Site icon IMLebanon

هل فُصل “قطار” الانتخابات عن مسار “عاصفة الرئاستيْن”؟

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: قبل نحو مئة يومٍ على الانتخابات النيابية العامة في لبنان، يبقى صوت إجراء الاستحقاق في موعده في 6 ايار المقبل أقوى من «الهمْس» عن احتمال «تطييره» ربْطاً بالصخَب الذي يلفّ المشهد السياسي على خلفيةِ الأزمة التي لم تنْدمل بين رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري، والكلام عن عدم حماسةِ بعض الدول الإقليمية لحصول انتخاباتٍ سيترتّب عليها تكريس موازين قوى غير متكافئة لن يكون ممكناً فصْلها عن اللوحة التي يتم تركيبها في المنطقة.

وبعد جزْم عون ان الانتخابات في مواعيدها وسط استعدادات لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، اكتسب دخول «حزب الله» على خط «تثبيبت» إجراء هذا الاستحقاق أهمية بارزة، لا سيما ان أمينه العام السيد حسن نصر الله لم يتوانَ في هذا السياق عن التقليل من شأن الاتهامات الضمنية لشريكه في الثنائية الشيعية رئيس البرلمان نبيه بري لـ «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) بالسعي إلى تأجيل الانتخابات من خلال اقتراحه إدخال بعض التعديلات على قانون الانتخاب لـ «حمايةً» الإصلاحات التي نصّ عليها.

ولم يكد نصرالله أن يعطي إشارة «الانتخابات حاصلة مهما علا الصراخ» في أزمة «مرسوم الأقدمية» (بين عون وبري) وغيره، حتى لاقاه نائبه الشيخ نعيم قاسم أمس معلناً ان «كل المعطيات تشير الى أن الانتخابات النيابية حاصلة في لبنان بموعدها، وكثرة الجدل حول إمكان حصولها أو عدمه ما هي إلا محاولات لتسليط الضوء على بعض النقاشات غير النافعة وغير المفيدة ولصرف وقت اللبنانيين»، وقال في إشارة الى «الخلافات السياسية التي نراها بين الحين والآخر»: «نتمنى أن يحصل التوافق وأن تكون هناك تسويات، وأن يفكر الجميع بمعالجات تتجاوز العصبية والتحديات، فهذا أفضل للجميع، ولكن مع ذلك الانتخابات إن شاء الله حاصلة في موعدها».

وبعدما بدا أن لبنان الرسمي نجح في فصْل «قطار» الانتخابات عن مسار «عاصفة الرئاستيْن»، فإنه يَمضي في إعادة وضْع البلاد على خريطة الاهتمام العربي والدولي عشية 3 مؤتمرات بارزة لدعم الجيش اللبناني (في 28 شباط في روما) والاستثمار في لبنان (أوائل نيسان في باريس) وتعزيز القدرة على تحمُّل عبء النزوح السوري (في بروكسيل نهاية نيسان).

وتندرج في هذا السياق زيارة الرئيس عون للكويت بعد غد الثلاثاء في محطة كانت مقرَّرة في 5 تشرين الثاني الماضي ولكنها أرجئت بسبب الاستقالة المفاجئة التي أعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض في الرابع من الشهر نفسه، وهي المحطة التي تستمر حتى الاربعاء المقبل وتكتسب أهمية خاصة نظراً الى الروابط التاريخية التي تجمع بين لبنان والكويت والى طبيعة الملفات ذات الصلة بالشأن العربي والدولي كما بالعلاقات الثنائية التي سيجري التطرق إليها.

وفي إطار متّصل، تصبّ مشاركة الحريري في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وهو ما يتيح إجراء اتصالات تمهيدية قبل المؤتمرات الدولية الثلاث لدعم لبنان الذي سيتقدّم إلى مؤتمر باريس «سيدر 1» ببرنامج استثماري بقيمة 16 مليار دولار.

ومع «إدارة محركات» الانتخابات التي لم يعد ممكناً فصْل إجرائها ونتائجها المحتملة عن المؤتمرات الدولية في ظل تشديد عواصم القرار على وجوب معاودة انتظام اللعبة الديموقراطية من خلال صناديق الاقتراع التي فُتحت للمرة الاخيرة العام 2009، كما ربْطها صرْف المساعدات للبنان بما سيفضي إليه الاستحقاق النيابي لجهة «هوية» الفريق الذي سيُمسك بالأكثرية ومدى احترامه لقرارات الشرعية الدولية، تشهد الساحة السياسية الداخلية حِراكاً مكثفاً على خط رسْم خريطة التحالفات ومعاودة وصْل ما انقطع في الفترة الأخيرة بين حلفاء مثل «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» اللين تستعد قيادتهما، أي الحريري والدكتور سمير جعجع، للقاء «غسْل قلوب» بات قريباً ويفترض أن يكرّس تفاهماً على كيفية مقاربة المرحلة المقبلة واستحقاقاتها، لا سيما الانتخابات وعناوين أخرى ذات صلة بإدارة السلطة وملفات ذات أبعاد خارجية.

وفي السياق نفسه، يبرز تحرُّك تصاعُدي بين طرفيْ «تفاهم معراب»، أي «التيار الحر» و«القوات»، في محاولةٍ لـ «ضخّ الحياة» في هذا التفاهم وتبديد المناخ الذي ساد في الفترة الأخيرة وظهّر علاقتهما وكأنها بلغتْ حدّ «الطلاق من دون إعلان».

ولا شك في أن هذا الحِراك الداخلي سيترك تداعيات على صعيد عملية «ترسيم» التحالفات الانتخابية وتالياً التأثير في مسار استحقاقٍ تخاض تحت سقفه «معارك» عدة، سواء انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة أو رئاسة البرلمان أو الأحجام في الحكومة الجديدة.