Site icon IMLebanon

الراعي: لبنان يستدعي رجالات دولة غير عاديين

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن “لبنان يمر في حالة غير عادية، ولذلك يستدعي رجالات دولة غير عاديين.”

وأشار البطريرك الراعي خلال عظة قداس الأحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي “كابيلا القيامة” في حضور ممثل وزير التربية والتعليم العالي عماد الأشقر، ممثل رئيس حزب الكتائب اللبنانية الدكتور جورج قزي، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، عضو المؤسسة المارونية للانتشار سركيس سركيس، رئيسة حزب الخضر ندى زعرور، جمعية أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن إلى أنه: “بعد أسبوعين، يتقدم اللبنانيون من صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي وبالتالي في الحكومة والإدارات العامة”، مضيفاً: “فليتذكروا ما تنص عليه مقدمة الدستور أن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”، داعياً الجميع “إلى ممارسة حقهم الدستوري، ويدلوا بصوتهم الحر، والمحرر من كل خوف أو ترهيب أو إكراه أو وعيد أو إغراء، ويختاروا أمام الله والضمير من هو الأصلح لخير الوطن والشعب، ومن هو المميز بتجرده وثقافته وأخلاقيته، استنادا إلى خبرتهم معه واختبارهم له، لا إلى مجرد وعوده الكلامية الإنتخابية.”

وقال: “يطيب لي أن أرحب بكم جميعًا، وأحيي بنوع خاص جمعية أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن، والهيئات التعليمية في المدارس الرسمية، ولجان الأهل، وكل الشخصيات والهيئات الرسمية الحاضرة، وفي مقدمتهم ممثل معالي وزير التربية والتعليم العالي. وإننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية على نية هذه الجمعية والمدارس الرسمية، سائلين الله أن يبارك الأُسر التربوية فيها، ونصلي من أجل ازدهار هذه المدارس ونموها.”

وأضاف: “أود أن أثني على ما تقوم به من نشاط من أجل تعزيز المدرسة الرسمية. إن الكنيسة معنية للغاية بهذا النشاط. فالتعليم الرسمي يوفر التعليم للجميع، ويجعله إلزاميًا ومجانيًا في آنٍ معًا. لكن الكنيسة تتألم لما تراه من تعثر في المدرسة الرسمية، ومن هدر للطاقات البشرية والمالية فيها. فتطالب الدولة والمجتمع بدعمها وتأمين التعليم النوعي فيها، وجعلها في منافسة شريفة مع المدرسة الخاصة.”

وأكد الراعي أن “المدرسة الخاصة مثل الرسمية، ذات منفعة عامة. ما يستوجب على الدولة تقديم المساعدة المالية للتخفيف، لا عن المدرسة، بل عن أهالي الطلاب الذين يصرفون الغالي من مالهم ومقتنياتهم في سبيل تعليم أولادهم. غير أنه من حقهم، كمواطنين يؤدون للدولة ما يتوجب عليهم من ضرائب ورسوم، الحصول على مساعدة مالية منها أسوة بأهالي تلامذة المدرسة الرسمية. وهكذا تتأمن لهم حقًا حرية اختيار المدرسة لأولادهم. إذا لم تتحمل الدولة جزءًا من الأعباء المالية التي فرضتها على المدارس الخاصة بالقانون 46 الصادر عن مجلس النواب في 17 آب 2017، فإنها ترهق أهل التلامذة بزيادات على الأقساط مرتفعة، وهم غير قادرين عليها. الأمر الذي سيؤدي حتما إلى إقفال العديد من المدارس الخاصة، وإلى تشتيت التلامذة وحرمان أهلهم من مدرستهم، ورمي مئات من المعلمين والموظفين في حالة البطالة. وهذا ما نبهنا إليه أكثر من مرة وننبه. إن ضحية قانون 46 هم أهالي التلامذة لا المدرسة. وقد بدأ عدد من المدارس الكاثوليكية يعلمنا خطيا بإقفال أبوابها في السنة المدرسية المقبلة.”

وأردف: “معلوم أن جميع الدول تدعم ماليًا أهالي التلامذة للتخفيف من أقساط المدارس الخاصة. ففرنسا مثلا تتولى دفع رواتب المعلمين، وألمانيا تدفع للمدرسة الخاصة كلفة التلميذ في المدرسة الرسمية، فتطرحه من قسطها. هذه المساعدة ليست منة من الدولة بل واجب عليها، ينبغي أن يدخل في موازنتها السنوية.”
وتابع: “عندما عرف التلميذان يسوع عند كسر الخبز قاما على الفور ورجعا ليلاً وبمسيرة ثلاث ساعات إلى أورشليم لكي ينقلا خبر القيامة والفرح. هذا يعني أن سر القربان لا يؤمن القوة الداخلية وحسب، بل أيضًا القوة الجسدية والعزم. إنها قوة كينونية تنبعث من الرب يسوع الحاضر في القربان إلى المؤمن والمؤمنة، وتنتشر في المجتمع والحياة العامة، وتصبح ثقافة حياة. وهي ثقافة فرح العطاء من دون حساب، وثقافة زرع الفرح في القلوب، وانتزاع الغم والقلق والإحباط منها.”

وشدد على أن “هموم اللبنانيين وحاجاتهم كثيرة، ويعبرون عنها في تظاهرات وإضرابات ونداءات، وعلى رأسهم رئيس الاتحاد العمالي العام الذي احييه بيننا. إننا معهم نناشد المسؤولين السياسيين تحمل مسؤوليتهم التاريخية قبل الإنهيار الإجتماعي الكامل.”

وقال: “لا يمكن أن تستمر الهوة السحيقة بينهم وبين الشعب. وفيما يثني اللبنانيون على وضع موازنة 2018 التي ضبطت الانفاق المتفلت، مع إصلاحات لازمة ومطلوبة، من أجل انتظام مالية الدولة، فإنهم يبقون متخوفين من نتائج المادة التاسعة والأربعين التي أدرجت في الموازنة بشأن منح إقامة في لبنان لكل عربي وأجنبي يشتري شقة، وضمن شروط، ويستفيد من هذه الإقامة هو وزوجته وأولاده القاصرون، مع ما يستتبع هذه الإقامة من حقوق، والكل على حساب الشعب اللبناني”، معتبراً أنه “ينبغي إلغاء هذه المادة وتعديل قانون تملك الأجانب وتعليق العمل به، لأن عدد هؤلاء بات يفوق حاليا نصف شعب لبنان، والأوضاع الراهنة لا تسمح بمنح أية إقامة أو تمليك أو تجنيس أو توطين.”