثة، وهي التي تَحثُّ الطفل خصوصاً والإنسانَ عموماً على الخوف والانطواء على نفسه. فلا يجب أن يتعرّض الطفل لنقِّ الأهل طوال الوقت، وانزعاجِهم وتأفُّفِهم في شتّى المواقف، وتضخيم الأمور، والصراخ إذا احترقَت الطبخة مثلاً أو تعطّلت السيّارة… بل على الأهل أن يَلفتوا نظرَ الأولاد إلى نقاط الفرَح في الحياة ويشجّعونهم على الاستمتاع بها. مثلاً: «خلال الفرصة سنذهب إلى الحديقة»، أو «الليلة سنأكل طبقاً لذيذاً»…

تقدير الطفل لنفسه

تشجيع الطفل على خوض التحدّيات، بدل إخافته يعزّز ثقتَه بنفسه. مثلاً يمكن تشجيعُه على تجربة لعبةٍ جديدة… إذا ذهبَ لخوضِ تحَدٍّ وهو قلِق ومدمَّر نفسياً ستتكبّل قدراته حكماً، وسيفقد العزيمة على النجاح، وكلّما فشلَ شعرَ بالإحباط وفشلَ مرّةً أخرى. أمّا إقناع الطفل بأنّه قادر على تحقيق مبتغاه، فيُركّز نظرَه على الهدف ويَدفعه إلى جمعِ قواه للنجاح.

تصرّفات الأهل في هذا السياق أساسية، مِن خلال الإضاءة على إيجابيات الطفل والثناء عليها. في المقابل، كلماتٌ أخرى يقولها الأهل للإبنة أو الابن مِثل «دعيني أفعل ذلك عنكِ»، أو «أنتَ لن تتمكّن من تخطّي هذا التحدّي»، أو «لا داعي لخوض هذه التجربة»، تُهدّد ثقة الطفل بنفسه وتحرمه من عيش خبراتٍ جديدة والتطوّر منذ الصغر.

وطبعاً، تُلازمه هذه الشخصية المبنية على الضعف طوال حياته، والخوف من الفشل يَكبح قدراته. بالتالي، حتّى لو أخطأ الطفل لا يجب تدميره وانتقاده بل تشجيعه من خلال القول مثلاً: «هذا جيّد لقد جرّبت، وفي المرة المقبلة ستقوم بالأمور بشكل أفضل».

لا تسمحوا للطفل باجترار فشَلِه

لقد فشلَ الطفل في تأديةِ فرضِه بالشكل الصحيح، أو خسرَ مباراة رياضية خاضَها مع أصدقائه، أو وقعَ عن الدرّاجة… بعد أيّ فشَل مهما كان، لا يجب أن يلوّث الطفل باله من خلال التفكير لوقتٍ طويل بالفشل.

وفي هذه الحال يُنتظر من الأهل أن يُنيروا دروبَه بالتفاؤل. فلا تجعلوه يقتنع بأنّ ما حدث خطير ومصيري. عدم نجاحِه بإتمام الفرض بالشكل الصحيح مثلاً لا يعني أنّه فاشلٌ في المدرسة. ويمكن القول للطفل: «حسناً أنتَ لم تنجح اليوم ولكنّك ستنجح غداً». ويمكن الطلب منه إعادة الكرة بنجاح.

علِّموه أن لا يقلق بسبب أيّ شيء

الإنسان بطبيعته يتخايل أسوأ المواقف ويَقلق. إحموا طفلكم من هذه العادة السيئة بمساعدته على عيش حقيقة اللحظة الحالية وعدمِ فبركةِ أوهامٍ بشأن المستقبل. هل بطنُه يؤلمه ويخاف أن يخضع لعملية مِثل أخيه؟ ذكِّروه بأنه يخاف دون وجود أيّ دليل على مرضه.

درِّبوا الطفلَ على التفكير بأنّه قادر على تحقيق أهدافه

هناك كلمات تُشجّعه وتُحضِّر للنجاح، ومنها: «أعرف أنك قادر على تحقيق هدفك»، «أنا أثق بك»، «أنت ستصل»… هذه الكلمات تدفع الطفل إلى التفكير بنجاحه، وبالتالي يوم الامتحان أو خوضِ التحدّي سيكون جاهزاً لكسبِه بتفوّق. ولا يتعلق الأمر بإظهار تفاؤلٍ باهت، فخوضُ التجارب والتحديات قد لا يكون سهلاً وقد يأتي دائماً محفوفاً ببعض القلق، ولكنّ المهم هو توجيه الطفل نحو التفاؤل والنجاح.