يحتار اللبنانيون من يصدّقون حكوميًا. فالأجواء التي تشاع في سماء التأليف متناقضة ومتباعدة إلى حد كبير. قال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إنه “متفائل وأتواصل مع الجميع، والحكومة ستولد خلال أسبوع أو اثنين”. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فيؤكد أن “حتى الآن لا يوجد اتفاق على شيء، وأنا لا أرى شيئًا إيجابيًا، بل لم أر شيئًا إيجابيًا، لأننا منذ أسبوعين وحتى الآن لم “نضرب ضربة منيحة”، بمعنى أننا لم نتقدم أي خطوة”. ويتابع: “قالوا إنني متفائل بولادة وشيكة للحكومة، لقد قوّلوني أمورًا لا علاقة لي بها”.
وتضاف إلى هذا المشهد مواقف عالية السقف نسبت إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، قال فيها: “الوقت ليس مفتوحًا إلى ما شاء الله” وإن “في وسعه انتظار الأسبوع المقبل”، مضيًفا: “لا أراهن على الوقت، لكنني لا أُبتَز، وسأمنحهم فرصة بلا أي رد فعل مسبق”. ولم يخل الكلام المنقول عنه من تصويب على الحريري إذ أخذ عليه “عدم اتخاذه قرارًا، وارتكابه هو نفسه أخطاء”، سائلًا: “فكيف سيكون في إمكانه تصحيح أخطاء الآخرين”؟
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، قد لا تكون الموجات الإيجابية التي يعمل الحريري على بثها فوق ضفة التأليف، حتى الساعة، مبنية على وقائع أو معطيات ملموسة، إلا أنها بالطبع لا تأتي من عدم، إذ يمكن أن تدل إلى رغبة لدى الرئيس المكلف بمواصلة الجهود والمساعي لتحقيق خرق في المشهد الحكومي. ويرتقب أن تترجم هذه الرغبة “عمليًا” بسلسلة اتصالات سيجريها الحريري مع الأقطاب المعنيين بالتأليف، كلّهم، من دون استثناء.
وتشير المصادر إلى أن للمتشائمين معطيات كثيرة تبرر لهم سلبيتهم. فالعقدة المسيحية لا تزال تراوح مكانها على ما يبدو. كما أن العقدة الدرزية لا تقل صعوبة، حيث يبدي “الحزب التقدمي الاشتراكي” تصلبًا غير مسبوق إزاء محاولات انتزاع وزير درزي من حصّته في الحكومة ويصر على الحصول على 3 وزراء دروز، وإن كان لا يمانع توزير النائب طلال أرسلان من خارج هذه الحصة. أما مسألة توزير نائب يمثل السنة الحلفاء لـ8 آذار فموضع خلاف أيضًا حيث يصر هؤلاء على وزير أو اثنين مدعومين من “حزب الله” ومن رئيس الجمهورية، فيما يرفض الحريري البحث في هذه النقطة. وقد دخل التكتل الوطني (المردة) في الساعات الماضية “السوق” الحكومي أيضًا، مطالبًا بوزارتين مسيحية وغير مسيحية.
في الخلاصة، يمكن القول إن العقد كثيرة وتراوح وتتفاقم، إلا أن الرئيس المكلف لن يذعن لها وهو في صدد حراك داخلي إضافي، سيدور في العلن وخلف الكواليس، بحثًا عن مخارج وحلول وتسويات، ويبقى ترقب نتائج مساعيه.
