Site icon IMLebanon

مخالفة الدستور باب الى حل الازمات… ومنها الكهرباء!

تتوجه الأنظار في الأيام المقبلة الى ساحة النجمة لمواكبة المساعي الجارية لإطلاق خطة الكهرباء بعد البت بها في مجلس الوزراء، وسينصب البحث في لجنة الأشغال بداية، ومن ثم في الجلسة التشريعية الأربعاء، على مشروع القانون المعجل المحال الى مجلس النواب بشأن القانون 288/2014، لتمديد العمل به، من جهة، وعلى مضمون القانون 228/2000 الذي صدر في تاريخ 31/05/2000 من جهة ثانية، الخاص بتنظيم مشاريع الخصخصة في اكثر من قطاع، عبر “تشكيل الهيئات الناظمة”، والذي بات اليوم من صلب أهداف الحكومة الحالية، الا انها شرعت في تطبيق خطة الكهرباء من دون ان تلتزم بما قال به من آليات ولا سيما تشكيل هذه الهيئة، التي أبعدها الحديث عن تعديل القانون 288/2014 ثلاث سنوات على الأقل إن لم يكن اكثر، بعد مرور اكثر من 19 سنة على الاقرار بتشكيلها بموجب القانون 228/2000.

 

ويعترف مصدر وزاري واكب تلك المرحلة التي اقرت فيها هذه الهيئة لـ “المركزية” فيقول ان معظم الوزراء الذي كان عليهم التعاطي مع الهيئات الناظمة إن في قطاع الطاقة والكهرباء او في الإتصالات، وجدوا فيها العدو الأول لصلاحياتهم لأن تشكيلها سيحول دون التصرف بقدرات القطاعات كافة. فيعود اليهم الدور الأساسي الذي اناطه الدستور بوزير الوصاية “المحجم” لا اكثر ولا اقل كما هي وصاية وزارة الشؤون الإجتماعية على المؤسسة العامة للإسكان او وصاية وزير العمل على الضمان الإجتماعي. لأنها مؤسسات لها موازناتها الخاصة والقدرة على إدارة شؤونها الداخلية وليس للوزير أكثر من الدور الرعائي ليس إلا.

ويضيف: لو شكلت الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وبوجود مجلس إدارة كامل المواصفات في تركيبته واختصاص أعضائه لما كان لوزير الطاقة اي رأي فاعل في إدارة القطاع وهو ما ادى بوزراء الطاقة في السنوات الأخيرة الى الإمعان في تعطيلها عن قصد او غير قصد او عدم تشكيلها. فصلاحيات وزير الطاقة مثلا لا تسمح له بتعديل قرار اتخذه مجلس إدارة الكهرباء بل يمكنه الطلب عن طريق التمني او ابداء الرغبة ليس إلا.

وايا كانت مجريات جلسات اللجنة النيابية للأشغال والنقل وصولا الى الجلسة التشريعية الأسبوع المقبل، يلفت المصدرالوزراي الى ان خرق الدستور بات امرا عاديا في لبنان – وخصوصا عندما يصبح خطوة إجبارية لا بد منها – للخروج من أزمة كأزمة الكهرباء. ولكن على المعنيين بالأمر مصارحة اللبنانيين بهذه الخروق والقول ان ما هو مطروح من تعديل سيفتح الباب امام خصخصة قطاع الإنتاج للطاقة الكهربائية بشقيه المستدام والمؤقت لتوفير الطاقة التي يحتاجها لبنان ووقف برامج التقنين والعمل بفاتورتين كهربائيتين.

واستطرد  المصدر مذكرا بمضمون القانون 228/2000 الذي قال بما قال به البيان الوزاري للحكومة الحالية عند مقاربته لموضوع الكهرباء. فالخصخصة جزء لا يتجزأ من الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة على صعيد المالية العامة وإعادة هيكلة القطاع العام. فهي ليست في حد ذاتها علاجاً عاماً بل جزء من برنامج الحكومة الاقتصادي، الذي يسعى إلى إنشاء حلقة مثمرة تؤدي إلى انخفاض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهبوط معدلات الفائدة، وارتفاع النمو الاقتصادي. كذلك فهي عملية تعزز خطط الحكومة الرامية إلى إصلاح المؤسسات وإنشاء إطار تنظيمي ورقابي فعال، وتعزيز الكفاءة في مختلف مؤسسات الدولة والقطاع العام.

وينطوي برنامج الخصخصة في لبنان على ثلاثة أهداف رئيسية مترابطة ترابطاً وثيقاً وهي:

– تحسين فعالية الاقتصاد اللبناني في  القطاع العام وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، بل تحقق قدرة الاقتصاد التنافسية وتؤدي بدورها إلى خفض تكاليف الإنتاج، وزيادة معدلات النمو، وتحسين مستويات المعيشة لدى جميع المواطنين.

-زيادة الاستثمارات في لبنان وتحديدا في القطاعات الرئيسية بشكل يعوض عن نواقص الاستثمارات العامة وإدخال تكنولوجيا جديدة وخبرة إدارية تدعم قدرة هذه القطاعات على المنافسة، علماً بأن الاستثمارات الجديدة التي تحركها قوى السوق تؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي بالقيمة الحقيقية.

– تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. فسوف تستخدم حصيلة عمليات الخصخصة، بعد طرح تكاليفها، لتخفيض الدين العام وعجز الموازنة. فإذا وافق المجلس النيابي الكريم على مشروع القانون المرفق فمن المتوقع أن تصل الإيرادات الصافية لتلك العمليات إلى ما بين أربعة وخمسة مليارات دولار خلال السنوات الخمس القادمة.

 

والى هذه الأهداف الرئيسية الثلاثة يمكن ان تقود عملية الخصخصة الى إجراءات أخرى تعد الحكومة بالوصول اليها وهي تلخص بالآتي:

– زيادة الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية وتخصيص مزيد من الموارد لتنمية المناطق المحرومة. فعملية الخصخصة، بوصفها جزءاً من مجموعة تدابير مصممة لإصلاح القطاع العام مالياً وإدارياً، سوف تحرر موارد مالية تتيح تركيز الجهود على قطاعات بالغة الأهمية تحتاج إلى استثمارات طويلة الأجل كالعناية الصحية والاستشفائية والتربوية وغيرها مما تحتاجه مجتمعات لبنانية واسعة.

-توسيع قاعدة الضريبة بنقل مرافق عامة اقتصادية إلى القطاع الخاص وهي مرافق سوف تخضع للضريبة فتزداد بذلك الإيرادات العامة من الضرائب.

-تطوير وتنويع الأسواق المالية فعمليات الخصخصة تؤدي إلى تعبئة الادخار القومي وتتيح تخصيص الموارد الرأسمالية بمزيد من الفعالية. وهي تشجع المواطنين المقيمين على إعادة مدخراتهم الخارجية إلى لبنان من أجل استثمارها في الاقتصاد الوطني، مما يؤدي إلى تحسين ميزان المدفوعات.

 

وما بين هذه النظريات والمعادلات يظهر ان ما هو موعود من الخطة الجديدة للكهرباء، لن يتم، ما لم يُخرق الدستور في مكان ما. فيخير المواطنون بين أمرين: إن ارادوا الطاقة وتوحيد فواتيرها مثلا، فعليهم القبول طوعا بتجاوز الدستور. وفي حال العكس، فلينتظروا لسنوات الى حين تربح الدولة “ورقة لوتو” لتغيير الواقع في كهرباء لبنان لتقوم بما يحتاجه القطاع!