Site icon IMLebanon

مساعي باسيل للتحكم بأجهزة الدولة اللبنانية تستفز حزب الله

يعمل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مسنودا بدعم الأب الروحي رئيس الجمهورية ميشال عون على تعزيز نفوذه سياسيا، والسعي للتحكم في مفاصل الدولة من قضاء وجيش وأجهزة أمنية، دون أن يقيم وزنا للتوازنات القائمة في البلد، الأمر الذي يثير “الحلفاء” و”الخصوم” على السواء.

وبالتوازي مع ذلك يسعى باسيل الذي يتولى منصب وزير الخارجية في حكومة سعد الحريري لكسب الرأي العام المحلي من خلال خطاباته الشعبوية واتخاذ مواقف وإجراءات تحرج الأطراف المقابلة كطرحه في آخر لحظة لورقة اقتصادية على مجلس الوزراء الذي كان على قاب قوسين من المصادقة على موازنة العام 2019، ليجد المجلس نفسه مضطرا لتأجيلها لمناقشة بنود تلك الورقة.

وبدا أن باسيل بخطوته تلك سعى لضرب عصفورين بحجر واحد فمن جهة أراد إظهار أن له دورا مؤثرا لا يمكن للقوى المشكلة للحكومة تجاوزه، ومن جهة ثانية أراد الإيحاء للشارع بعدم تحمله مسؤولية الموازنة بصيغتها الحالية التي تتضمن إجراءات تقشفية مؤلمة فرضتها الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، والإصلاحات المؤلمة التي تطالب بها الدول المانحة.

 

وتقول أوساط سياسية إن السياسة التي ينتهجها باسيل باتت مدعاة قلق بالنسبة لحزب الله الذي لم يعد ينظر للتيار الوطني الحر كحليف بقدر ما هو منافس يحاول ابتلاع الجميع، وأنه حان الوقت للجمه.

وتشير هذه الأوساط إلى أن هذا ما يفسر تصاعد الانتقادات من القوى المحسوبة على حزب الله ضد باسيل، وتركيز وسائل إعلام مقربة من الحزب على تحركات الأخير. وتحت عنوان “باسيل يريد تغيير قادة الأجهزة الأمنية”، سلطت صحيفة “الأخبار” اللبنانية الضوء الاثنين على محاولات رئيس التيار الوطني الحر، لوضع يده على أهم أجهزة الدولة من خلال الدفع بتعيينات جديدة تكون موالية له بالكامل.

وتحدثت عن محاولات رئيس التيار بدعم من عون إجراء تغييرات واسعة تمس الأجهزة الأمنية والقضاء. وذكرت أن الوزير يعمل على تأمين التأييد اللازم لإجراء تغيير يشمل القادة الأمنيين، باستثناء قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وأشارت إلى أن باسيل يريد أن يكون له تأثير مباشر في المؤسسة العسكرية، وقد أثار مؤخرا مسألة تغيير مدير مخابرات الجيش العميد طوني منصور، وتعيين آخر يختاره بنفسه.

ونقلت الصحيفة عمّا أسمتها بمصادر متابعة لنشاط وزير الخارجية، رفض باسيل المطلق لأي مقترح أوّلي بتمديد ولاية بعض الضباط لعامين إضافيين. وأشارت إلى أن باسيل وعون غير راضيين عن طوني منصور، لسبين رئيسيين هما: عدم اكتشافه مبكرا وجود “سوء إدارة أمنية” في لواء الحرس الجمهوري، وأداؤه دورا يراه باسيل سلبيا في تنسيق تحركات العسكريين المتقاعدين احتجاجا على مشروع الموازنة.

وتطرقت “الأخبار” إلى محاولات رئيس التيار الوطني الحر لجعل جهاز أمن الدولة “كله في يده”، بالبحث عن مدير جديد يؤمّن سيطرة مطلقة له بدل أن يتقاسم النفوذ مع أي ضابط آخر (بعض الضباط المحسوبين على الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري).

وفي ما يتعلق بالقضاء ذكرت الصحيفة أن “باسيل يخطط لإحداث تغييرات وإجراء تعيينات في مواقع يشغلها قضاة مسيحيون، ليعيّن أشخاصا يدينون بالولاء الصافي له. ولأجل ذلك، لا يريد أن يشاركه أحد في اختيار رئيس جديد لمجلس شورى الدولة، بينما يعمل لتغيير رئيس التفتيش المركزي جورج عطية، ويسوّق لطرح تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى وتسمية أعضاء مسيحيين فيه”.

وسبق أن أحرجت الصحيفة باسيل بنشرها لمحاضر لقاءات مسؤولين لبنانيين ونواب مع مسؤولين أميركيين في واشنطن، ليقلب الأخير الطاولة بالتقدم بطلب إجراء تحقيق قضائي بشأن مسربي تلك المحاضر والتي يعتقد أن مقربين من حزب الله في السلك الدبلوماسي هم من قاموا بذلك. ويرجح مراقبون أن حزب الله هو من يقف خلف المعطيات التي عرضتها صحيفة الأخبار، والتي رد عليها باسيل في وقت لاحق بقوله “كالعادة… نأسف ونتحسر على مثل هكذا أخبار”.

باسيل بخطوته تلك سعى لضرب عصفورين بحجر واحد فمن جهة أراد إظهار أن له دورا مؤثرا لا يمكن للقوى المشكلة للحكومة تجاوزه، ومن جهة ثانية أراد الإيحاء للشارع بعدم تحمله مسؤولية الموازنة بصيغتها الحالية
ويرى مراقبون أن انزعاج حزب الله من طموحات باسيل ليست وليدة تحركات الأخير في الأشهر الماضية، وهذا ما دفع الحزب إلى مباركة ضمنية لخطوات حليفه تيار المردة في التقارب مع حزبي الكتائب والقوات اللبنانية. ويعد الكتائب وخاصة القوات اللبنانية أحد أعتى خصوم حزب الله، بيد أن الأخير ينظر للتقارب بين الطرفين والمردة، فرصة لتشكيل جبهة مسيحية قادرة على التصدي لطموحات باسيل.

ويقول المراقبون إن الحزب لن يسعى لإنهاء التحالف مع التيار الوطني الحر فهو بحاجة ماسة إليه في هذه الظرفية الدقيقة التي يمر بها نتيجة الضغوط الأميركية عليه وعلى حليفته إيران، لكن الحزب سيحاول قدر الإمكان لجم التيار ومحاولة عرقلة مساعيه لوضع يده على أجهزة الدولة.

وهاجم النائب عن “التكتل الوطني” جهاد الصمد مؤخرا باسيل قائلا “الوزير باسيل هو الذي يحكم لبنان، بالأمن وبالخارجية والاقتصاد”. وأضاف أن “باسيل يستغل الخلاف السني الشيعي الذي حصل بعد اغتيال الرئيس الحريري، فبات الأقوى سنيا كما الأقوى شيعيا يعمل على إرضاء باسيل، وحزب الله مضطر لمسايرته لتجنب إلهائه داخليا في معارك جانبية”.