Site icon IMLebanon

لبنان يستكمل حلقات “المواجهة الناعمة” في انتخابات 6 ايار

مع قفْل باب الترشيحات الى الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان منتصف ليل أمس، يكون الفصل ما قبل الأخير في الطريق إلى فتْح صناديق الاقتراع في 6 ايار المقبل قد طُوي، لتبقى محطة تشكيل اللوائح وتسجيلها ليُخاض الاستحقاق على أساسها حصْراً وذلك في 26 اذار كحدّ أقصى، وفق تحالفاتٍ ما زالت محط مشاوراتٍ معقّدة وستطبعها مفارقاتٌ ليس أقلّها طغيان عنوان «المصلحة الانتخابية» في بعضها على قاعدة «الفوز يبيح المحظورات»، وبروز تَقاطُعات أو افتراقات موْضعية بين «حلفاء طبيعيين» في دائرةٍ أو أخرى.

وفيما كانت آخر الأرقام عصر أمس ترجّح أن يناهز عدد الذين قدّموا ترشيحاتهم رسمياً في ختام المهلة المحدّدَة الـ1000 (عن 128 مقعداً يَتقاسمهم المسيحيون والمسلمون مناصفةً) مقابل نحو 700 في آخر انتخابات جرت في 2009 مع تسجيل «فورة» ترشيحات قياسية لدى النساء (بينهن العديد من الإعلاميات) اللاتي يفترض أن يكون عددهنّ قارب الـ 100 بعدما لم يتجاوز 14 قبل 9 أعوام، فإن هذه «الحماسة الزائدة» المرْتبطة بطبيعة القانون الجديد الذي يَعْتمد النظام النسبي للمرة الأولى (في 15 دائرة) تبدو أشبه بـ «الحمولة الزائدة» المتأتّية من «طموحات فردية» أكثر منها ذات صلة بمناخ استقطابٍ سياسي حاد، بدليل عدم وجود اصطفاف عمودي بين معسكريْن يتقابلان في «حلبة الانتخابات» بعدما أدت سلسلة تطورات على مدار الفترة الماضية الى اندثار تحالفيْ «8 و14 آذار» كما طَبَعا المشهد اللبناني منذ العام 2005.

ولا يُسْقِط غياب «مشهدية التمتْرس» على «جبهتيْن» متقابلتيْ  الأبعاد السياسية لانتخابات ايار التي ستجري على إيقاعٍ «تبريدي» محلي وخارجي للواقع اللبناني، والتي يعوّل عليها «حزب الله» للخروج بـ «درع حمايةٍ» لوضعيّته في وجه «الهجمة» الاقليمية – الدولية عليه في سياق التصدي لإيران ونفوذها المتمادي في أكثر من ساحة، أو لاقتناص فرصةٍ قد لا تتكرّر لانتزاع «نقاطٍ ذهبية» تكرّس رسمياً تفوّقه في المعادلة الداخلية بما يضمن له ولطهران «أفضلية» ضمن «الحلقة» اللبنانية وفي مسار الحلول لأزماتِ المنطقة. أما خصومه في لبنان فيعتمدون استراتيجية «التصدّي الناعم» لمحاولة منْعه من «الإطباق» على مَفاصل السلطة في البلاد إما عبر فوزه بأكثرية باتت تبدو «متحرّكة» في ضوء اقتراب «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) مثلاً من تيار رئيس الحكومة سعد الحريري منذ التسوية الرئاسية، وإما الفوز بالثلث المعطّل (43 نائباً بلا التيار الحر) بما يتيح للحزب التحكم باستحقاقات مفصلية مثل الانتخابات الرئاسية.

وإذا كانت زيارة الحريري للسعودية الأسبوع الماضي خلصتْ إلى حصوله على «رضى» الرياض على الخيار الذي ينتهجه على قاعدة «سياسة الاحتواء» وعدم تعريض استقرار لبنان لأيّ هزاتٍ قد تكون أكلافها باهظة ولا تؤثّر بمسار المواجهة الكبرى في المنطقة، فإن الاستحقاق النيابي يبقى في أحد جوانبه وما سيُفْرِزه جزءاً من هذه المواجهة التي تَتَصاعد وتيرتها وسط تَشابُك «فتائلها» التي يرْتبط بها لبنان عبر «حزب الله» المطلوب «رأسه» من أكثر من طرف إقليمي ودولي.

