أبرز التطورات والمعطيات المتعلقة بـ”أزمة مرسوم دورة عون” يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
٭ رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر أمام النواب خلال لقاء الأربعاء النيابي أمس الأول عن استغرابه من كون مشروع منح أقدمية سنة لضباط «دورة عون» كان قد «طرح كاقتراح قانون في مجلس النواب وسقط.
الغريب كيف أن أمرا كان بحسب معديه بحاجة إلى قانون، وفجأة صار بحاجة إلى مرسوم عادي، من دون توقيع وزير المالية». إلا أنه بحسب المصادر لصحيفة “الانباء” الكويتية، طلب بري من النواب «عدم نقل أي جو سلبي عنه، لأن الموضوع يحله رئيس الجمهورية».
واعتبر النواب هذه الجملة القصيرة المفيدة بداية حل أو مخرج للمشكلة، وأن مجرد تركه الحل بيد الرئيس ميشال عون فهذا يعني أن الوساطات بدأت تفعل فعلها الإيجابي، ولو أن بري لم يعط أمام النواب أي تفاصيل إضافية.
وترى المصادر أن كلام بري يوحي «بأنه يريد تهدئة الأمور، وينتظر نتائج الوسطاء»، لاسيما المبادرة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
كما أن المشاورات بين بري والرئيس سعد الحريري، التي دخل على خطها النائب وليد جنبلاط، انتهت إلى تفاهم يقضي برفض أي مواجهة، أو عدم دفع الأمور إلى مواجهة مع الرئيس عون، انطلاقا مما عبر عنه النائب جنبلاط بعد زيارة رئيس الحكومة في كليمنصو عن أن «التحدي الذي نواجهه اليوم أكبر بكثير من الماضي وأن التكاتف والتضامن معه ومع رؤيته الإصلاحية أكثر من ضروري من أجل تثبيت مسيرة العهد الذي أثبت صلابة وشجاعة عالية في الظروف الاستثنائية».
٭ غير أن مصادر سياسية وثيقة الصلة بأجواء قصر بعبدا اكدت أنه لا عودة عن مرسوم منح الأقدمية لضباط دورة عون، بعدما اقترن بتوقيع الرئيسين عون والحريري، مشيرة إلى أن ما يجري حاليا هو العمل على تطرية الأجواء السياسية والمحافظة على التهدئة من خلال المعالجة عبر الوسطاء، بعدما تحرك اللواء إبراهيم على خط بعبدا وعين التينة.
وقالت هذه المصادر إن ما ذكره الرئيس بري أمام نواب الأربعاء في عين التينة يستحق التوقف عنده، إلا أنه لم يعرف بعد ما إذا كانت هناك خطوة لاحقة قد تتخذ على صعيد المعالجات، على ألا تمس المرسوم الذي ينتظر صدوره في الجريدة الرسمية.
٭ جهات سياسية شيعية واكبت عون إبان صعود حكومته العسكرية، ترى أنه يعمل بطريقة ما على إحياء الثنائية المارونية السنية من دون أن يعكر علاقته مع الشيعة الذين عانوا عقودا طويلة من هذه الثنائية التي جرى تفكيكها بعد ولادة اتفاق الطائف، وعملوا على أن تكون وزارة المال من حصتهم في الحكومة الى أن «فلتت» من أيديهم بضغوط من نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام سابقا واستفادة الحريري الأب من هذا التدخل.
وثمة من يدعو عون الى الإقلاع عن التفكير في عودة هذه الثنائية إذا ظن أنها ستخدمه في ظل استفادته من «الضربة الأخيرة» التي تعرض لها الحريري، مع توجيه النصيحة لعون بعدم «نبش قبور» أرشيف حكومته العسكرية.
وأن هذا النوع من السياسة قد يؤدي بالشيعة اليوم الى عدم التنازل عن حقيبة المال في الحكومة المقبلة بعد حصول أول انتخابات نيابية في عهد عون، وإذا أصر على مقارعة بري «العنيد» فسيتجه البلد الى أزمة كبيرة وينعكس هذا الأمر على الطائف الذي لايزال في مرحلة المشاركة ولم يصل بعد الى المواطنة، أي بمعنى أن الشيعة لن يقبلوا بعد اليوم بتغييبهم عن ثلاثي توقيع المراسيم والمشاركة في دائرة القرار واتخاذه.
٭ بعيدا عن القراءات القانونية والعسكرية المتناقضة بشأن ملف الأقدميات لدورة 1994، يتم التركيز من جانب مقربين من بعبدا على الأساس لناحية محاولة تكريس التوقيع الرئاسي «الثالث» على المراسيم بخلاف المراحل السابقة كافة، لافتين الى أنه «لم يكرس التوقيع الميثاقي على المراسيم إلا حين انتقلت المالية الى الفريق الشيعي، بدليل أن ما سكت عنه خلال 27 سنة فجروه الآن بوجهنا».
ويتساءل هؤلاء: لماذا لم يثر الملف في عهد الوصاية السورية، وفي عهود الياس الهراوي وإميل لحود وصولا الى ميشال سليمان؟ فهل آنذاك كان يتم الاستقواء بالسوري كتعويض عن رفضهم للنظام، واليوم بغياب السوري يلجأون الى تكريس أعراف جديدة للاستقواء بها». توقيع الأقدميات على مدى عهود كاملة كان يتم بهذه الطريقة من دون توقيع وزير المالية، فما الذي استجد اليوم؟
وثمة من يوجه نصائح من بعبدا بأن يعي هذا الفريق «خطوة إظهار نفسه رافضا لتركيبة نظام ما بعد الطائف، وإذا كان من مشكلة فعلية ويريدون إعادة النظر بالطائف فليأتوا ويخبرونا وكل شيء قابل للنقاش ضمن إطار تفهم الهواجس.
لماذا السكوت عن ذلك على مدى ثلاثة عهود؟ ولماذا قبلوا هذه الممارسات مع ميشال سليمان، وقبلوها جزئيا في عهد عون ثم انتفضوا ضدها؟».
٭ أي صيغة للتسوية، المتعلقة بمرسوم الترقيات لم يتم التوصل إليها بعد، إنما هناك أفكار مطروحة، وتدور حول: 1- تجميد المرسوم، وعدم نشره في الجريدة الرسمية بطلب من الرئيس الحريري.
2- حل المشكلة الدستورية، المتعلقة بعدم تجاوز توقيع وزير المال.
3- إيجاد توازن في الترقيات، من دورات أخرى، لحفظ الميثاقية.
4- إيجاد صيغة تمنع تأثير المرسوم في حال نشره، سلبا على انتظام العمل في المؤسسة، من زاوية الأقدمية والخلل الوطني في المواقع والمناصب.
