اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “السجن الكبير الذي كان لبنان مسجونا فيه قد سقط وإن عهد الوصاية انتهى ولن يعود و14 آذار لا تزال مستمرة كمشروع والأكثرية في الشارع اللبناني”.
وأعلن، في حديث لمجلة “النجوى – المسيرة” عن التطورات في لبنان والمنطقة، بعد 13 عاما على خروجه إلى الحرية في 26 تموز 2005، أن “القوات متمسكة بتفاهم معراب والاتفاقات السياسية لا تسقط إلا بخروج الطرفين منها، مؤكدا أنه لم يكن هناك أي لقاء مبرمج مع الوزير جبران باسيل ولكن أبواب معراب مفتوحة للجميع، ومتمنيا أن يكون عهد الرئيس ميشال عون أفضل عهد يشهده لبنان”.
وأضاف “السجن الكبير لا يزال ساقطا وأنا قلت “خرجتم من السجن الكبير” أي أن زمنه قد انتهى ولكن لا يكفي أن تخرج من هذا السجن الكبير وإنما عليك أن تبدأ الحياة وهذا ما لم توصلنا إليه بعد الحكومات المتعاقبة. نحن خارج السجن الكبير إلا أننا لم ندخل الحياة بالشكل المطلوب باعتبار أنه لا يمكننا ذلك في ظل المشاكل التي يتخبط بها البلد. لا يمكن أن نقول إننا دخلنا الحياة كما يجب ولا تزال مسألة تأليف الحكومة تتطلب كل هذا الوقت كما طريقة إدارة الدولة باقية على الشكل الذي نراه”.
وتابع “من المؤكد أن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين ليس لديهم حنين إلى زمن الوصاية، إلا أن بعض من كانوا يستفيدون من عهد الوصاية، وهم قلة تعد على أصابع اليدين، يحنون إلى العودة إلى هذا العهد باعتبار أنهم لولا عهد الوصاية لما كانوا أصحاب شأن اليوم”.
واعتقد “أن “14 آذار” كمشروع وفكر لا تزال أكثرية في الشارع اللبناني، “جمهور “14 آذار” لا يزال باقيا حتى الآن بمعنى الناس الذين يؤمنون بهذا المشروع والتوجه إلا أن تركيبة “14 آذار” هي التي لم تعد موجودة اليوم. هناك أعمدة رئيسية في “14 آذار” لا تزال موجودة ويتم التنسيق في ما بينها وقوامها “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” والحزب التقدمي الإشتراكي، مضيفا” العام المنصرم كان من أكثر السنوات عجفا على “14 آذار”، إلا أن هذا لا يعني أن هذا المشروع اضمحل. صحيح أنها مرت بصعوبات جمة في حمأة الانتخابات الرئاسية إلا أنها بعد الإنتخابات النيابية تعود في مكان ما لاتخاذ شكل ما”.
وأشار إلى أن “تفاهم معراب” يعيش على أوكسيجين الرغبة الشعبية الجامحة في إبقائه حيا”.
وأردف “كان هناك مناخ سائد في البيئة المسيحية بشكل عموما وبين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” خصوصا وقد انتهى هذا المناخ إلى غير رجعة، فيما الخلافات اليوم أصبحت سياسية كمسألة بواخر الكهرباء أو من سيأخذ ماذا في الحكومة، وهذه الخلافات تبقى في سياقها السياسي لا أكثر. إن بقيت هذه الخلافات ضمن حدود معينة فلن تطيح الاتفاق باعتبار أن الأهم هو أن يبقى المناخ العام سائدا. يمكن أن نختلف على الوجود في الحكومة وهذه ليست مسألة عابرة، إلا أن هذا الخلاف يجب ألا يطيح كل هذا المناخ السائد”.
ولفت إلى أننا “نحن لدينا موقف مبدئي من “حزب الله” على المستوى الاستراتيجي باعتبار أنه لا يمكن قيام أي دولة لبنانية فعلية إذا لم يكن قرارها الإستراتيجي داخل مؤسساتها. هذا الأمر بالنسبة إلينا بديهي وغير قابل للجدل. نظرتنا بالنسبة إلى “حزب الله” لا تزال هي هي في ما يتعلق بالبعد الإستراتيجي”.