وكان لافتاً أن الحريري العائد من السعودية عاود تأكيد التمسك بالتسوية السياسية، أمس واليوم ولما بعد الانتخابات، وذلك في كلمته في مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان الذي انعقد تحضيراً للمؤتمر الاقتصادي الدولي لدعم لبنان الذي تستضيفه باريس في 6 ابريل المقبل والذي جرى خلاله عرض برنامج الإنفاق الاستثماري الذي وضعتْه حكومته ويفوق حجمه الـ16 مليار دولار ويضم أكثر من 250 مشروعاً في قطاعات مختلفة.

فالحريري لفت الى انه «إذا نظرنا إلى وضعنا قبل عام ونصف العام، وما تمكنا من تحقيقه اليوم بهذا التوافق السياسي الذي حصلنا عليه بعد انتخاب الرئيس عون، فسنجد أن هذا التوافق هو الأساس»، قائلاً: «أعلم أن التحديات كبيرة والعجز كبير وأعلم أن هناك خلافات سياسية بيننا في مكان ما، ولكن هذا التوافق السياسي مكننا من تحقيق إنجازاتٍ. من هنا علينا اليوم أن نستغل هذا التوافق السياسي، إن كان الآن قبل التوجه إلى مؤتمر باريس أو حتى بعد إنجاز الانتخابات التي ستفرز مجلساً نيابياً جديداً، وستكون أساساً، بعد إنجاز مؤتمر باريس، لاستكمال الخطة»، مؤكداً «اننا نعيد إحياء مشروع رفيق الحريري، المشروع الوطني الذي حاول أعداء لبنان وقفه باغتياله ولكننا بإذن الله تعالى ودعم كل محب للبنان  خصوصاً الدول العربية الشقيقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، حافظنا على الأمانة وسنكمل الحلم من حيث توقف لبناء مستقبل أفضل لكل اللبنانيين».

وجاء كلام الحريري عشية جلسة لمجلس الوزراء سبقها اشتعال «الحرب الكلامية» مجدداً بين فريقيْ «التيار الحر» ورئيس البرلمان نبيه بري (سُجلت أمس رسمياً اول لائحة انتخابية برئاسته في دائرة الجنوب الثانية – الزهراني وصور)، وغداة لقاءات بارزة لرئيس الحكومة استكملها أمس ذات صلة بالتحالفات الانتخابية قبل إعلانه يوم الأحد المقبل أسماء مرشّحي «المستقبل».

وكان أبرز هذه اللقاءات مع كلّ من النائب وليد جنبلاط ووزير الإعلام ملحم الرياشي (موفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع) في محاولة لحسْم الخيارات التي أطلق الحريري إشارات إليها بقوله «تحالفنا الانتخابي مع وليد بك دائم، وأنا سائر في هذا التحالف حتى النهاية في كل الدوائر»، مؤكداً في الوقت نفسه ان «العلاقة مع القوات اللبنانية استراتيجية دائماً، ونحن متوافقون في الأمور الاستراتيجية. أما في الموضوع الانتخابي، فأرى أن القانون سيحكم مصلحة كل فريق سياسي… والتحالف سيكون حسب المنفعة الأساسية لكل تيار سياسي في أي منطقة من لبنان. وبالتأكيد هناك أماكن سنكون فيها مع التيار الحر وأماكن أخرى مع القوات وأماكن سنكون فيها نحن الثلاثة معاً. هذه الأمور ما زالت قيد الدرس».

وفي موازاة ذلك، لفتت الزيارة التي كُشف أن وزير العدل اللبناني السابق اللواء أشرف ريفي يقوم بها لواشنطن حيث عقد لقاءات في البيت الأبيض، ذكرت جريدة «إيلاف» الإلكترونية أنها شملتْ كبار مسؤولي مجلس الأمن القومي المعنيين بملف الشرق الأوسط.

وأبلغ ريفي الى الموقع «اننا كلبنانيين ديموقراطيين خارج الاطار الإيراني نتواصل مع العالم الحر، والتقينا في واشنطن المسؤولين المعنيين بملف الشرق الأوسط، حيث لمسنا تفهماً أميركياً حول القضايا المطروحة».