Site icon IMLebanon

المنظمات الشبابية في الاستقلال: هكذا نحصّن لبنان!

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

“عم بحلمك يا حلم يا لبنان…”. 75 عاماً عبرت، أكثر من 27 ألف و300 ليلة إنقضت والحلم ذاته “لبنان”. حلم نجح في إخراج الشباب من خلف متاريسهم، وأن يمضوا معاً على تنوّع اصطفافاتهم وتعدّد تطلّعاتهم، لبناء لبنان الدولة التي تشبههم ويطمحون إليها. 22 تشرين الثاني، أكثر من موعد سنوي لذكرى الاستقلال، هي محطة تستكمل فيها المنظمات الشبابية في الأحزاب اللبنانية، رسم صورة لبنان الذي يعكس تطلعاتها.

إختلفت نظرة الشباب وتنوّعت رؤيتهم في ذكرى الاستقلال، منهم من اعتبر أن لا إستقلال كامل، وآخر ذهب إلى حد السؤال: “وينو الاستقلال؟”. فيما فئة أخرى وجدت في تحصين الوطن أولوية للحفاظ على مكاسبه التاريخية.

القوات
ينطلق رئيس مصلحة الطلاب في حزب “القوات اللبنانية” شربل الخوري من تمسّك الشباب بهذا الوطن ومن نضالهم الطويل، قائلاً: “ليس من باب المصادفة أن نحب لبنان وما عاشه من صعاب وتحدّيات، بل لأنّه ثمرة نضال وتضحيات. والاستقلال محطة لنتذكر انّ الغاية الأساس من وجودنا هي بناء دولة لكل أبنائها، الدولة الحق”. ويضيف في حديث لـ”الجمهورية”: “صحيح انّ هذا الاستقلال ذكرى لجلاء الجيش الفرنسي، ولكن لو نظرنا إلى الماضي القريب لوجدنا كمّاً هائلاً من الاحتلالات التي طمعت بلبنان، وفي مقابلها، تمكنا من دحرها وتحقيق الاستقلال كما حصل في 26 نيسان 2005”.
ويلفت الخوري إلى “انّ واجب اللبنانيين هو حماية الاستقلال، لكي لا يتحوّل مجرد ذكرى أو عرض”. ويضيف: “حماية الاستقلال تعني تحصينه من خلال الدولة القوية، التي تبسط نفوذها وقرارها، وتفرض سلطة السلاح بيد جيشها، وتمنع الفساد من أن ينخر مؤسساتها. وعلينا العمل كلبنانيين بثقة بوطننا، وإلّا يبقى الاستقلال أناشيد نردّدها وأغاني نتبادلها”.

الكتائب
“شهر تشرين يعني لنا الكثير، ثلاثي المعاني”، يقول رئيس مصلحة الطلاب في حزب الكتائب اللبنانية زخيا الاشقر، موضحاً لـ”الجمهورية”: “في هذا الشهر نحيي ذكرى الاستقلال وذكرى تأسيس حزب الكتائب وذكرى استشهاد بيار الجميل”، مشيراً إلى انّ “أول علم لبناني حيك في منزل الرئيس بيار الجميل”.
وبعد مرور 75 عاماً على الاستقلال يؤكّد الاشقر “اننا كشباب لا نتمنى رؤية لبنان في وضعه الراهن، لأنّ الاستقلال يعني أن تكون الدولة سّيدة في كل ما تعنيه الكلمة، ولكن في لبنان لا نزال نعيش في تعددية السلاح سواء في المخيمات الفلسطينية أو مع سلاح حزب الله”. ويضيف: “في قلبنا حسرة، لأنّ سيادة لبنان منقوصة، ولا تزال الحدود غير مرسمة، لذا تحصين الاستقلال ينطلق من رسم الحدود مروراً بتحسين وتطوير حياة الناس”، معتبراً ان “الركيزة الاساسية لقيام الدولة هي المؤسسات بعيداً من السمسرات، وإلاّ سنبقى ندور في حلقة مفرغة”. وتوجّه إلى الاحزاب اللبنانية الأُخرى قائلاً: “نطالبها بالعودة إلى مؤسسات الدولة والقانون، وان تبتعد عن التدخلات الخارجية والأزمات الاقليمية التي لا تنتهي، لذا ضمان استقلال لبنان في حياده”.

الإشتراكي
من جهته، يعتبر رئيس منظمة الشباب في الحزب “التقدمي الاشتراكي” محمد منصور “انّ الاستقلال جزء من الهوية الفريدة لهذا البلد في كونه وطن التعايش والتنوع والتعددية، ومحطة جامعة للبنانيين، أهميتها في تذكيرهم بواجباتهم تجاه هذا الوطن الذي يحتاج الكثير”. ويضيف في حديث لـ”الجمهورية”: “لذا على المسؤولين أن يعوا أهمية ما يجب القيام به لمنع عودة الاستعمار الى لبنان من طريق تدهور الوضع الاقتصادي بنحو خطير، وان يبادروا الى الترفّع فوق مصالحهم الخاصة والنزاعات بعيداً من الأجندات الغربية”.
ويتوقف منصور عند أساليب تحصين الاستقلال، قائلاً: “يمكن حماية الاستقلال من خلال تعزيز دولة القانون، دولة المؤسسات، الدولة المدنية القادرة على حماية حقوق مواطنيها، بعيداً من المحاصصة الطائفية البغيضة”. ويتابع: “يُحصّن الاستقلال عندما تعود كل القوى السياسية الى رشدها عبر تحكيم لغة الحوار والتوافق بديلاً من لغة المزايدة والمكابرة، فتبحث عن آليات لتحسين الوضع المعيشي واصلاح الوضع الاقتصادي، لبلد اضحت فيه البطالة عادة، وغياب الكهرباء طبيعة، والموت على أبواب المؤسسات الطبيّة خبزاً يومياً”.

