Site icon IMLebanon

دفاعاً عن موقع الرئاسة لا عن ميشال عون (بقلم طوني أبي نجم)

كاتب هذه السطور هو من أشد المعارضين للرئيس ميشال عون سياسياً، بشهادة الجميع. لم أكن ولن أكون يوماً من مؤيديه أو المعجبين به وبأدائه، لا تاريخياً ولا حالياً. هذا أمر محسوم لاعتبارات لا مجال لتعدادها في المقالة الحالية. وما زاد في الطين بلّة دور الوزير جبران باسيل وأدائه وطبيعة شخصيته، فكان الالتحام بين دوري عون وباسيل مدعاة لنفور إضافي في ظل رفضي لكل الأداء والتموضع السياسيين للاثنين، أقله اعتباراً من 6 شباط 2006 في المرحلة الحديثة وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية. ولا تزال كتاباتي تشهد على ما اعتبرته ولا أزال “خطيئة” سياسية ارتكبتها “القوات اللبنانية” عبر “اتفاق معراب” والترويج لانتخاب الرئيس عون، وليس اعتراضاً على المصالحة التي لم تحصل فعلياً بل شكلياً إذ بُنيت على تقاطع مصالح ظرفي وما لبثت أن انهارت، وكان انهيارها عظيماً.

لكن ميشال عون اليوم هو رئيس الجمهورية اللبنانية، ورأس هذه الجمهورية. الموقف السياسي من رئيس الجمهورية شيء، والقبول بأن ينكسر من موقعه أمام وهج السلاح الذي يمثله الثنائي الشيعي شيء مختلف تماماً، والدور الذي يلعبه الرئيس نبيه بري في هذا السياق لا يمكن أن يكون إلا بالتنسيق اللصيق مع “حزب الله” وحتى بتوجيه منه.

ما جرى ويجري على هامش القمة العربية، وعملية ضرب سمعة لبنان وصورته وموقع رئاسة الجمهورية التي مارسها الثنائي الشيعي حركة “أمل” علناً ومواجهة و”حزب الله” سراً ومواربة، إنما يشكل خطراً كيانياً على موقع الرئاسة في لبنان وما يمثله من رمزية للحفاظ على “الطائف” والشراكة والمناصفة!

إن الحرب التي شنّها ويشنّها الثنائي الشيعي الخارج عن القانون وخلافاً للدستور والصلاحيات، على موقع الرئاسة إنطلاقاً من استهداف القمة العربية، إنما هي حرب على “الطائف” والدستور وموقع رئاسة الجمهورية، والهدف واضح لا لُبس فيه: محاولة الإنقلاب لتغيير النظام اليوم قبل الغد، عبر إسقاط الدولة وإظهارها بمظهر العاجزة كلياً وعزل لبنان عن علاقاته العربية والدفع نحو مؤتمر تأسيسي قبل تبدّل الموازين الإقليمية وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة.

إن كسر رئيس الجمهورية وموقع الرئاسة اليوم، وبغض النظر عن اسم الرئيس، إنما يعني تكريس واقع أن يصبح أي رئيس للجمهورية في لبنان عاجزاً عن استقبال ضيف أو حتى دعوته أو حماية قمة في لبنان.

والأسوأ في كل ما يحصل، أن ثمة أطرافاً مسيحية تحديداً تتلهى بمنطق تصفية الحسابات السياسية وتتلذذ بانكسار ميشال عون، فيما هي تبدو كمن بلحس المبرد وتتلذذ بـ”دماء” الموقع المسيحي الأول في لبنان، في حين أن المطلوب اليوم هو حماية هذا الموقع لا الشخص، في مواجهة تتخذ طابعاً سيادياً ودستورياً بامتياز بين من يحاول الإبقاء على هيبة الدولة وعلاقات لبنان العربية من خلال استضافة القمة الاقتصادية والتنموية العربية في بيروت، وبين من يسعى لضرب هيبة الدولة وكسرها وإعلان أن لبنان بات أسير محور الممانعة عبر فعل كل شيء لضرب القمة وتقزيمها. إن الصراع الدائر اليوم على خلفية القمة العربية هو صراع سيادي بامتياز بين منطق الدولة وهيبتها ومنطق الدويلة التي تسعى إلى القضاء على الدولة، وأي تقاعس اليوم في حماية الموقع المسيحي الأول ورمز الدولة في مواجهة تفلّت الممارسات الميليشيوية للثنائي الشيعي ستعني حتماً انهيار الدولة والإجهاز على ما تبقى للمسيحيين في السطلة ضمن شراكة “الطائف”.

كل الأمل ألا تكون المماحكات المسيحية التي شهدت بكركي في اللقاء الماروني الأخير جانباً منها، وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من فصولها، أشبه بنقاشات القسطنطينية حول جنس الملائكة يوم كانت أسوارها تُدكّ، فيبكي الكثيرون كالنساء مناصفة وشراكة وصلاحيات ضائعة لم يعرفوا كيف يحافظوا عليها كالرجال!