وأضاف “بالنسبة إلى البعد المحلي فنحن حين نلتقي معهم في بعض النقاط نلتقي ولا مانع لدينا فنحن لسنا بإلغائيين أو متعصبين على غير هدى، فليس هناك من مانع في الإلتقاء معهم عند بعض النقاط والقضايا. في الفترة الأخيرة “حزب الله” خفف من خطابه الاستراتيجي وأكثر من الخطاب المحلي الذي ينسجم في أماكن كثيرة مع خطابنا”.
ورد، حول إمكانية أن يطغى الإلتقاء المرحلي على الخلاف الإستراتيجي، قال: “لا، إلا في حال أخذت التطورات في المنطقة مداها الأقصى واضطر حينها “حزب الله” إلى التحول إلى حزب سياسي داخلي، فعندها عندما يتحول إلى حزب سياسي شأنه شأن أي حزب سياسي آخر، من الممكن أن يكونوا من أكثر الأحزاب التي من الممكن أن نلتقي معها. إذا أسقط “حزب الله” من حساباته البعد الإستراتيجي أي علاقته بإيران ومسألة اتخاذ قرار السلم والحرب عندها أين هي مشكلته مع “القوات اللبنانية”؟ يلتقي الحزب معها في جميع النقاط المتبقية أي في طريقة إدارة الدولة، وفي هذا الإطار يمكن أن ناخذ على سبيل المثال تجربتنا الوزارية السابقة حيث يأتي وزراؤه إلى جلسة مجلس الوزراء محضرين كوزرائنا وفي غالبية المواضيع يكون لنا الرأي نفسه”.
وشدد أن في انتخابات 6 أيار “هذه المرة الأولى التي يكون لـ”القوات اللبنانية” هذا الكم من الشرعية. فهي صحيح أنها وصلت أن يكون لها رئيس جمهورية في لحظة إقليمية استثنائية عام 1982 مع الرئيس بشير الجميل، إلا أن الواقع اليوم مختلف بحيث أنها تحظى بكل هذه الشرعية في وضع طبيعي جدا وبوكالة شعبية واضحة باعتبار أننا خضنا الإنتخابات منفردين”.
وأشار إلى أن الحملة على وزراء “القوات” في مرحلة تصريف الأعمال هي “جزء من لعبة “الكباش” السياسي الحاصل، وما أدى إلى هذه الحملة هو أن الناس جميعا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب يتكلمون منذ سنة ونصف عن أداء وزراء “القوات” وتتم مقارنتهم بالفريق الآخر. البعض لم ولن يروق له هذا الأمر، لذلك يحاولون القيام بأي أمر من أجل تحطيم صورة وزراء “القوات” لدى الناس ولكنهم لن ينجحوا. الحملة التي نشهدها ليست عبارة عن مجرد رأي من هنا أو هناك وإنما هناك ماكينة تضخ كل هذه الأجواء بشكل منهجي عبر تقارير ومعلومات مغلوطة يتم توزيعها”.
ورأى أنه يجب أن “نعمل جميعا ونتعاون بالشكل الذي يجب أن يتم فيه العمل وليس أن تكون المسألة مجرد مناكفة يومية وسباق مسعور إلى المراكز باعتبار أننا ليس لدينا متطلبات كبيرة من أجل إرضائنا، إلا أن الحد الأدنى هو ما نعيش عبر تحقيق المصالحة وحلحلة عقدة إنتخابات الرئاسة والوصول إلى عهد جديد ومن هناك “الشاطر بشطارتو”، وأكبر دليل على ذلك نتائج الإنتخابات النيابية. فإذا لم يحقق هذا التفاهم سوى المناخ الجديد السائد في المجتمع وقانون الانتخابات الجديد ونتائج الانتخابات التي رفعت التمثيل إلى نحو 56 نائبا من دون أي تعاون بيننا وبين “التيار الوطني الحر” الذي لو حصل لكان رفع هذا العدد إلى قرابة الـ58 نائبا، فهذا فقط في ذاته ليس مسألة يستهان بها”.