التيار الوطني الحرّ
يولي مسؤول الطلاب في “التيار الوطني الحرّ” مارك خوري اهمية للاستقلال الثاني قائلاً: “انها ليست فرصة فقط لنتذكر الاستقلال في العام 1943، إنما لنتذكر نضالات كل من سبقونا وبفضلهم بقي لنا لبنان، كذلك إنها فرصة لنتذكر جلاء الجيش السوري من لبنان الذي منه انطلق الاستقلال الحقيقي”. ويضيف في حديث لـ “الجمهورية”: “لا يكفي وجود رجل قوي على رأس الدولة، إنما لا بدّ من التعاون معه لنتمكن من تحقيق كل ما يلزم قبل ان تنتهي ولايته، ولتحسين ظروف أهل الوطن وأوضاعهم الاقتصادية”.
وعن طريقة تحصين الوطن، يقول خوري: “أولاً وأخيراً أن يكون مستقلاً عن الاجندات الخارجية، وبعيداً من التدخلات الخارجية السلبية”.

حركة “أمل
أما مسؤول الشباب والرياضة في حركة “أمل” الدكتور علي ياسين، فيعتبر أنّ الاستقلال يعني “بناء وطن مقاوم”، ويقول لـ”الجمهورية”: “يتمثل الاستقلال في بناء وطن مقاوم، وطن يصنع من الضعف قوة، وطن تحارب العين فيه المخرز. الاستقلال هو مقاومة، والمقاومة هي عقيدة وثبات. فكما يقول الامام موسى الصدر “كل من يحمل سلاحاً ولا يحمل معه فكرأً سيصبح يوماً ما قاطع طريق”. ويتابع مؤكّداً: “انّ الاستقلال ليس فقط تحرير الارض، انما هو ايضاً التحرّر من الحرمان، كما قال الاخ الرئيس نبيه بري، “ما قيمة تحرير الارض دون تحرير الانسان!”.
ومن هنا ينطلق ياسين من اعتبار أنّ الركيزة الاولى في تحصين الاستقلال، هي “تحرير الإنسان من خلال بناء دولة معاصرة قائمة على العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة امام القانون”، ويقول: “نحن كحركة “أمل” عموماً ومكتب الشباب والرياضة خصوصاً، ستكون أولى اولوياتنا هي السعي لبناء دولة الكفاية، دولة تمنع هجرة ثروات لبنان البشرية عموماَ والشباب خصوصاً الى الخارج”. ويضيف: “هكذا الاستقلال، يتطلب مقاومة سرطان الفساد اولاً، وبناء الدولة المدنية ثانياً، دولة الطوائف لا الطائفية، دولة تتيح فرص العمل امام شبابها وشاباتها وفقاً لمعيار الكفاءة فقط”، ومؤكّداً “انّ تحصين الاستقلال يكون بالعبور الى دولة التطور والتنمية الشاملة العادلة المستدامة”.

المستقبل” 
من جهته، منسق قطاع الشباب في تيار “المستقبل” محمد سعد يأسف لحلول ذكرى الاستقلال “في ظل اوضاع سياسية متأزمة، وترقّب لولادة حكومة تعالج الملفات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية للناس، الذين يعيشون في ظروف اقتصادية متردية”. ويعتبر في حديث لـ”الجمهورية”، انّ “الاستقلال الحقيقي يكون عندما يتمكن اللبنانيون من تحييد البلد عن الأزمات الخارجية، وإبعاده عن هيمنة أجندات الدول الإقليمية”.
ويرى سعد، انّ تحصين “الاستقلال لا يتم ما لم يقف اللبنانيون صفاً واحداً، وقفة مشابهة لما حصل في الاستقلال الثاني للبنان، في ثورة الأرز عام ٢٠٠٥، بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري”. ويضيف: “على القوى السياسية اللبنانية وضع مصلحة بلدها فوق أي اعتبار. من خلال اعتماد أولويات الناس وحاجاتهم الحياتية”.
وختاماً، يلفت سعد إلى أزمة البطالة لدى الشباب، قائلاً: “نطالب القوى السياسية بأن لا تجعل من لبنان ساحة لتصفية حسابات إقليمية، وأن لا تقحم البلد في المعارك التي تدور من حولنا، خصوصاً أننا نعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة، حيث نعاني من معدلات مرتفعة للبطالة، ومعظم العاطلين عن العمل هم شباب”.
فهل من يستجيب لنداء الشباب عصب لبنان؟