وأضاف: “تفاهم معراب” هو تفاهم سياسي وليس قانونا فنحن لا نمنع أي فريق من الحصول على أي مركز يريد، وإنما هناك حزبان أنجزا تفاهما سياسيا في ما بينهما. نص الاتفاق يقول إن حصة الرئيس هي 3 وزراء، ولكن هذا لا يعني أنه سيقوم بتوزير عائلته وإنما بتوزير أشخاص من هذا المجتمع. كما أن كلا من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” يتصرفان بـ6 مقاعد. وهذا لا يعني أن نأتي بكل الوزراء من الحزبين وإنما المقصود هو أن نتصرف نحن بالمقاعد مع حلفائنا و”التيار” كذلك الأمر. وبالتالي هذا الإتفاق سياسي لطريقة الوجود في السلطة بعد التفاهم الذي تم. ولكن بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، تبين لنا أن “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بالصوت الشعبي وبالتمثيل النيابي يمثلان أكثر من 80 في المئة من المسيحيين في لبنان. فهل ميزان القوى هذا أتى فجأة من بعد الإنتخابات أو كان موجودا؟ هذا الميزان لطالما كان موجودا، إلا أنه لم يكن مترجما في التمثيل النيابي انطلاقا من اعتوار في قانون الإنتخاب. هناك العديد من الناس في لبنان يعتقدون أن لديهم حقوقا مكتسبة إلا أن هذا الأمر غير صحيح، فقط الأكثرية لديها حقوق مكتسبة فيما الباقون عليهم أن يجيدوا العمل في السياسة من أجل أن يحصلوا مع الأكثرية على حقوق مكتسبة. إما أن نقبل بمنطق الديموقراطية أو لا. الكلام على منطق الإستئثار غير صحيح. من قال إنه في تأليف الحكومات يجب تمثيل الجميع؟ التأليف يتم على أسس سياسية. لا يمكن أن نطالب بالشيء وعكسه ونحن إن تم إعطاؤنا التصرف بـ6 وزراء في الحكومة فبطبيعة الحال سنوزر 4 من “القوات” ونعطي المقعدين المتبقيين للحلفاء”.
ونفى أن تقبل “القوات” بترميم هذا الإتفاق عبر تغيير بعض بنوده أو تعديلها، قائلا “هذا الأمر غير وارد باعتبار أن هذا التفاهم قائم، إما أن تتم ترجمته أو لا”.
وأكد أنه “لا يزال عند رأيه أن النظام السوري غير قابل للحياة وإسرائيل أكثر طرف يتكلم في الوقت الراهن على تعويم بشار الأسد”، متابعا “أعتقد أن لا إمكان للقيام بهذا الأمر: التعاطي مع النظام كأمر واقع هو أمر واقع، ولكن تعويمه شرعيا وشعبيا أمر آخر مختلف تماما فبسبب عدم ظهور أي بدائل يتم التعاطي مع هذا النظام كأمر واقع في انتظار ظهور هذه البدائل. وهو يستمر بحكم الأمر الواقع بفضل وجود إيران وروسيا على الأراضي السورية، في انتظار معادلات أخرى فقط لا غير. ولا يتمتع بأي نقطة ارتكاز خاصة به، فإن خرجت اليوم روسيا أو إيران من سوريا فسيسقط هذا النظام فورا بالرغم من كل الذي نراه”.
وأكد أن “لبنان الرسمي سيصمد أمام الضغوط ويبقى على الحياد من دون تطبيع العلاقات مع النظام السوري”، قائلا “دائما يتم البحث عن الذرائع في هذه المسألة إلا أن هذا الأمر لا يعني أن هذه الذرائع سيؤخذ بها. ففي ما يتعلق بالنازحين السوريين فمن المؤكد أن الجهة الأكثر رفضا لعودتهم هو النظام في سوريا وما حدث أخيرا دليل على ذلك تم الإعلان عن أنه كان هناك زهاء 3600 أو 3800 نازح يريدون العودة، وأرسلت لوائح بأسماء هؤلاء إلى النظام فأتت الموافقة فقط على 280 نازحا من بعدها 50 نازحا ثم 70”. وأضاف “إذا أخذنا مسألة العودة على هذا المنحى فعدد الولادات الجديدة للنازحين في لبنان هو أكثر بكثير من الذين يعودون. النظام يأخذ اللوائح ويوافق فقط على مؤيديه من ضمنها وهؤلاء بأقصى الحالات يعدون 5 أو 10 في المئة من النارحين الموجودين في لبنان. هذا النظام لا يريد هذا الشعب. مصير النظام السوري هو الرحيل. هناك زهاء 10 إلى 12 مليون سوري نازح ما بين الداخل والخارج وهؤلاء حكما أقوى من هذا النظام”.

